الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

موضة الكوادر


في الآونة الأخيرة سمعنا وشاهدنا أخبار الزيادات والكوادر التي يطالب بها العاملون من خلال عدة وسائل، ورأينا كذلك كيف تستجيب حكومتنا الغنية لتلك المطالب من غير تأنٍ ودراسة واعية، وانني في هذه المقالة لست بصدد تقييم موضوع الزيادات والكوادر وآثارها الانتاجية والاقتصادية، ولكني سأذكر بعض الحقائق العلمية المتعلقة بموضوع التحفيز الخارجي (الكوادر والزيادات) وكذلك مدى حاجتنا الى نوع آخر من التحفيز وهو التحفيز الداخلي.


   لقد أثبتت الدراسات ان شريحة كبيرة من المديرين التنفيذيين يستخدمون التحفيز الخارجي (الكوادر والزيادات) لانهم يشعرون ببعض النتائج المؤقتة على المدى القصير في مؤسساتهم، ولقد أثبتت الدراسة ان استخدام هذه الطريقة لها آثار سلبية على المؤسسة والعاملين فيها، فمن ذلك «تقلل أداء العاملين في المؤسسة - تقضي على الإبداع - مشجعة للسلوكيات السلبية للعاملين - تعزز التفكير على المدى القصير من دون النظر الى المستقبل - إدمان على سلوك: لا أعمل من دون مكافأة أو عقاب».


 ان الإفراط في استخدام التحفيز الخارجي يدعونا الى ضرورة اعادة النظر بوسائل التحفيز التي نستخدمها في مؤسساتنا، فلا بد ان يكون لدينا نموذج مدروس بتأنٍ وعناية يجمع بين التحفيزين الخارجي والداخلي. ولقد رأينا ان بيئات العمل في مؤسستنا فقيرة جدا بعناصر التحفيز الداخلي.
ان توافر الرغبة والاستمتاع والتحدي في الأعمال التي نقوم بها هو احدى العلامات على وجود التحفيز الداخلي في مؤسساتنا، ولقد ذكر العلماء والمختصون العناصر الرئيسية التي تنتج التحفيز الداخلي وهي على النحو التالي:


1 - الاستقلالية في أداء الأعمال: وقد أشارت الدراسات الى ان المؤسسات التي أوجدت روح الاستقلالية للموظف قد حققت نسبة نمو تفوق 4 أضعاف المؤسسات التي تغلب على أجوائها السيطرة والمراقبة، ومع العلم ان تشجيع روح الاستقلالية لا يعني بأي شكل من الأشكال عدم رعاية المسؤولية أو عدم المحاسبة على التقصير.


2 - تشجيع روح التفوق والبراعة بين العاملين في المجالات والتخصصات التي يتقنها العاملون، ولعل من أخطائنا الإدارية الشائعة اننا لا نفرق بين ما يجب ان يفعله الموظف وبين ما لايستطيع ان يفعله الموظف، لذا فعلينا دائماً أن نعرف ما يستطيع ان يفعله الموظف قبل أن نوجب عليه أعمالاً لا يحسن أداءها فيكون الإخفاق والإماتة لروح التفوق والبراعة في نفسيات العاملين.


3 - حث العاملين على تحديد أهداف ذات قيمة مضافة على كل من المستوى الفردي والمؤسسي والمجتمعي، والتشجيع والدعم المستمرين لهم لتحقيقها. ولقد أشارت الدراسات الى ان الذي يضع أهداف ذات ربحية بحتة فقط دون قيمة مضافة وسامية عادة ما يكون أقل سعادة،وتغلب على
حياته الاضطرابات النفسية.


ولربما البعض قد يستصغر أهمية التحفيز الداخلي وآثاره الرائعة، ولعل أحد تلك الآثار كمثال موقع
Wikipedia وهو أول موقع معرفي للشعوب وخامس موقع في عدد الزائرين في العالم تميز وأصبح بالريادة بفضل آلاف الباحثين المتطوعين الذين امتلأت نفوسهم بعناصر التحفيز الداخلي والروح المعنوية العالية.


ختاماً علينا دائماً كأفراد ومؤسسات ان نحفز أنفسنا من الداخل وألا نكون رهينة لعناصر التحفيز الخارجي التي قد يستخدمها البعض لتثبيط همتنا ومعنوياتنا.
مراجع :
Drive: The Surprising Truth About What Motivates Us-Daniel H. Pink




عمر سالم المطوع
كاتب متخصص في الإدارة والموارد البشرية
Twitter:@omarSalmutawa

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

البيئة الإيجابية



إيجاد البيئة الإيجابية من الضرورات الحتمية لكل من أراد أن يكون له دور فعال ومتميز، سواء كان فرداً أو مجتمعاً. لذا فإن المحيط الذي نعيش فيه يساهم بشكل رئيسي في تطورنا وإبداعنا وتحقيق ذواتنا وأن نكون قيمة مضافة لمجتمعاتنا. إن حجر الأساس لبناء البيئة الإيجابية هما الفرد والمجتمع أو ما يسميه البعض «أنا» و«نحن»، فهما دائما يتفاعلان مع بعض لإيجاد مكونات البيئة الإيجابية. لذا فعلى الفرد أن يطور وينمي مهاراته وقدراته ليساهم في تقدم وارتقاء المجتمع، وكذلك على المجتمع بأفراده ومؤسساته أن يشجع ويحفز ويعتني بالفرد لكي يواصل هذا الفرد مسيرته في تطوير ذاته وبناء المجتمع وتقدمه. ولقد رأينا من يستفيد ويستنزف «نحن» وموارده البشرية والمادية لكي يُلمعَ نجم «أنا وحاشيته» من دون أي إضافة للمجتمع وللأسف هذا السلوك السلبي أصبح ظاهرة منتشرة فى مجتمعنا. بل أصبحنا نسمع عن عزوف العديد من الكفاءات المتميزة، لأنهم لم يجدوا البيئة الإيجابية التي تقدّر عطاءهم وتميزهم، ومن ذلك ما حصل لصديقي العزيز ماجد السرهيد ذي الإبداعات والمهارات المتميزة، فعندما تخرج في الجامعة عاد إلى الكويت للبحث عن وظيفة تقدر تميزه، وإذ به يُصدم بالفساد الإداري المتوج بالواسطة والمحسوبية، فقرر أن يعود الى أحد البلدان الغربية ويستقر فيها. ثم قام بمواصلة دراسته العليا على حسابه الشخصي، وكذلك قام بتأسيس شركته الخاصة، وذلك لتيقنه أن هناك بيئة إيجابية تُقدره وتدفعه إلى العطاء والإبداع.
ولقد ذكر المختصون والباحثون العديد من مكونات البيئة الإيجابية وقاموا بدراسة كل قطاع من قطاعات المجتمع على حدة، وحددوا المكونات التي تجعل ذلك القطاع إيجابيا. ولقد صنف بعضهم المكونات التي تخص قطاع المؤسسات الى مجموعتين رئيسيتين وهما المكونات الاستراتيجية والمكونات التشغيلية*.



فالمكونات الاستراتيجية يندرج تحتها:


1 - رؤية المؤسسة والمبادئ والقيم التي تلتزم بها، ويجب ان يكون لدى العاملين اقتناع تام والتزام كامل بها.

 
2 - تفاني القيادة وقدرتها على تحمّل المسؤولية وإدارة العاملين باحترافية. لذلك على القيادة أن تكون قادرة على تفهم حاجات العاملين والتعامل معهم وتحفيزهم وتقديرهم وبناء الثقة معهم.


3 - التواصل في المؤسسة، وهو ان يكون هناك تواصل إيجابي وفعال بين كل مستويات العاملين في المؤسسة، وذلك من خلال عدة وسائل وطرق، مما يحقق روح الفريق الواحد بين العاملين فى المؤسسة.


اما المكونات التشغيلية فتشمل العناية والاهتمام باختيار الموظفين الأكفاء وكذلك التركيز على التدريب والتعليم، فقد أشارت الدراسات إلى أن %81 من العاملين يزيد ولائهم وانتمائهم للمؤسسة بسبب اهتمام المؤسسة بتعليمهم وتدريبهم. ومن الناحية أخرى، فقد أشار الباحثون إلى اهمية وضوح اللوائح والسياسات لكل العاملين وان يكونوا ملمين بأنشطة وأعمال المؤسسة مما يجعلهم قادرين على تطويرها. ومن أهم المكونات التشغيلية للبيئة الإيجابية هو إحاطة العاملين بأداء المؤسسة، وان يعرفوا دورهم في تحقيق أهداف المؤسسة، وكذلك أن يكون هناك نظام واضح لإدارة المخاطر التي تتعرض لها المؤسسة سواء كانت داخلية او خارجية. وأشار الباحثون كذلك الى أهمية وجود نظام واضح للتعامل مع الخلافات التي تحدث من خلال المناقشات التي تتم داخل المؤسسة، لما لذلك من بالغ الأثر في المحافظة على البيئة الإيجابية، لأن النقاش داخل المؤسسة يجب أن يكون حول الأفكار ووجهات النظر وألا ينقلب الى عداوات شخصية.
ختاما نقول إن البيئة الإيجابية لن تتحقق إلا من خلال إيمان عميق بالفكرة وفهم دقيق لها وعمل جاد ومتواصل في تحقيقها في أرض الواقع، فليراجع كل مسؤول أداءه ويتأكد من توافر مكونات البيئة الإيجابية في المحيط الذي يشرف عليه ومن ثم يعزم على التغيير ويشرع في البناء لكي يأتي من بعده ويقول: «مر وهذا الأثر».



مراجع:
How positive is your work environment

                                                                                                   عمر سالم المطوع
                                                                              


             


مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...