الجمعة، 27 يوليو 2018

صناعة الأثر




تتزاحم الأفكار في مخيلتي عندما أتأمل الايام التي بين يدي، ثم أتساءل عن الأثر الذي سأتركه في حياتي وبعد مماتي، ثم أجيب نفسي وأقول لها ان رحلتنا في هذه الحياة قصيرة وأثناء هذه الرحلة الكل يصنع أثر،وهذا الأثر قد يكون نافع وقد يكون ضار وقد يكون عميق وممتد أو سطحي ومنقطع.وأنا على هذه الحاله من التأمل إستعرضت و بلمحة سريعة محاضرات ودروس ودورات تدريبية وكتب أثرت إيجابياً في حياتي فدعوت الله لأصحابها بكل خير ثم استعرضت علاقاتي بدءاً من الدائرة القريبة منى الى الأبعد فالأبعد وكيف كان لها أثر في حياتي سواءكان مفيدا أو ضاراً ،وهكذا بدأت بسلسلة متوالية من التأمل والتفكير في مفهوم صناعة الأثر وذلك تحديداً بعد حضوري لدوره تدريبية مكثفة في كلية الأعمال في جامعة اكسفورد، حيث كان محتوي الدورة عميق وممتع حيث ارشدنا المحاضرون للنظر لمفهوم (صناعة  الأثر)من عدة جوانب مختلفة وحتى تتضح الصورة اكثر للقارئ الكريم فأننى سأحرر بعض المصطلحات المشار اليها في النموذج أدناه.



المدخلات:
-على مستوي الفرد: هي الامكانات والقدرات والمهارات والعلاقات المتاحة للفرد التي تمكنه من تحقيق أهدافه.
-على مستوي المؤسسات: هي الموارد التي تستخدمها المؤسسة لتحقيق أهدافها علي سبيل المثال:- (رأس المال-الموارد البشرية-المواد الخام ......الخ)

العمليات:-
-على مستوي الفرد: هي الانشطة التي يقوم بها الفرد بناء على الامكانات والقدرات والمهارات والعلاقات التي يمتلكها وذلك لتحقيق اهدافه.
-على مستوي المؤسسات: هي الانشطة التي تقوم بها المؤسسة وفقا لأغراضها ونطاق عملها لتحويل المدخلات الى نتائج.

النتائج: -
-على مستوي الافراد: -هي الاشياء التي يمكن قياسها وكذلك يمكن مقارنتها  وربطها بالأهداف التي تم تحديدها من قبل الفرد.
-على مستوي المؤسسات: -هي الاشياء التي يمكن قياسها  نتيجة للعمليات التي تمت .،فعلي سبيل المثال (الارباح التي تحققت كمية الانتاج والخدمات .....الخ) وفى الأغلب يمكن حصرها وعدها.

المخرجات: -
-على مستوي الفرد: -هي النتائج التي أحدثت تغيير(ايجابي -سلبي) على مستوي الفرد وسلوكه ومستوي جودة الحياة التي يعيشها، والمخرجات أعمق من المفهوم المادي لقياس الاشياء.
-على مستوي المؤسسات:-هي النتائج التي حققتها المؤسسة وأحدثت تغيير(ايجابي-سلبي) على مستوي سلوك الافراد وبيئات العمل ومستوي جودة الحياة التي يعيشونها وهي تقاس على المدي المتوسط .

الأثر:-
-على مستوي الفرد: -هي التغييرات التى حصلت على حياة الفرد ومستوى جودة الحياة التى يعيشها  سواء كانت هذه التغييرات إيجابية أو سلبية وهى تقاس على المدى البعيد بالنسبة للفرد والمحيط الذي يعيش فيه.
-على مستوي المؤسسات: -هي التغييرات التي تحدثها المؤسسات على المجتمعات  والأرض سواء   كانت ايجابية او سلبية وتقاس على المدى البعيد   .


وهنا اود ان الفت الانتباه حول  المخرجات والاثر حيث إنهما متقاربان جداً ،وهناك جدل علمي بين الباحثين في هذا المجال، حيث يري البعض ان المخرجات والأثر وجهان لعملة واحدة والفرق الذي أراه حسب وجهه نظري ان المخرجات تعتني بالتغييرات على المدي المتوسط والاثر يعتني بالتغييرات على المدي البعيد، ومن المؤشرات المستخدمة  لقياس المخرجات والاثار  هي مدي تحقيقها لأهداف التنمية المستدامة (SDGs) التى اقرتها الامم المتحدة فى عام٢٠١٥، كما أود أبين إن التعريفات تكون اكثر وضوحا   ودقة و شمولية إذا تم تحديد النطاق الذى سيتم البدء من خلاله لتحقيق الرؤية والأهداف .

وبعد هذا الايضاح الموجز لمفردات النموذج أعلاه ، قد يظن البعض ان ما ذكرته أقرب الى الجانب النظري منه إلى الحقيقة ، ولكن الواقع الذي شاهدته خلال الدورة التدريبية والنماذج الفعلية التي تم عرضها  علينا من عدة قطاعات سواء كانت (ربحية-غير ربحية - حكومية)يؤكد لي ان (صناعة الاثر) وقياسه وإدارته من  الادوات الرئيسية المعمول بها  حاليا في بعض الدول المتقدمة وذلك بهدف بناء الافراد والمجتمعات وتغيير المفاهيم وتقويم أي تشوهات قد لا تتماشي مع الرؤية والاهداف  التي تتبناها تلك  الدول والمؤسسات وأصحاب النفوذ، لذا فإن صناعة الاثر وإدارته وقياسه  يحتاج الى طريقة تفكير عميقة ولغة مشتركة بين أصحاب القرار تتجاوز مستوي النتائج وتطمح  الى ما أبعد من ذلك من أثار  .

د.عمر سالم المطوع  



السبت، 21 يوليو 2018

صناعة الأثر - نموذج فردي




دخل الرجل الى أحد فروع الهايبر ماركت Tesco البريطانية الشهيرة - المنتشرة في ماليزيا- واشترى مشروبات وفواكه تعادل 7 دولار أمريكي (ليس بالمبلغ الكبير). وحاول الخروج بهم خلسة بدون الدفع

اقترب منه 'رضوان' مدير الفرع، حيث كان يتابعه مع الأمن على شاشات كاميرات المراقبة. أُسقط في يدي الرجل، واعترف فوراً بأن نيته كانت السرقة وعدم الدفع. هدأ 'رضوان' من روعه وطلب منه معرفة السبب الذي دفعه لذلك.قال الرجل انه ترك عمله منذ فترة، لرعاية زوجته وأولاده الثلاثة. كانت زوجته قد أنجبت حديثاً، وأصيبت بغيبوبة بعد الولادة
استبقى "رضوان" الرجل في الماركت، وذهب مع أحد أفراد الأمن الى منزل الرجل، ليتأكد من صدق الرواية. فلما تأكد من ذلك، عاد الى الماركت وأعطاه الأشياء التي اشتراها، ومنحه مبلغاً من المال، وعرض عليه وظيفة في الهايبر ماركت، وتكفلوا بنفقات التحاق الأطفال بالمدرسة.
القصة هزت ماليزيا في الأيام القليلة الماضية، حتى وصل صداها الى Tesco الرئيسي في بريطانيا. ونشرتها وكالات الأنباء العالمية

فانظر الى فعل 'رضوان'، ذاك المدير الشاب (الموجود بالصورة). فلو كان سلم الرجل للشرطة، لكان أمراً عادياً. فكثير من المحلات تحبط من يقومون بالسرقة، وتلزمهم بالدفع أو مقاضاتهم
أما 'رضوان' فقد سلك مسلكاً مختلفاً، بدافع الرحمةوبذلك فتح طريقاً شريفاً  لذلك الرجل، وبلغت شهرة 'رضوانالآفاق لصناعته لذلك الأثر الإيجابي فى حياة ذلك اللص،الذى سيعود حتماً بالخير على أولاده وزوجته ومجتمعه.

نقل وجمع  : د.عمر المطوع 

السبت، 7 يوليو 2018

الرؤساء التنفيذيون وأداء الشركات

من واقع تجربتي فى العمل بالقطاع الخاص، وتقلُدي لعدة مهام تنفيذية ، إتضح لى إن من أسباب تدنى إداء بعض الشركات هو عدم استيعاب وفهم بعض الرؤساء التنفيذين للخطوات التنفيذية التى يجب أن يقوموا بها لتحقيق رؤية واهداف المنظمة . حتى ان بعض الرؤساء التنفيذيين غير مدرك ان النشاط التشغيلي الرئيسي للشركة عاطل ولايصلح للعمل به.ومع هذا فهو غير مكترث ،والمصيبة الأكبر ان كبار التنفيذيين حوله يُطبلون له بما يُحب سماعه ويطُرب له ، فتكون النتيجة أداء سيّء ومتنامي بالإنحدار قد يصل الى حد أن يكون ظاهرة تعكس  عدم نضج القطاع الخاص وعدم قدرته على إدارة مشاريع التنمية التى تطرحها الدولة .

إن أداء الشركات مرهون بطريقة إدارة الرؤساء التنفيذيين لها وكيفية اتخاذ القرارات وإستقاء الاراء من الآخرين ولقد قام مجموعة من الباحثين فى مجال الاستراتيجيات بدراسةعلى مجموعة من الشركات ، حيث وجدوا أن هناك ارتباط  ذات علاقة  طردية بين  أداء بعض الشركات، وبين إسلوب الرؤساء التنفيذين فى إستقاء الاّراء من الآخرين حول القرارات التى سيتخذونها أو تم اتخاذها .



حيث وجدوا أن الرؤساء التنفيذيين 
للشركات ذات الاداء الضعيف 🔻
عادة ما يستقون الاراء من أشخاص  يشاركونهم نفس الأفكار والتوجهات وينظرون من نفس الزاوية التى يَرَوْن من خلالها الأشياء والاحداث .

ووجدوا كذلك أن الرؤساء التنفيذيين 
للشركات ذات الأداء الجيد 
عادةً مايستقون الاراء من أشخاص يخالفونهم فى طريقة التفكير والتوجهات ولديهم نظرة مختلفة فى تقييم الامور ، فيكون هناك مشاركة للعقول وفهم أدق وأشمل للأحداث.

الخلاصة:
 كل ماكان هناك تنوع فى  مصادر إستقاء الاراء والمعلومات من قبل القيادات  كلما كان ذلك عامل مؤثر فى تحسن الأداء ، وكلما كان هناك  أحادية ومصادر محدودة فى إستقاء الاراء والمعلومات كلما كان ذلك عامل مؤثر فى تدنى مستوي الأداء.

كتبه: د.عمرالمطوع
Omar_mutawa@yahoo.com


*Ref:
-Adam M. Grant,Original: How non conformists
Move the world.


-Steve G & Sergiy S, Surge: your Guid to put Any Idea into action.

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...