الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

الهروب بدرجة الامتياز

الهروب في اللغة يعني الفرار، وعادة ما يلجأ اليه الانسان عندما يخاف شيئاً ما، أما الهروب في عالم المال والأعمال فهو كذلك نوع من الفرار وعادة ما يلجأ اليه العاملون وبالأخص الطبقة القيادية عندما يشعرون بعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية، أو خوفاً من استنزاف قدراتهم المادية والمعنوية أو تحرزاً احتياطياً حتى لا يتم الكشف عن أخطائهم أو محاسبتهم عليها.
 
وفي سنوات الأزمة المالية وخصوصا السنتين الأخيرتين طالعتنا الصحف والقنوات الاعلامية بخبر هروب العديد من رؤساء مجالس الادارات والرؤساء التنفيذيين وخاصة في قطاع البنوك وقطاع الاستثمار وبعض القطاعات الأخرى، وحين تقرأ صياغة خبر الهروب وتتذكر تاريخ المؤسسة التي كان على رأسها هذه الشخصية لا يمكن أن تقول الا أنه هروب بدرجة الامتياز، فمثلا تجد أحدهم يبرر استقالته من منصبه لكي يتفرغ لادارة استثماراته الخاصة والاخر يبرر ذلك بعدم انسجامه مع الملاك الجدد وفي حقيقة الأمر ان الملاك قد كشفوا تلاعباته وسوء ادارته.
 
لذا فان المتأمل لطبيعة ذلك الهروب يجد ان الوضع المالي للشركة التي كان يرأسها ذلك الهارب في حالة تدهور تقود الى الانهيار، والوضع المالي للشخص الهارب (المستقيل) في نمو وازدهار بل في ثراء فاحش مقارنة لما كان عليه قبل تولي زمام تلك المسؤولية في تلك الشركة.
 
ان نماذج الهاربين بدرجة الامتياز قد حصلوا على تلك الدرجة لقدرتهم على التلاعب بأموال المساهمين بطرق قد تكون قانونية ولكنها بعيدة عن الأخلاق المهنية والأمانة حتى اذا ما شعر الهاربون ان القارب الذي يقودونه قد أوشك على الغرق تخلوا عنه وبرروا هروبهم بحجج واهية تبين عمق الخلل الذي ارتكبوه.
 
ان الهروب بدرجة الامتياز أصبح ثقافة في القطاع الخاص بل حتى في القطاع العام. فالكثير من القيادات غير حريصة على بناء مؤسسات مستقرة تواكب التطورات الحديثة في الادارة وتحافظ وتنمي الممتلكات، ولكن جل حرصهم الهروب بدرجة الامتياز من تلك المؤسسات بأرصدة شخصية متضخمة في البنوك تزيد من حسابهم الشديد في يوم الوعيد.
 
أخيراً: قال سيدنا عمر بن الخطاب «لا يُعْجِبَنَّكُمْ مِنَ الرَّجُلِ طَنْطَنَتُهُ، وَلَكِنْ مَنْ أَدَّى الأَمَانَةَ، وَكَفَّ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ، فَهُوَ الرَّجُلُ». ويقول سيدنا علي بن أبي طالب «أداء الأمانة مفتاح الرزق».

عمر سالم المطوع
متخصص في الادارة والموارد البشرية

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...