الجمعة، 30 أكتوبر 2015

نهضة المنظمة الدعوية




عندما يكثر الحديث عن مظاهر الضعف والترهل فى المنظمة الدعوية ، علينا أن نعرف إن بداية النهضة من ذلك التعثر والترهل يبدأ بتوبة صادقة من الغفلة التى اجتاحت قلوب مُنتسبيها ،وبمناجاة فى المِحْراب حتى تتنزل الرحمة على قلوب الدعاة العاملين فيها .
 
فلسنا بحاجة الى مشاريع كثيرة ولارؤي وإستراتيجيات متعددة،نحن بحاجة الى دعاة واعين للمسئولية التى على عاتقهم ولا يغرقون بتعقيدات الهياكل الادراية لمنظمتهم . لأن وعي الداعية  هو الخطوة الاولى فى نجاح المنظمة فى اداء رسالتها فى المجتمع  وتزداد أهمية ذلك الوعي فى مراحل الترهل التى تصيب المشاريع الدعوية حيث ان الوعي هو المفتاح الأهم نحو إيجاد حلول عميقة ومؤثرة لتعزيز التماسك الأخوى للدعاة وتوحيد جهودهم ولتقديم عطاءات راشدة فى اعمال الدعوة الى الله .

حتى تنهض المنظمة الدعوية من ترهلها... 

فإننا نحن بحاجة الى قيادة ابوية ،حانية وعطوفه على معشر الدعاة، تُقدر جهودهم وتلهمهم  لكي  يوظفوا امكانياتهم وطاقاتهم فى البناء ، قيادة يتسم إسلوب إدارتها لمشاريع الدعوة الى الله

 بمتوالية الميمات الثلاث( عزم، حزم ،حسم  ) ،وبثنائية ( التفاؤل والتفانى) فى الإنجاز

فإن عجزنا عن إيجاد تلك القيادة أو ذلك  القائد ، فإننا لن نعجز من إيجاد مجموعة قيادية  تتصف بتلك الصفات فبفضل الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم لن تعدم ذلك أبدا ، لذا فعلى أصحاب القرار فى المنظمة الدعوية أن يسعوا جادين فى إختيار الدعاة الاكفاء  للبدء بتكوين تلك المجموعة القيادية  التى تستطيع أن تنتشل المنظمة من ترهلها ، فنحن فى عصر تُدار به المنظمات من خلال الفريق القيادى وليس من خلال القيادة الفردية ، لأن حجم المسئولية وتزاحم الأعمال فى المنظمة الدعوية يتطلب فريق قيادى ذو كفاءة ، وليس مكتب تنفيذى يتم تشكيله ممن هو متواجد أمام الأعين فى الساحة ، بغض النظر عن مدى إنسجام أعضاء ذلك المكتب التنفيذى للمنظمة ومدى تفهمه وقدرته على إدارة المنظمة لتحقيق رسالتها واهدافها  . وهنا قد تجد بعض الدعاة يصيح بأعلى صوته بأنه لايوجد أحد فى الميدان وليس لنا إختيار غير الذى نراه أمامنا، ولعل الإختيار بهذه الطريقة سبيل لأن يُوقع المنظمة الدعوية بإخفاقات مستقبلية . وهنا على المنظمة الدعوية ان تتسائل عن سبب عزوف كوادرها عن تولى زمام المسئولية والقيادة فى المنظمة ، والإجابة على هذا السؤال يفتح أفاق رائعة لبناء منظمة دعوية مستديمة بإنجازاتها وبقوة قيادتها.

 نهضة الدعاة الى الله وصناعة المستقبل

لقد اعتدت فى فترة من حياتى الذهاب لزيارة الشيخ محمود عيد رحمه الله فى مصلي مجمع المثنى وهناك تعرفت على المستشار القانونى عثمان حسين اطال الله بعمره ، حيث كان يبلغ  من العمر  قرابة ٨٥ سنة ولقد كنا نزوره فى شقته فى نفس المُجمع لنستمع الى بعض الإشراقات الرائعة فى تفسيره لكتاب الله تعالى، وكذلك الى ذكرياته الدعوية مع الامام حسن البنّا رحمه الله،  حيث كان يصفهُ بأن لديه قدره عجيبة فى توظيف طاقات الشباب ولقد كان عطوفا رحمه الله على اخوانه الدعاة ويخشي ان يصيبهم الاذى بعدما اشتد التضييق على جماعته فى اخر ايام حياته. وذات يوم وأنا فى أحـد زياراتى للمستشار عثمان حسين ســـألته وانا فى عــــنفوان نشــــــاطى الدعـــــوى
 وقلت له: يااستاذ عثمان ماهو مستقبل الحركة الاسلامية بإعتقادك ؟

 فكان رده حفظه الله  :"يا ابنى لما لاتكون انت واخوانك  الدعاة صانعي لهذا المستقبل "

حفظ الله الاستاذ عثمان حسين فقد علمنى درساً رائعا فى هذه الحياة وهو أن لاأعيش فى خيال أفكار المستقبل وان لا أكون أسيراً لأحداث الماضى وان لا يكون عقلى مملؤا بكثرة التحليلات والتوقعات ، بل علي أن أتقدم خطوة للأمام نحو مستقبل مشرق لأمتنا الإسلامية .

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

الترقيات الراشدة


شركة قوقل رائدة محركات البحث فى شبكة الإنترنت ، تأسست عام 1996  ،و كانت بداية الفكرة عبارة عن مشروع بحثى لنيل درجة الدكتوراه لكلا من  السيد "بيدج" والسيد "برن"  فى جامعة ستانفورد فى الولايات المتحدة الامريكية ،والمتتبع لأخبار محركات البحث فى الإنترنت يجد إن قوقل  قد فرضت سيطرتها على مستخدمى الهواتف الذكية وأجهزة الحاسب الالى من خلال تقديمها العديد من التطبيقات الذكية والعملية للمستخدمين .   

ان نجاح شركة قوقل وغيرها من الشركات الرائدة مبنيٌ على عدة عوامل من اهم تلك العوامل العناية الواجبة فى الموارد البشرية للشركة واختيار الموظف المناسب للمكان المناسب داخل هياكل الشركة ،وأقرب مثال لذلك ماقامت به شركة قوقل من ترقية راشدة للموظف سوندار بيتشاي ليكون الرئيس التنفيذى الجديد للشركة.

لذا دعونى أخبركم من هو  سوندار بيتشاي ، حتى تعرفوا لماذا أسميتها ترقية راشدة .  لقد ولد سوندار بيتشاي في الهند، ونشأ ضمن عائلة فقيرة، وعاش هو وعائلته في منزل من غرفتين، حيث كان بيتشاي ينام على الأرض في غرفة المعيشة بجانب أخيه، ولم  تكن عائلته تملك  أي سيارة أو تلفاز، لقد قام بيتشاي بتطوير نفسه ليصل إلى ما هو عليه الآن، حيث كان مجداً فى الدراسة حتى أصبح من ألمع الطلاب أثناء دراسته الهندسة المعدنية في جامعة IIT Kharagpur فى الهند.وبعد إنهائه للمرحلة الجامعية حصل على منحة من جامعة ستانفورد، حيث إن تكلفة  تذكرة الطيران كانت أكثر مما يحصل عليه والده من رواتب لعام كامل ، وفى عام 2004 انضم بيتشاي إلى شركة قوقل ، وبدأ حياته العملية  هناك وعمل في عدة أقسام مختلفة حتى أصبح  الرئيس التنفيذى للشركة عن عمر يناهز 43 سنة . لقد عرضت عليه شركة "تويتر"  عرض مُغرى للعمل لديها إلا ان قوقل تمسكت به ضمن فريقها وقدمت له عرضا أفضل لأنها تُقدر قيمة العقول ولاتُضحى بأصولها البشرية. إن ترقية بيتشاى كرئيس تنفيذى رسخت العديد من القيم فى الفرق العاملة وما يجب ان تكون علية بيئة العمل داخل الشركة ومن ذلك السلوكيات الإيجابية التى كان يمارسها بيتشاى حيث يصفه زملاؤه بالتواضع والمهارة عاليه فى تكوين فرق العمل والتعامل مع المنازعات .




ختاما ،كم نحن متعطشون الى ترقيات راشدة فى مؤسسات دولنا سواء على مستوى  القطاع العام او الخاص ، لأن مثل تلك الترقيات تصنع بيئة عمل جادة ذات اثر إيجابى على العاملين وعلى المجتمع ككل ، لقد سئمنامن إسلوب التنفيع  والمحسوبية فى الترقيات و التعيينات حتى غدت بعض الجهات مصنفة لتيار أو طائفة أو قبيلة معينة  والامثلة فى ذلك كثيرة لاتعد ولاتحصى سواء على المستويات الوظيفية العليا او الدنيا .








د.عمر المطوع

الجمعة، 16 أكتوبر 2015

الدُعاة المُدراء


ظاهرة تجدُها بنسبٍ متفاوتة فى بعض المنظمات الدعوية ، وهى إن الدعاة الى الله القائمين على إدارة تلك المنظمات قد جَنحُوا فى طريقة إدارتهم وفى علاقتهم مع إخوانهم الدعاة الى الأسلوب الإدراي الروتينى المشابهه لماهو مستخدم فى الدوائر الحكومية والتجارية ،مما أدى إلى أن تتحوّل مشاعر الأخوة إلى علاقة جافة رسمية أشبه بعلاقة الموظفين داخل العمل، تغلب عليها السطحية وعدم الاهتمام بالآخر، وهو الأمر الذي يعيب  أجواء بعض المنظمات الدعوية ، ويجعلها غير قادرة على إيصال رسالتها.

ولعل من علامات هذه الظاهرة هو  إن اللقاءات الدورية لأعضاء المنظمة الدعوية أصبحت عديمة المشاعر الأخوية الصادقة لذا فقد تجد سيطرة مشاعر الفتور فى السلام والترحيب بين الأعضاء حتى  إن علاقتهم  ببعضهم  البعض لاتتجاوز تلك اللقاءات أو المتابعات الإدارية الدورية ولعل  من أسباب ذلك،ضعف التأصيل  الشَّرعي لجوانب الأخوة في الله وبيان أهميته فى الدعوة الى الله ،ومن الأسباب كذلك ضعف التربية الإيمانية حيث أصبح جُل إهتمام المنظمة  الجوانب السياسية والحركية والشهرة الإعلامية  بعيد عن تقوية معانى الأخوة  فى  الله  بين أعضائها.

إن  إزدياد ظاهرة" الدعاة المدراء " ذات علاقة طردية فى إزدياد ضعف روح العمل الجماعى بين أعضاء المنظمة ، لأن من طبيعة "الداعية المدير"  الإدارة عن طريق الإجتماعات فهو لا يُحسن النزول الى  الميدان وغير قادر على تحفيز الدعاة وتوظيف طاقاتهم فى سبيل إنجاح المشروع الدعوي للمنظمة ، لأن فهمه للواقع عادة مايكون من  خلال التقارير والنقاشات التى تتم حول الطاولة المستديرة ، ومن الملاحظ كذلك على  بعض  المنظمات الدعوية التى تفشت فيها ظاهرة "الدعاة المدراء" هو كثرة الإجتماعات وكثرة اللجان وكثرة المجاميع الضاغطة لعمل تعديلات هيكلية ولإعداد اللوائح  الخاصة بالصلاحيات الإداريه والتنظيمية ،لذا فإن  المشروع الدعوى  لمثل تلك المنظمات ظل يُراوح فى مكانه بإنتظار " الدعاة القادة " الذين ينتشلون المنظمة من عثرتها ويوجهوا قُدرات وإمكانات الأعضاء نحو رسالتها ويُعززوا  معانى الدعوة والاخوة فى الله وحسن الظن وسلامة الصدر  والإيثار  فى ثقافتها حتى يتوارثها الأجيال ويكون نتاجها السعى المستمر والدؤوب فى إصلاح المجتمع  وفتح أفاق جديدة للمشروع الدعوى للمنظمة .

 
والذى أراه إن كثيرا من إخفاقات المنظمات الدعوية التى تفشت فيها ظاهرة " الدعاة المدراء" ليس  له علاقة بالرؤية والاهداف والقيم  واللوائح التى تتبعها المنظمة ، بل سببه المباشر والصريح هو سلوكيات الادارة التى يمارسها الاعضاء المكلفين بمهام وحدات العمل المختلفة للمنظمة الدعوية ،حيث إن تلك السلوكيات  التى  يمارسها " الدعاة المدراء" كرست بعض المعانى السلبية  ،حيث جعلت أجواء العمل فى المنظمة طاردة وغير  قادرةعلى إستقطاب وتوظيف الطاقات ، لذا فحري بإدراة المنظمة الدعوية ان تُراجع وسائلها وأساليبها فى  إدارة الأعضاء العاملين حتى تتمكن من تحقيق  رسالتها فى المجتمع ، لأن أسلوب الادارة له دور فعال فى حيوية المنظمة الدعوية ، حيث تشير بعض  الدراسات التى أجريت على بعض المنظمات التطوعية إن من بين كل خمس  متطوعين  يغادر ثلاثة منهم العمل خلال فترة لاتتجاوز السنة  بسبب سوء الإدارة وضعف  إدارة جهودهم من قبل الجهة المشرفة .


ختاماً

على الأعضاء العاملين فى تلك المنظمات الدعوية التى تفشت فيها مظاهر الضعف أن لا يكونوا  معول للإحباط والانهزام بل عليهم أن يبادروا فى النصح وتقديم المبادرات التى تنهض بمستوى منظمتهم الدعوية  فليس كل مايحصل فى مثل تلك المنظمات يسير نحو الأسوأ، ففي غمرة كل الأحداث والمظاهر والسلوكيات،  والتقلبات السياسية، والتغيرات الاجتماعية، لازالت تلك المنظمات الدعوية شعاع نور فى مجتمعاتنا فعلينا  أن نُحي الأمل فى نفوسنا ونشحذ الهمم بعمل جاد نحو مستقبل مشرق بإذن الله .

 

 

الاثنين، 12 أكتوبر 2015

تفنيشات عالمية




والت ديزني صاحب الشخصية المحورية في تاريخ الرسوم المتحركة للأطفال، فمن منا لا يعرف الميكى ماوس والبطوط، لقد كان والت ديزني مساهم رئيسي في صناعة الترفيه في القرن العشرين، فقد ذاع صيته ونجاحه كمنتجاً سينمائياً مبدعاً في مجال الرسوم المتحركة وكصاحب الأفكار الرائدة في تصميم الحدائق والمنتزهات الترفيهية.

لقد ذكرت هذه المقدمة لأن أغلبنا سمع أو شاهد أو زار القيمة المضافة التي صنعها والت ديزني في مجال الترفيه. ولكننا قد لا نعرف أن والت ديزني كان يعمل في بداية حياته الوظيفية كرسام كاريكاتير في احد الصحف المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية ولقد تمت إقالته من قبل رئيس تحرير الصحيفة لأنه لم يكن لديه أفكار إبداعية في رسوم الكاريكاتير، إن إقالة والت ديزني لم تفقده الثقة بنفسه وقدراته بل كانت دافعاً له للعمل الجاد نحو صناعة إمبراطورية كاملة في مجال الترفيه.

أما الشخصية الثانية فهو " والاس جونسون " ذلك الشاب الذي التحق في احد مصانع الخشب، حيث قضي أحلى أيام شبابه في هذا المصنع ولكنه فوجئ عندما بلغ الأربعين سنة من عمره وهو لايزال بكمال قوته  بأن رئيسه في العمل يُبلغه بأن عليه أن يغادر المصنع نهائيا حيث إنه مطرود من عمله. لقد كانت صدمة  قاسيه بالنسبه له  ولكنه لم يستكين بل أخبر زوجته بأنه سيرهن البيت وسيأخذ تمويلا من البنك وسيمتهن مقاولات البناء وهكذا بدأ ببناء بيوت صغيرة وبدأ حجم أعمال المقاولات يزداد شيئا فشيئا وخلال خمسة أعوام أصبح إسماً لامعا يمتلك ثروة هائلة، فهو المؤسس والمطور العقاري لسلسله فنادق (هوليدي إن) فقد طور عدداً كبيراً من الفنادق والمنتجعات  وبيوت الاستشفاء حول العالم.

 

أمام عينيك.......

 نماذج عالمية رائده كان بداية نجاحهم ،إقالتهم من الوظيفة التي كانوا يعملون فيها، لذا عندما يأتيك خبر كهذا لاتنصدم ولا تكتئب وتذكر قول الله تعالى: "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"

 

 لذا سأضع بين يديك بعض النصائح في حال تلقيك خبر الإقالة :

 

1-   غادر المؤسسة بشكل لائق واضبط انفعالاتك فأي ردة فعل سلبية قد تؤثر على مستقبلك الوظيفى.

2-   لا تلوم نفسك بسبب الإقالة، فقرار الإقالة قد يحدث لكل الناس والأسباب متفاوتة، لذا لا تفقد ثقتك بنفسك وقدراتك.

3-   لا تمنع نفسك من التعبير عن مشاعرك الداخلية، كأن تطلب الدعم من المقربين لك وتخبرهم بمشاعرك وتشاورهم بما تنوى القيام به.

4-   لا تنشر خبر إقالتك إلا بعد مضي وقت كافي  لعل الفترة المناسبة  تكون (خمسة أيام عمل).

5-   ركز خلال فترة السماح على إيجاد فرصة عمل جديدة أو البداية بمشروعك الشخصي.

6-   إحتفظ ببعض المستندات المهمة التي تحتاجها قبل أن تغادر المؤسسة.

7-   لا تقم بالتوقيع على أي مذكرة قانونية إلا بعد مراجعتها ملياً.

8-   بعض المؤسسات تعطيك خيار الإستقالة بدلا عن الإقالة، لذا لا تتسرع بالموافقة إلا بعد معرفة الإيجابيات والسلبيات المترتبة على ذلك.

9-   حاول أن تحصل على شهادات رسمية من مؤسستك تفيد عن سنوات الخبرة التي قضيتها والمشاريع التى أنجزتها بنجاح.


ختاما :
قال  الامام الشافعى رحمه الله
 توكلتُ في رزقي على اللّهِ خالقي      وأيقنْتُ أن اللّهَ لاشكَّ رازقـــــي
  وما يكُ من رزقي فليس يفوتُنى       ولو كانَ في قاعِ البحارِ العوامقِ
سيأتي به اللّهُ العظيمُ بفضــــــــلِه        ولولم يكنْ مني اللسانُ بناطقِ
ففي أيِّ شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرةٌ       وقد قسمَ الرحمنُ رزقَ الخلائقِ
 
د.عمر المطوع



 

الجمعة، 9 أكتوبر 2015

أيها الدعاة إلى الله كونوا على خطى الصدّيق رضي الله عنه


قالها رضى الله عنه ورسم منهجاً لما ينبغى أن يكون عليه الدعاة الى الله حين يُحار الفكر وتتفاوت الأفهام.. خرجت كلماته من اعماق قلبه ووقف سداً منيعا أمام تيار الردة  فقال رضي الله عنه.

      (أينقص هذا الدين وأنا حي).

وتوالت مواكب الدعاة الصادقين  الى عصرنا الحالى تهتف بما هتف به أبوبكر الصديق رضى الله عنه....
      (أينقص هذا الدين وأنا حي ).

فها هو أمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله  تمثل نفس المنهج ووقف وحده كالطود الأشم في محنة خلق القرآن، وهاهو صلاح الدين الأيوبى لا يأبه بكلام المُحبطين وينطلق نحو المسجد الأقصى محققاً النصر المبين .... وهكذا  ستجد إن فى كل زمان من يبرى لأمر هذا الدين  سائراً على خطى الصديق رضى الله عنه، فهؤلاء الأفذاذ  لايستوحشون من قلة السالكين، ولا يلتفتون لكثرة المخذلين، ولا يكترثون بمخالفة الناكبين، قلوبهم لا تعرف التثاؤب ولا الراحة ولا السكون ولا الترف.


أيها الدعاة الى الله ....

إن الدعوة الى الله لا تقتصر على جماعة أو جمعية أو منظمة معينة بل هي أ كبر من ذلك بكثير والموفق فينا من يستخدمه الله عزوجل  فى أن يكون (داعية الي الله).

يقول الشهيد عبدالقادر عودة رحمه الله :
(إنها دعوة الله وليست دعوة أشخاص، وإن الله علم المسلمين أن الدعوة ترتبط به ولا ترتبط بالدعاة إليها، وأن حظ الأشخاص منها أن من عمل لها أكرمه الله بعمله، ومن ترك العمل لها فقد أبعد الخير عن نفسه، وما يضر الدعوة شيئا ).

حتى نكون على نهج الصدّيق رضي الله عنه  ..

فإننا بحاجة أن نتواصى ونتعاهد فيما بيننا على الدعوة الى الله ولايكون ذلك الا بالعلم والعمل لأن الحق لا ينوجد في واقع الحياة بمجرد قناعتنا وإيماننا به فكم من فكرة حقٍ ضاعت لأنها لم تجد من يضحى ويصبر من أجلها. وكذلك علينا أن نغرس حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فى قلوبنا، فذلك الحب  يثمر الإتباع الصحيح لهديه صلى الله عليه وسلم ويجنبنا مزالق أهل البدع والاهواء.

 يقول سيد قطب رحمه الله :
((فالقلوب المؤمنة التى إنطوت على حب الله ورسوله وحب الدعوة اليه تجدها دائما تهفو بمحبة الله فى كل حركة وعمل وسكنة من سكناتهم.....)) سيد قطب.


والدعاة اليوم أحوج مايكونوا الى تزكية النفس والعبادات القلبية ، فجفاف أرواح الدعاة جعلت إجتماعهم اقرب مايكون  الى نوادي ومنتديات ظاهر علاقاتهم فيها الادارة والمتابعة ، لذا فالمتامل فى حياة أبوبكر الصديق رضى الله عنه سيتعرف  على أساس الدافعية ومعايير التسابق .

قال ابن رجب فى اللطائف : قال بكر المزني: ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام، ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في صدره

قال بعض العلماء المتقدمين: الذي وقر في صدره هو حب الله ورسوله، والنصيحة لخلقه.

                                                      

          وإذا صفت لله نية مصلح            مال العباد عليه بالأرواح


ختاماً: بشروا ولاتنفروا ....

فالبشارة خلق كريم يتحلى به الدعاة الربانيون فيقومون ويبشرون الناس بعظمة وجمال شريعتنا الإسلامية الغراء، فالبشارة من صفة الانبياء والمرسلين
 فقد قال الله تعالى: (كان الناس أمةً واحدةً فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين).
وقوله تعالى: (ومانرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن أمن وأصلح فلاخوف عليهم ولاهم يحزنون)  .


أيها الدعاة...
انظروا ودققوا فهمكم كيف ان الله عزوجل قدم البشارة على الإنذار فماعلينا إلا أن نُقدم أسلوب البشارة والترغيب فى دعوة الى الله عزوجل فالأصل فى الحق انه يبشر أصحاب النفوس السليمة ويحثها على فعل الخيرات لأن تلك النفوس ما إن تسمع نداء الإيمان إلا وتتغير به ، فيظهر البشر والإنبساط على وجوههم  لما تذوقوا من حلاوة الايمان.

ولقد قال النبى صلى الله عليه وسلم عندما بعث أبى موسى الأشعرى ومعاذ بن جبل رضى الله عنهما الى اليمن ((يسرا ولاتعسرا، وبشرا ولاتنفرا، وتطاوعا ولاتختلفا))  رواه البخارى


                    إذا قلت كنت للقول فاعلا               وكان حيائى كافلي وضمينى
 
                    تبشرُعنى بالوفاء بشاشتي            وينطق نور الصدق فوق جبيني



كتبه عمر المطوع



مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...