الخميس، 31 ديسمبر 2015

نحو مفاتيح أمنة لإدارة تغيير ناجحة في المنظمات التطوعية


7-  سلسلةنحو إدارة عمل تطوعى متميز

التغيير أمر ثابت في حياتنا سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي. وكلنا يمارس ذلك التغيير ، والبعض قد ينجح فى ذلك ويحقق نتائج باهرة والبعض الاخر قد يفشل ويكون حاله أسوء من قبل . ولقد أطلعت خلال سنوات دراستي في مجال إدارة المتطوعين والمنظمات التطوعية كيف إن موضوع التغيير في المنظمات يشكل ضرورة لقيادة المنظمة التطوعية ، حيث تشعر قيادة المنظمة بين فترة وأخرى بأهمية التغيير لتحقيق رسالة وأهداف المنظمة التطوعية وللإرتقاء بالخدمة المقدمة من المنظمة إلى الشريحة المستهدفة.

ومن الملاحظ فى مجال إدارة المتطوعين ، إن  بعض قيادات المنظمات التطوعية ما إن  تبدأ في الخطوات الفعلية لتغيير إلا وتتفاجىء بمقاومة المتطوعين العاملين في المنظمة من خلال ردود فعلهم العنيفة أو التفاعل السلبي مع موضوع التغيير الذي قد يهدد كيان المنظمة التطوعية مستقبلاً ويضعف دورها وتأثيرها  المجتمعى في أداء رسالتها.


لذا أود في هذه الرسالة أن ألفت انتباه المتطوعين وإدارة المنظمات التطوعية  إلى بعض المفاتيح الامنة لإنجاح عملية التغيير فى المنظمة التطوعية .

 

المفتاح الاول :فهم ثقافة المنظمة التطوعية

ما أعنيه بثقافة المنظمة التطوعية هو أسلوب الإدارة والتفاعل السائد في المنظمة وهو نتاج مجموعة القيم والمعتقدات والمفاهيم وطرق التفكير التي يتبناها المتطوعين في المنظمة والتي تتكون بشكل تراكمي منذ تأسيس المنظمة التطوعية .

إن تفهم ثقافة المنظمة التطوعية مهم لقيادة المنظمة التي تسعى للتغيير،وذلك حتى تعرف وتستخدم الأساليب المناسبة والفعالة فى إدارة التغيير ، ومثال ذلك فى بعض المنظمات التطوعية  يكون التغيير المستهدف هو التغيير بالوسائل ، ولكن يفهمه  بعض المتطوعين بأنه بالمبادئ والأعراف والقيم، فتكون مقاومة  تغييرأكبر.

 وقد تحتاج المنظمة التطوعية  فى بعض الأحيان إلى التغيير في الثقافة ولا شك إن مثل ذلك التغيير يستلزم وضوح كامل بالأسلوب الذى سيستخدم وتثقيف للمتطوعين وذلك لتقليل فجوات الخلاف بين المتطوعين وقيادة المنظمة أو المتطوعين فيما بينهم .

للمزيد حول ثقافة المنظمة التطوعية يمكنك زيارة مدونة الكناشة

 

 

المفتاح الثانى :فهم حاجات المتطوعين وطبيعة تعاملهم مع التغيير

فهم حاجات المتطوعين في المنظمة التطوعية يلعب دور رئيسى في نجاح مشاريع التغيير في المنظمة التطوعية، فعلي قيادة المنظمة التطوعية أن تدرك إن حاجات المتطوع التي دفعته للالتحاق بالمنظمة التطوعية تختلف باختلاف المرحلة العمرية وباختلاف  الطبيعة الشخصية لكل متطوع.

ولعل فهم حاجات المتطوع في المنظمة التطوعية، يدفع قيادة المنظمة التطوعية إلى تبنى عدة مشاريع داخل المنظمة لتحقيق رضا المتطوع ورفع مستوى التزامه في أداء المهمة التطوعية. ولقد كتبت حول موضوع فهم حاجات المتطوع فى مدونة الكناشة يمكن الرجوع اليه .

ولقد قام مجموعة من الباحثين ( Macduff,Nancy وأخرين )     بدراسة طبيعة المتطوعين مع موضوع التغيير من خلال محددين رئيسين وهما:

  1. نزعة الميل إلى التغيير من حيث (التغيير الجذري أو التغيير المتدرج ذات الإستقرار)
  2. نظرة المتطوع للأحداث من حيث إعتماد (الحقائق والبراهين الموثوقة أو من خلال الإعتماد على نظرته الشخصية وتحليله الخاص للأحداث)

ولقد تم تصنيف المتطوعين إلى أربعة أصناف: ( حيث يندرج بها اغلب المتطوعين كما افادت الدراسة)

  1. المتطوع " التقليدي "
  2. المتطوع " العابر "
  3. المتطوع " الأجتماعى- التغييرى"
  4.  المتطوع  "المبادر"

 











المتطوع التقليدي : أبرز ملامح شخصيته بإيجاز

  • أقرب إلى شخصية المدير وليس شخصية القائد.
  • يميل إلى التغيير التراكمي المستقر الذي يمكن التنبؤ بنتائجه.
  • يغلب عليه الترتيب والتنظيم في إدارة المهام التطوعية.
  • يقدم الخدمات والأنشطة التطوعية بشكل إعتيادي نمطي.
  • تعتمد عليهم المنظمة لإنجاح البرامج والأنشطة وذلك بسبب ترتيبهم وإنضباطهم ومهاراتهم التى يتميزون بها .

 

المتطوع العابر: أبرز ملامح شخصيته بإيجاز

  • هو متطوع أعجب برسالة المنظمة التطوعية ولديه وقت محدود يود أن يقدم به خدمة تطوعية.
  • إلتزامه تجاه المنظمةالتطوعية غير واضح ولا يمكن التنبؤ به.
  • يميل إلى التغيير التراكمي والمستقر.
  • عادة ما يقوم بأداء المهمة التطوعية بطريقة غير تقليدية.
  • وضوح المهمة التطوعية  والوقت  بالنسبة له عنصرين مهمين جداً.
  • يسعى إلى مشاركة  فرق العمل الفاعلة والجاذبة بأدائها
  • يتفاعل بقوة مع الأحداث الوقتية المفاجئة التي تتطلب تفاعل سريع.
  •  

المتطوع الإجتماعي التغييري : أبرز ملامح شخصيته بإيجاز

  • يميل ويبحث عن التغيير الجذري في البرامج والأنشطة وغيرها.
  • لا يرى بأهمية وجود مهام واضحة لكل متطوع لكي يساهم في العطاء التطوعي.
  • يرى أن الأهداف يجب أن تكون محددة وكل متطوع ينطلق ذاتياً بأسلوبه في تحقيق ذلك الهدف.
  • الإبتكارات الجديدة والبحث عن حلول جديدة للمشكلة يحفز هذا النوع من المتطوعين بشكل كبير.
  • يتداعى مع مجموعة من المتطوعين من خلال فريق عمل لإحداث تغيير شديد فى المنظمة وبرامجها.
  • من وسائل تحفيزه ، رؤية أثر أفكاره ومساهمته التطوعية فى تغيير أسلوب المنظمة التطوعية فى العمل .

 

المتطوع المبادر : أبرز ملامح شخصيته بإيجاز

  • يميل إلى التغيير الجذري وفق رؤيته ومنظوره الشخصي.
  • لديه القدرة العالية على العمل خارج منظومة المنظمة التطوعية مع إمكانية التعاون لتحقيق هدف ورسالة المنظمة.
  • لا يميل الى العمل من خلال مجاميع.
  • قد لا يمكن تحديد توصيف واضح له داخل المنظمة التطوعية.
  • المنظمات التطوعية تجد صعوبة في التعامل مع هذا النوع من المتطوعين.

 

المفتاح الثالث: لا تفاجئهم بالتغيير، وأستوعب أرائهم

القرارات المفاجئة بالتغيير داخل المنظمة التطوعية تصنع مقاومة كبيرة من قبل المتطوعين، لذا على قيادة المنظمة التطوعية أن لا تفاجئ المتطوعين بمثل تلك القرارات، وعليها كذلك أن تعقد جلسات حوار وتثقيف لكافة المتطوعين عن أهمية التغيير وما الداعي منه وكيفية تنفيذه  ،و أن يكون هناك تواصل واستيعاب لوجهات نظر المتطوعين وأخذها بعين الاعتبار لأنهم رأس المال البشري لأي عملية تغيير. ولعل التواصل والحوارات الممنهجة ذات أثر كبيرجداً في نجاح عميلة التغيير.ففي كثير من الأحيان المتطوعين يعارضون مشروع التغيير لأنهم غير قادرين على تصوره بشكل واضح ، ولا يعرفون كيف ستوظف قدراتهم وطاقتهم من خلال المشروع الجديد.

 

 المفتاح الرابع :معرفة الأدوار وإنسجام المتطوعين (أولوية)

إن معرفة الأدوار وتوصيفها بشكل واضح في مشروع التغيير الذى  تتبناه المنظمة التطوعية عامل رئيسي في البداية الصحيحة نحو تحقيق الهدف من التغيير وهو أولوية لكل قيادة تسعى للنجاح ، ويتزامن مع ذلك رفع نسبة الإنسجام بين المتطوعين كفريق عمل، فذلك الإنسجام مهم في إذابة الخلافات وتجاوز التحديات التي قد تعترض المنظمة التطوعية أثناء التغيير.وقيادة المنظمة التطوعية التى لا تسعى لتحقيق ذلك الإنسجام ، قد تواجه تحديات صعبة فى إدارة ملف التغييرعلى المدى المتوسط والبعيد.

 

 

 

 المفتاح الخامس :التعامل مع مقاومة المتطوعين

في حال تطبيق المفاتيح السابقة ولازال هناك مقاومة من قبل المتطوعين، فعلى قيادة المنظمة القيام بالتالي:

  • التأكد من الواقع العملي لمشروع التغيير، فقد يكون الواقع خلاف ما تم الإتفاق عليه.
  • الإستماع إلى أصوات المعارضة من المتطوعين والتواصل معهم للوصول إلى حل. 
  • عدم تجاهل المتطوعين القدماء أو أصحاب الخبرات، لابد من التفكير بوسائل جديدة لتوظيف طاقاتهم وتقدير حضورهم. 
  • تقبل وجود  متطوعين لن يرضوا بالتغيير وسيبقوا معارضين الى الأبد،  فعلى قيادة المنظمة أن تتواصل معهم بشكل دوري،وتكون واعية الى مستوى تأثيرهم .

 

 

ختامــاً

إن العمل التطوعي والمتطوعين يمثلون قيمة مضافة فى بناء المجتمعات، والتعامل معهم يجب أن لا يكون بأسلوب المنظمات  الربحية لأن بيئة العمل مختلفة ، و على قيادة االمنظمة ان تسعى فى تطبيق أفضل الممارسات الإدراية فى التعامل مع المتطوعين إذا أرادت أن تكون متميزة فى عطائها التطوعى

 


د.عمر سالم المطوع

 

مراجع :

بحث دكتوراة عن الممارسات الأدارية فى المجال التطوعى (د.عمر المطوع)

The Multi-Paradigm Model of Volunteer –(Macduff, Nanacy )

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...