السبت، 30 مارس 2013

صناعة التغيير

 

  تيدي ستودارد طالب في الصف الخامس، طبيعة شخصيته أنه مهمل وكسول ومنطوي على نفسه، وغالبا ما تظهر عليه ملامح الحزن والاكتئاب، لذلك كانت مدرسته تومسون متأكدة بيقين أنه يستحق الرسوب في هذه المرحلة الدراسية، وفي ذات يوم قامت تومسون بمراجعة السجلات الدراسية السابقة لتلاميذها وذلك كإجراء روتيني مطلوب من كل معلم في المدرسة ولكنها فوجئت بشيء ما!!
  لقد فوجئت بما كتبه مدرسو المراحل السابقة عن تيدي، فقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي ما يلي: «تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق». وكتب عنه معلمه في الصف الثاني: «تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب». أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب عنه: «لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده لم يكن مهتماً، وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر فيه إن لم تتخذ بعض الإجراءات». بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع: «تيدي تلميذ منطو على نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة، وليس لديه الكثير من الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس».
وهنا شعرت تومسون بالخجل من طريقة تعاملها مع تيدي، وفي ذات يوم قام التلاميذ بإعطاء هدايا للسيدة تومسون بمناسبة عيد ميلادها ولقد كانت هدية تيدي مغلفة بطريقة بشعة جدا، وقد كانت تحتوي على عقد ناقص ليس فيه الا بعض الأحجار وقارورة عطر ليس فيها الا الربع، وبدأت نظرات السخرية بين التلاميذ تتناقل استغرابا وتهكما من هدية تيدي لمدرسته، ولكن ما كان من تومسون الا أن أبدت إعجابها الشديد بجمال ذلك العقد ثم لبسته على عنقها ووضعت قطرات من العطر على معصمها. لقد كان هذا التصرف هو مفتاح التغيير لتيدي فقد جاء لمُدرسته في آخر اليوم الدراسي وقال لها: إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي!
 ومن تلك اللحظة أولت تومسون اهتماما خاصا بتيدي حتى أصبح تيدي من أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل، وأبرزهم ذكاء وتفوقاً، وفي نهاية العام الدراسي وضع تيدي على باب مدرسته مذكرة يقول فيها: «إنها أفضل معلمة قابلها في حياته»
  وهكذا انتقل تيدي الى المراحل الدراسية الاعلى، وكان يجتازها بتفوق، ولقد كانت خلال تلك الفترة بينه وبين تومسون رسائل، وكان في كل مرة يخبرها «بانها أفضل معلمة قابلها في حياته» وفي ذات يوم دعاها لحضور حفل زواجه فماكان من تومسون الا أن حضرت حفل الزفاف ولبست العقد الذي أهداها إياه تيدي منذ سنوات فما إن رآها حتى احتضنها وهمس في اذنها وقال: «أشكرك على ثقتك بيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أنك جعلتني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن أن أكون متميزاً»
  د. تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز «ستودارد» لعلاج السرطان في methodist hospital في ولاية Iowa بالولايات المتحدة الأميركية، ويعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة الأميركية،
  أخيرا اننا لن ننجح في صناعة التغيير مالم نغير بعض قناعتنا السلبية والمشوهة ومالم نغير سلوكنا وطريقة تفكيرنا ونجعلهما في الاتجاة الإيجابي.

عمر سالم المطوع
متخصص في الإدارة والموارد البشرية

الثلاثاء، 12 مارس 2013

النمطية قاتلة الإبداع

 

الأسلوب أو النمط المتعلّق بإدارة المؤسسة أو إدارة الفرد لذاته له علاقة مباشرة بالنجاح. ولقد رأيت تخلف الكثير عن مرتبة الريادة والتميز بسبب الجمود على نمط إداري واحد، مما نتجت عنه رتابة ونمطية قاتلتان للإبداع والتجديد. لذا، علينا ألا نستغرب عندما نجد مقومات النجاح واضحة عند بعض الأفراد والمؤسسات، ولكنها تتناقص شيئاً فشيئاً حتى يكون الفشل هو السمة البارزة لهم، وذلك بسبب اختيار النمط الإداري الخاطئ.
 
لذا، فإن مراجعة أساليب وأنماط الإدارة في المؤسسة له أثر كبير في تقدم المؤسسة، لأن ما قد يستخدم من أنماط وأساليب إدارية قبل عشر سنوات قد لا يصلح للفترة الحالية. وهنا، علينا أن نلاحظ أن تغيير نمط المؤسسة في إدارة أعمالها يحتاج إلى حكمة وجرأة حتى لا يكون لذلك التغيير آثار سلبية على سمعة المؤسسة وأدائها، فكثير من المؤسسات عندما تقرر البدء في خطوة التغيير، فإنها تستعين ببيوت الاستشارة لتقدم لها النموذج الأمثل لإدارة المؤسسة والخطوات التنفيذية لتطبيقه. ولكن في كثير من الأحيان لا تستطيع بيوت الاستشارة فهم الثقافة الإدارية التي نشأت عليها تلك المؤسسة، فتكون استشارتها بعيدة عن فهم الواقع، وحين تقوم الإدارة التنفيذية للمؤسسة بتطبيق النموذج الإداري الجديد الذي أوصت به الجهة الاستشارية الخارجية، فإنها تكتشف بعد فترة من التطبيق أنها طبّقته بطريقة ألحقت الضرر بسمعة المؤسسة وأدائها.
 
أما على مستوى الفرد، فعليه أن يعي أهمية إدارة ذاته بالطريقة الصحيحة التي تحقق له السعادة، فحينما يكتشف الإنسان أن نمط حياته هو السبب في الإخفاقات والأزمات التي تمر عليه، فحينها عليه أن يقرر ويبدأ في تغيير نمط حياته حتى تتبسم له الحياة، ويشعر بإشراقها، وعليه أن يجعل نمط حياته يحقق له التناغم بين متطلبات العقل والجسد والروح.
 
أخيراً، علينا أن ندرك أن اختيارنا للنمط الذي يناسبنا في الإدارة غالباً ما يكون مبنياً على خبراتنا وثقافتنا في الحياة، وهذا في حد ذاته قد يكون عائقاً لنا للنجاح إذا كانت خبراتنا وثقافتنا مبنية على تجارب وعادات سلبية جعلت تفكيرنا مشوهاً لا يستطيع تبني النمط الإيجابي ويقنع بما هو عليه من الإحباط بسبب بعض محاولات التغيير التي باءت بالفشل. يقول مارك توين: «لايمكن إلقاء العادات القديمة من نافذة الدور العلوي، بل يجب أن تنزل السلم بلطف درجة درجة في كل مرة».

عمر سالم المطوع
متخصص في الإدارة والموارد البشرية

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...