الخميس، 9 أبريل 2020

فايروس كورونا كارثة أم أزمة أم حالة طواريء

أثناء وقوع أحداث غير متوقعة يختلف الناس والقنوات الإعلامية  في تسميتها ، فالبعض يسميها كارثة والبعض يسميها أزمة وهناك من يسميها حالة طارئة أو ظرف استثنائي ، إن عدم وضوح المصطلحات لدي أفراد المجتمع ليس بذات الأهمية لأن هذه المعاني بينها تداخل كبير ، ولكن الخطورة تكمن عندما يكون متخذي القرار على غير دراية بالفرق بين تلك المصطلحات ، فالحكم على شيء جزء من تصوره ، وعندما يكون التصور خاطئ  ففي الأغلب تكون  الحلول وردود الفعل خاطئة أو متأخرة.ولذلك يتعين ضبط المصطلحات و بيان الفروق بين كل منها.

الكارثة:
 يعرفها الاتحاد الدولي لصليب والهلال الأحمر " باضطراب خطير يحدث خلال فترة قصيرة نسبيًا يتسبب في خسائر بشرية ومادية واقتصادية واسعة النطاق، والتي تتجاوز قدرة المجتمع على التغلب عليها باستخدام موارده الخاصة.
و هناك اجتهادات عديدة لتعريف مفهوم الكارثة الا انها لا تخرج عن الاطار العام الذي جرى عليه التعريف السالف البيان الا ان تلك التعريفات العديدة بمكن تلخيصها بالتعريف التالي :
"اضطراب مفاجئ ، قد تسبقه إشارات وإنذارات بسيطة أو قد يحصل بدون إنذار مسبق ويكون له تأثير خطير وقد يصل الى حد مأساوي بالنسبة لحياة المواطنين وحاجاتهم الضرورية ويكون له تأثير سلبي شديد على اقتصاد الدولة والحياة الاجتماعية"

الأزمة :
كانت بداية استخدام مصطلح الأزمة في العلوم الطبية والصحية  ثم انتقل الى العلوم الإنسانية الأخرى ويُعرف مركز إدارة الكوارث في جامعة لويزيانا الامريكية Louisiana state university ) )  الأزمة بالاتي :

  "بانها موقف وحالة ينتج عنها تهديد للقيم والأهداف والأنظمة والممتلكات ، وتتطلب استجابة عاجلة في ظل ظروف من عدم الوضوح واليقين"

 والمتأمل  في الأزمات يجدها ذات أحداث متسارعة  تجعل الكثير من متخذي القرار يواجهون صعوبة في السيطرة عليها واستشراف اتجاهاتها المستقبلية . وبعد استعراض موجز لتعريف الكارثة والأزمة  ،قد يتساءل البعض عن عدم وجود فروقات واضحة بينهما ، و سوف احاول في النقاط التالية توضيح بعض الفروقات : 

- أحد أشكال الكارثة عبارة عن نهاية مأساوية للأزمة .
- في الأزمة عنصر المفاجأة متصاعد أما في الكارثة فعنصر المفاجأة فيه نوع من المباغتة 
 -في الأزمة يمكن التدخل للحد والتخفيف من أثارها مبكراً ، أما في الكارثة قد يصعب علينا التدخل مبكراً
- وقوع الكارثة قد يؤدى الى أزمات غير متوقعة يصعب التعامل معها بوضوح .
- قد يكون هناك كارثة عالمية يكون تأثيرها ممتدا لخلق أزمات  في أقاليم ومناطق جغرافية او أسواق وقطاعات وأنشطة اقتصادية ، وقد يكون هناك كارثة إقليمية تكون سبباً لوجود أزمة عالمية. 

 الطوارئ :
وقبل تعريف ماهية الطوارئ دعونا  نقف على تعريف الحادث Accident  

حيث يمكن وصف الحادث بأنه ( عبارة عن حالة مفاجأة غير متوقعة تحدث بصورة سريعة وتنتهى هذه الحالة فور انقضاء الحادث،  فهي لا تتسم بالديمومة  وتنتهى  بانتهاء الحدث  وليس لها أي تداعيات وأثار جوهرية ) .

أما الطوارئ  فقد عرفها الباحث Allexander-2005

"بأنها عبارة عن حدث وقع بالفعل أومتوقع حدوثه وذات مخاطر فورية على الأفراد والمجتمعات ويتطلب استجابة سريعة والتنسيق بين الجهات المعنية للحيلولة دون تفاقم الوضع ".

وعرفها الباحث Jorgustin -2012   " بأنها مزيج من الظروف والأحداث التي تتطلب ردة فعل سريعة لمعالجة الأثر المترتب منها "

وتجدر الإشارة الى ان كثير من الدول في وباء فايروس كورونا لم تعلن عن حالة الطوارئ  المتعارف عليها كاجراء احترازي ضمن قرار سياسي فوقي بما يمنح  من صلاحيات استثنائية للحكومة مما يترتب عليها توقيف الكثير من الإجراءات والصلاحيات الاعتيادية التي تمارسها الدولة حتى يقرر الحاكم انتفاء الحاجة لحالة الطوارئ ولكنها اتخذت الكثير من القرارات التي تتوافق نتيجتها مع الأثار المترتبة على حالة الطوارئ مثل ( إغلاق الكثير من الأعمال التجارية واغلاق المدارس وتعطيل حركة السفر وتعطيل أعمال الجهات الحكومية وفرض حظر تجول).  

الخلاصة :
ما أراه من أحداث متسارعة في بلدنا والعالم حول التعامل مع فايروس كورونا  يجعلني أميل الى إن حالتنا في الكويت ودول المنطقة أقرب الي مفهوم الازمة من الكارثة. وعلينا ان ندرك خطورة التعامل مع وباء فايروس كورونا على إنه ظرف استثنائي وطارئ ويجب إنهائه بأسرع وقت ممكن فتلك الاستراتيجية في التعامل  يترتب عليها استنزاف لإمكانيات وقدرات الدولة في الفترة الأولى من العمر الافتراضي للأزمة (ميلاد- نمو-نضج- انحسار-تلاشي)، ثم نكتشف بعد فترة إننا في عمق أزمة أكثرشدة و لها أثار متعددة( اقتصادية – اجتماعية- مالية- سياسية ... الخ ) ، لذا لابد أن تدار الحالة التي نحن فيها  باستراتيجية إدارة أزمات  ولابد أن يكون هناك  فرق متخصصه في كل المجالات الحيوية يكون دورها زيادة إمكانيات وقدرات الدولة على التنبؤ والرصد والتأهب من أجل الحد من المخاطر والأضرار والتصدي لأي فجوات ممكن أن تحصل وتربك قدرتنا على رؤية المشهد بوضوح  ولا أقصد هنا بالمشهد المتعلق في الجانب الصحي فقط ولكن كافة الجوانب الأخرى التي بدأنا نلاحظ ملامح إخفاق في بعضها ، ولابد كذلك  ان يكون هناك فرق تنفيذية يتركز دورها في ترجمة القرارات المتخذة الى واقع على الأرض مع أهمية وجود تنسيق قوي بين كافة الأطراف وتغذية معلوماتية راجعة  ,feedback وفق منهجية تمكننا من الإستفادة منها في القرارات التي نتخذها .

في الشكل أعلاه توضيح لبعض المصطلحات التي ذكرتها واحتمالية تكررها والخسائر والأضرار المترتبة عليها



المراجع
-          -Jorgustin, K (2012) Disaster and emergency what the difference .modern-survival-ideology 
-         - Hajer,Menaha & other “Understanding the Terminologies: Disaster, Crisis and Emergency” Conference: 32nd Annual ARCOM Conference, 5-7 September 2016, Manchester, UK., At Manchester, UK, Volume: 2
-          -Alexander, D.A. (2005). An interpretation of disaster in terms of changes in culture, society and international relations. In R.W. Perry, & E.L. Quarantelli (Eds.), What is a disaster: New answers to old questions (pp. 25–38). Philadelphia: Xlibris


د.عمر المطوع



مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...