الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

مؤشرات النجاح الخاطئة

النجاح طموح يصبو اليه الافراد والمؤسسات، وهناك علامات تؤكد الاستحقاق لهذا النجاح، لذا نجد ان المتخصصين في موضوع التخطيط دائما ما يؤكدون على اهمية تحديد مؤشرات النجاح واهميتها تكمن في انها تحدد موقف الفرد او المؤسسة من حيث التقدم والتأخر في تحقيق الاهداف، فهي عبارة عن اشارات ترشدنا على صحة الطريق الذي نسلكه لتحقيق اهدافنا.
لقد تطور مفهوم مؤشرات النجاح في العمل المؤسسي من خلال عدة نظريات، احداها نظرية «الاداء المتوازن» والتي من خلالها يتم تحديد «مؤشرات قياس الاداء» وهي احد المقاييس الفاعلة في قياس نجاح المؤسسات، ولكن بعض المؤسسات لا تحسن استخدامه لانها تقوم بتحديد مؤشرات الاداء بطريقة غير منطقية وبعيدة عن واقع المؤسسة، فيكون الغموض في فهمها وعدم الوضوح في تطبيقها فتكون النتيجة اداء سلبيا وخللا قد ينهي حياة المؤسسة بسبب قياسنا للاداء بناء على مؤشرات اداء او نجاح خاطئة.
اما بالنسبة للفرد فهو بحاجة لتحديد مؤشرات النجاح لاهدافه الشخصية لانه بذلك يستطيع تحفيز نفسه ذاتيا من خلال تحقيق كل مؤشر من مؤشرات النجاح، فالانجاز يضاعف الانجاز ويجعل الفرد في تطلع دائم للارتقاء الى الافضل.
ان الخطأ في تحديد مؤشرات النجاح او الاداء وما قد يترتب عليه من نتائج سلبية ليس مدعاة للانسحاب من التحدي والتوقف عن تطوير الذات، بل هو وقفة نتعلم منها ونصحح فيها بعض وسائلنا وكذلك نغير فيها بعض قناعاتنا وطرقنا في تحليل المواضيع التي نديرها، لذا فإن سلوك التعلم من الاخطاء والاعتراف بها سلوك صحي يطور الفرد والمؤسسة، اما من يتجاهلها فهو لا يود الخير لنفسه او لمؤسسته، وكم رأينا من مؤسسات وافراد يتجاهلون التعلم من اخطائهم وذلك بهدف المحافظة على مكانتهم وهيبتهم، ولكنهم للاسف يقعون في اخطاء اكبر واشنع تسبب شروخا عميقة في بنية المؤسسة وانتكاسات مؤلمة في حياة الفرد، تكون نتيجتها فقدان المكانة والهيبة اللتين كانوا يسعون اليهما، ولعل من اهم اسباب التجاهل وعدم التعلم من الاخطاء هو ان البعض يقيس اداءه ونجاحه بمن هو اسوأ منه حالا، فيظن انه متميز ولا يحتاج للتقويم، وما اجمل ما قاله ابن عطاء الله السكندري - رحمه الله - في وصف ذلك: «ربما كنت مسيئاً فأراك الاحسان منك صحبتك لمن هو اسوأ منك حالا».
اخيراً في شركة IBM اخطأ احد المديرين التنفيذيين خطأ كلف الشركة 10 ملايين دولار، حينها بدأ هذا الموظف يهيئ نفسه للاستقالة، وما هي الا ايام حتى تم استدعاؤه من رئيس الشركة، فما كان من هذا الموظف الا ان بادر الرئيس وقال له: اعتقد انك تريد مني تقديم استقالتي.. أليس كذلك، حينها نظر اليه رئيس الشركة وقال له بالطبع لا يمكن للشركة ان تستغني عنك، لقد انفقنا للتو 10ملايين دولار في تدريبك.

عمر سالم المطوع

السبت، 15 ديسمبر 2012

الروزنامة الشخصية والتوازن

التكنولوجيا الحديثة وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وفرت لنا تقنيات رائعة لإدارة أوقاتنا من خلال برامج الرزنامة الشخصية أو برامج إدارة المهام وغيرها. ولكن الكثير منا يستخدم تلك البرامج فقط لإدارة مهام العمل ومواعيده، ولا يستخدمها بفعالية لإدارة حياته بتوازن وانسجام. فلا تجد في روزنامته موعد ذهابه لممارسة الرياضة أو موعد ذهابه للمنزل والاجتماع العائلي أو موعد تجديد روحانياته، من خلال ساعة الذكر والفكر وغيرها من المعاني والقيم التي يجب علينا أن نعكسها في روزنامتنا الشخصية لكي نخلق نوعا من التوازن في حياتنا. لقد بدأت عبارة التوازن بين العمل والحياة في الظهور في أماكن العمل بكثرة في أواخر الثمانينات من القرن العشرين. واليوم هذه العبارة أصبحت من الموضوعات الرئيسية في كتب الأعمال، ولدى الخبراء الاستشاريين وذلك لما يسببه اختلال التوازن من آثار سلبية خطرة على مستوى الفرد والمؤسسة. إن التوازن بين العمل والحياة يعبّر عن العلاقة بين إنجازات الحياة المهنية والحياة الشخصية أو ما يسمى بـ«الإشباع الشخصي» كالأسرة، والأصدقاء، والهوايات، والإسهامات المجتمعية، وهكذا.
إننا في زحمة العمل والحياة نقوم ببعض الممارسات التي لو تفكرنا فيها لوجدنا أننا مخطئون في حق أنفسنا. فمثلا الكثير منا يزحم إجازته السنوية بالعديد من الأنشطة والبرامج، حتى إذا انتهت إجازته يكون لسان حاله «أريد إجازة أخرى لكي أستريح من تعب هذه الإجازة». والبعض منا لا يخطط لساعات نومه واسترخائه ثم يشتكي من الإرهاق والأرق.
إن العادات السيئة في إدارة أوقاتنا لا تظهر فجأة، ولكن تترسخ بتكرار السلوك السلبي حتى تكون العادة مسيطرة على طريقة عملنا ويصعب علينا تغييرها. لذا فان أوقاتنا وما تحمله من أنشطة وفعاليات لها اثر كبير في نجاحنا في تحقيق التوازن في الأدوار المنوطة بنا في الحياة، فمن يهمل إدارة وقته ونشاطه بتوازن بلا شك فانه يعرض نفسه لضغوط قد تكون سببا رئيسياً في إعاقته عن العديد من الطموحات والأهداف التي يرغب في إنجازها. ويتبقى هناك شيء رئيسي للوصول لتوازن في حياتنا، وهو مدى تحقيقنا لذواتنا في الأنشطة التي نقوم بها خلال أوقاتنا.
أخيرا يقول المفكر التركي فتح الله كولن «أطول الناس عمراً ليس أكثرهم عيشاً، بل هم الذين استفادوا من عمرهم واستثمروه. لذا يمكن أن يكون هناك شخص قصير العمر عاش مائة سنة. ويمكن أن يكون هناك شخص عمره خمس عشرة سنة ولكن قامته تطاول السماء بأعماله المملوءة بركة وفيضاً»

عمر سالم المطوع

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

رشاش الماء البارد

       
وضع مجموعة من العلماء 5 قرود في قفص واحد، وفي وسط القفص يوجد سلم، وفي أعلى السلم بعض الموز. في كل مرة يصعد أحد القرود لأخذ الموز ويرش العلماء باقي القرود بالماء البارد. بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد لأخذ الموز، يقوم الباقون بمنعه وضربه حتى لا يرَّشون بالماء البارد، بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب بالرش. بعدها قرر العلماء أن يوقفوا رش الماء البارد وان يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قردا جديدا، فأول شيء قام به القرد الجديد أنه صعد السلم ليأخذ الموز، ولكن فورا قام الأربعة الباقون بضربه وإجباره على النزول. بعد عدة مرات من الضرب فهم القرد الجديد أن عليه ألا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب. قام العلماء مرة أخرى أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد، وحل به ما حل بالقرد البديل الأول، حتى أن القرد البديل الأول شارك مع زملائه بالضرب وهو لايدري لماذا يضرب. وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة حيث صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا. ومع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم لأخذ الموز… من دون أن يعرفوا ما السبب.
إن القصة التي أوردتها يتداولها البعض لتعزيز قيمة إدارية او للحديث عن نظرية اجتماعية في مجتمع من المجتمعات. ومانستخلصه من فائدة من تلك التجربة هو انه علينا بين الفترة والأخرى أن نراجع سلوكياتنا ونتساءل عن الدوافع والمسببات وراء تلك السلوكيات والتصرفات، وان نكون صرحاء مع أنفسنا عندما نكتشف إننا مخطئون، وان نسارع في تعديل أخطائنا، خصوصا إذا كنا نتولى مسؤولية قيادية حتى لانكرس ثقافة خاطئة ينشأ عليها أجيال متعاقبة ليعتقدوا انها من المبادئ والمسلمات الرئيسية في المؤسسة. وكذلك علينا أن نفتح آفاق الإبداع والابتكار للعاملين، فليس كل ما يفعله الأوائل يجب علينا أن نفعله بحذافيره وبالطريقة نفسها. فالتقليد الأعمى من غير وعي وإدراك عائق رئيسي في اكتشاف المهارات وتقدم المؤسسات. وكذلك نجد ان اسلوب العقاب من خلال رش الماء البارد على القرود يستخدمه بعض القياديين لإرهاب وتخويف أي موظف يحاول السعي جاهدا في تحقيق طموحاته بطريقة مشروعة. فيتفاجأ بأن إدارة المؤسسة قد وضعت منطقة حظر لايمكن لأحد الاقتراب منها، ومن يقترب منها يناله العقابان المادي والمعنوي، وبهذه الطريقة من الإدارة تتكرس القيم والثقافات الخاطئة في المؤسسة.
أخيرا نجد الكثير من العاملين في مؤسساتنا جياعا للتشجيع والتحفيز والعدالة وغيرها من القيم التي تدفع المؤسسات الى التقدم والإزدهار، لذا على إدارة المؤسسة أن تفتح الآفاق لهؤلاء وأن تستوعب حاجياتهم، والا تضع العراقيل والعوائق المقصودة أمامهم.
يقول المثل الالماني «انتظر... أصعب كلمة تقولها لجائع»



عمر سالم المطوع

الإمكانات والعلاقات

   
وجود المؤسسات والمنظمات هو نتاج طبيعي لجهود مجموعة من الأشخاص الحقيقيين أو الاعتباريين او هما معا. وذلك بهدف تحقيق هدف أو تقديم خدمة او منتج ما. ولتحقيق ذلك لابد من وجود عنصرين رئيسيين في كيان المؤسسة، وهما الامكانات والعلاقات. ولقد رأينا في العديد من المؤسسات إمكانات وقدرات رائعة، ولكنها لم تتمكن من تحقيق النجاح بسبب الضعف في العلاقات أو ما يسمى «إدارة الاتصالات». وعلى عكس ذلك هناك مؤسسات لديها علاقات قوية جدا حتى انها بقوة تلك العلاقات والاتصالات استطاعت غرس قناعات وتوقعات لدى العملاء خلاف الواقع وحقيقة إمكاناتها المحدودة، فكان الفشل الذريع المصحوب بفقد الثقة هو النتيجة الحتمية لذلك.
إن معرفة الإمكانات الحقيقية للمؤسسة من غير تضخيم او مبالغة تساهم في رسم خطة عمل واقعية يمكن تحقيقها بنجاح، لذلك نجد كثيرا من المؤسسات تبالغ في تقدير إمكاناتها وقدراتها فتقحم نفسها بمشاريع وتحديات عالية المخاطر من أجل الربح السريع وبناء الشهرة، وللأسف فان انتكاسة تلك المؤسسة لن تتضح بسرعة إلا بعد أن يحذو حذوها العديد من المؤسسات في القطاع نفسه، فيكون أثر الانتكاسة أعمق. ولعل تلك هي أحد الأسباب المهمة للواقع الذي يعيشه قطاع شركات الاستثمار بالكويت على سبيل المثال. ولو انتقلنا الى جانب العلاقات نجد ان المؤسسة بحاجة الى تقييم شبكة العلاقات التي تمتلكها وما هي أثرها في تحقيق أهداف المؤسسة، وذلك يحتاج الى مراجعة دورية للعلاقات الداخلية والخارجية للمؤسسة. ولعل من الممارسات الخاطئة المنتشرة في مؤسساتنا، استخدام قوة العلاقات للحصول على المناصب والمسميات على الرغم من الضعف الواضح في الإمكانات والقدرات، فيكون المسؤول عن المؤسسة شخصا ضعيفا، همه الاول والأخير هو المحافظة على مركزه من خلال بناء العلاقات المبنية على العطايا والرشى والهبات بعيدا عن مصلحة المؤسسة وتميزها، لذا فإن الاستخدام السيئ لقوة العلاقات من غير روح المسؤولية قد يؤدي الى انهيار كامل للمؤسسة.
وإذا أردنا النجاح للمؤسسة، فعلى قيادات المؤسسة ان تتعرف على إمكانات وعلاقات المؤسسة وما تحتويه من كوادر بشرية ومادية أثناء تحديد الخطة الاستراتيجية، وأن يكون لديهم تصور واضح للإمكانات والعلاقات التي يحتاجونها لتحقيق كل هدف من الأهداف الاستراتيجية، وان لا تكون الخطة الاستراتيجية مجرد عرف قائم بالمؤسسة من غير السعي الجاد لتحقيقه.
أخيرا عندما كان (هنري فورد) ينوي تعيين أحد المديرين الجدد، فإنه كان يأخذه معه لتناول الغذاء أولاً، لكي يعمل له اختبار، فإذا أضاف المدير المرتقب الملح إلى الطعام من دون أن يتذوقه أولاً، فإن فورد كان يرفض تعيينه، فقد كان فورد يعتبر هذا دلالة على أن المدير المرتقب سيقوم بتنفيذ الخطط الجديدة قبل أن يختبرها أولاً.
عمر سالم المطوع

إدارة الأزمة

كثيرا ما ترددت على مسامعنا في الآونة الاخيرة كلمة «أزمة»، وهي تعتبر مواقف معينة تتطلب منا التعامل معها بطريقة مختلفة، وقد تستلزم كذلك صفة الضرورة والاستعجال في معالجتها. ولقد عرف الباحثون والمختصون «الأزمة» على أنها «موقف ينتج عنه تغييرات ذات مخاطر متوقعة وغير متوقعة تهدد أهدافاً وقيماً ومعتقدات وممتلكات الأفراد والمنظمات والدول». ومن يدقق في «الأزمة» التي ألمت به أو بمؤسسته أو بمجتمعه يجد أن هناك من كان سبباً في الأزمة، وأن هناك من كان سبباً في تعقيدها أو تخفيفها، وهناك كذلك من كان سبباً في إدارتها حتى الانفراج. ولعل أهم ما يفيدنا في إدارة الأزمة هو استكشافها ومعرفة أبعادها، وقد أوصى بعض المختصين في إدارة الأزمات باستخدام علامات الاستفهام الخمس لتحقيق ذلك، وهي على النحو التالي:
- متى: أي متى حدثت الأزمة، ومتى علمنا بها، ومتى تطورت أبعادها.
- من: أي من هو مسبب الأزمة، ومن المستفيد منها، ومن المتضرر منها، ومن المؤيد لها، ومن المعارض لها، ومن المساند لها، ومن باستطاعته أن يوقفها.
- كيف: أي كيف بدأت الأزمة، وكيف تطورت، وكيف علمنا بها وكيف نوقفها.
- لماذا: أي لماذا ظهرت الأزمة، ولماذا استفحلت، ولماذا لم تتوقف، ولماذا نحاربها ولا نتركها لحالها.
- أين:- أي أين يتركز الخطر، وإلى أين سيمضي وبأي اتجاه.
بالإجابة على الأسئلة المذكورة أعلاه نستطيع تحديد ملامح السيناريوهات الأولية المناسبة لإدارة الأزمة، ومن هنا يتبين لنا أن إدارة الأزمة ليست بالأمر البسيط بل تحتاج إلى توفيق من الله العظيم وحنكة ودراية. والخطورة تكمن عندما تدار الأزمة بطريقة فردية تزيد الأمر تعقيدا وتولد لنا أزمات متكررة يصعب تفادي آثارها السلبية بوقت وجيز. فالهدف الرئيسي من إدارة الأزمة هو تجنب الأزمة والتقليل من أضرارها وتجنب تهديدها وذلك من خلال استكشاف الأزمة قبل وقوعها، وتحديد فريق العمل الذي يستطيع إدارتها، والتحضير والاستعداد لها واحتوائها واستعادة النشاط ومن ثم التعلم منها.
وأكد الباحثون والمختصون في الإدارة على ان أي أزمة تتطلب فريق عمل لإدارتها، ولابد أن تُمثل أعلى سلطة بالمؤسسة في هذا الفريق لأن الأزمة تتطلب ردود فعل غير تقليدية. ولابد كذلك من أن يضم الفريق عدداً من الخبراء في مجال اختصاص الأزمة وفي المجالات المختلفة المتعلقة بموضوع إدارة الأزمة. ولقد ذكروا كذلك عدة طرق لإدارة الأزمة منها التقليدي ومنها غير التقليدي.
أخيرا إن قيادة المؤسسة التي تتكرر في حقبتها أزمات كثيرة عليها أن تعيد النظر في أسلوبها وقدرتها على الإدارة، وعليها أن تتعلم كيفية اتخاذ القرارات الحكيمة لمعالجة الأزمات. إن القرارات الحكيمة للمؤسسات الكبرى لها ارتباط وثيق بالفريق الاستشاري للمؤسسة، لذا فعلى قيادة المؤسسة أن يكون لديها تقييم دوري للمستشارين لتتأكد من صلاحيتهم وقـدرتهم على تـقديم الاستشارة المناسبة لإدارة الأزمة وليس تعقيدها. يقول المثل الصيني: «حب المال يحول الحُكماء إلى بُلهاء». 


عمر سالم المطوع

الأحد، 4 نوفمبر 2012

الإيجابى الكويتى وسائق الباص

الإيجابية كلمة جميلة في معناها عميقة في أثرها، وهي سمة تحتاج الى اعتقاد وقناعة وممارسة مستمرة حتى تصبح صفة ملازمة للفرد والمؤسسة. إن الإيجابيين يملأون حياتنا بهجة وسعادة بعطائهم الدفاق الذي يجعلنا في بعض الأحيان نحتار من عطائهم ونتساءل كيف وصلوا الى تلك الروح المشرقة وهل خُلقوا كذلك ام لا؟ طبعاً لا.. ولكنهم اتخذوا قراراً في باطن عقولهم ووجدانهم بأن يكونوا إيجابيين ومارسوا ذلك، فتعمقت «الإيجابية» لديهم وخرجت بصورة سلوك يفيض على المحيط الذي يعيشون فيه.
لذا فعلينا أن ندرك أن الأفكار التى نؤمن بها هى التى تصنع طبيعة الحياة التى سنعيشها ،فعلينا دائماً أن نلاحظ طبيعة الأفكار التى تراودنا، وإن كانت طبيعتها سلبية بصورة مستمرة، فعلينا أن نقف وقفة جادة مع أنفسنا قبل أن نفاجأ بأننا في دائرة سلبية يصعب علينا الفكاك منها. إن تغيير أفكارنا وسلوكياتنا السلبية لن يتم بيوم وليلة بل يحتاج الى أن نوطد انفسنا على الصبر، ونتيقن إننا في نهاية الطريق سننعم بالإيجابية التى نحلم بها ونسمع عنها. إن الإيجابية تتطلب منا أن نعوّد عقولنا على التركيز على الجانب المملوء من الكوب، وأن نتعود كذلك على الرفض القاطع لكل فكرة سلبية تراودنا مهما كان حجم المعاناة التى حولنا.
إننا في مجتمعنا الكويتى بحاجة الى «الكويتى الإيجابي» الذي يؤمن بأن وراء كل شدة فرجا وإن مستقبل بلادنا سيكون مشرقاً حتماً، فيدفعه ذلك الايمان الى السلوك الإيجابي الراقى بعيدا عن لغة الإسفاف والسلبية. إننا في الكويت في هذا البلد الصغير نعانى أزمة لايحتمل السكوت عنها وهي «أزمة السلوك» يذكي نارها من لايريد الخير لهذا البلد. فلا تظنوا ان تغيير سلوك المجتمع وجعله إيجابياً سيتحقق بإعطاء الكوادر والهبات للمواطنيين او بالوقوف في ساحة الإرادة والصراخ. إن سلوك المجتمع يتغير عندما نحدد المكونات الرئيسية التى تؤثر في سلوك المواطن على سبيل المثال لا الحصر (الإعلام والتعليم وغيرها) ومن ثم نقوم بدراسة تلك المكونات وتحديد خطة استراتيجية لسلوك المجتمع الذي نطمح اليه واستخدام تلك المكونات في تغيير سلوك المجتمع للأفضل من خلال خطة تنفيذية واضحة المعالم يتعاون الجميع على تحقيقها.
ختاما إن الإيجابية تستلزم منا العطاء الذي يعزز تلك القيمة حتى تغدو حياتنا ومجتمعاتنا أكثر تفاؤلاً وإشراقاً.
ومما يروى أن أحد سائقي باص النقل العام في دينفر ـ أميركا نظر في وجوه الركاب، ثم أوقف الباص ونزل منه، ثم عاد بعد عدة دقائق ومعه علبة من الحلوى وأعطى كل راكب قطعة منها. ولما أجرت معه إحدى الجرائد مقابلة صحفية بخصوص هذا النوع من الكرم الذي كان يبدو غير عادي، قال «أنا لم أقم بعمل شيء كي أجذب انتباه الصحف، ولكني رأيت الكآبة على وجوه الركاب في ذلك اليوم، فقررت أن أقوم بعمل شيء يسعدهم، فأنا أشعر بالسعادة عند العطاء، وما قمت به ليس إلا شيئا بسيطا في هذا الجانب».

ياحلو البساطة

قيمة بدأنا نفتقدها في حياتنا وفي اعمالنا. بل إن سلوكياتنا في ظل ذلك التقدم الإداري والتكنولوجي أصبحت أكثر تعقيدا، حتى إن الكثير منا يحكم على الأفكار من خلال درجة تعقيدها بدلا من فائدتها وجدواها. ولاشك ان التفكير بهذه الطريقة مضيعة للوقت والجهد والمال. البساطة ما إن نفقدها في حياتنا الا ونفقد معها أجمل ما في سلوكنا البشري، والوصول الى البساطة في عالم مليء بالتعقيدات يحتاج الى مران وتدريب. فالبساطة لا تعني رمي المشاكل وراء ظهرك ولكنها تعني التعامل معها بأسلوب فاعل وإيجابي لا يدخلك في شراك التعقيد المزعج. إن جمال البساطة يحتاج منا بعض القرارات الجريئة لنتحرر من بعض الأفكار والسلوكيات التي ترسخت في أذهاننا بطريقة خاطئة حتى أصبحنا نمارسها بشكل تلقائي من غير أن نعرف انها سبب رئيسي في فقدان البساطة في حياتنا.
إن قيمة البساطة غير مرتبطة بحياة الأفراد فقط، ولكنها تشمل أنظمة وإجراءات المؤسسات والدول، فالبساطة هنا لا أعني بها السطحية والسذاجة ولكن اعني بها القوة، لأن الأشياء القوية غالبا ما تستمد قوتها من بساطتها. فمن السهل تعقيد الإجراءات واللوائح والانظمة ولكن المهمة الصعبة في تبسيطها بحيث تحتفظ بجوهرها وتتقدم في جودتها. إن الإدارة الناجحة هي التي تبسط الإجراءات من غير إخلال وضعف بالمخرجات بحيث يكون لها مراجعة دورية للانظمة واللوائح بهدف تطويرها الى الأفضل من حيث التبسيط والإنتاجية.
إن أكبر تحد يواجه الأفراد والمؤسسات في تحقيق البساطة هو اننا نعيش في مجتمعات ترفض البساطة وتحب التعقيدات التي تظهرنا امام الاخرين بزركشتنا المبالغ فيها، ولعل من أمثلة ذلك ما تقوم به بعض المؤسسات الاستشارية حينما تقدم تقارير معقدة وضخمة للجهات المعنية من غير النظر بعمق لمحتويات الحلول والاقتراحات التي تتضمنها تلك التقارير، ولعل من جــــــميل الطرائف في ذلك قصة ذلك الموظف الذي تسلم تقريراً من جهة استشارية فما إن تسلمه ووزنه بيده إلا وأرجعه على الفور مكتفيا بقوله «إن هذا التقرير ليس ثقيلا بما فيه الكفاية».
نحن فعلا بحاجة الى وقفة مراجعة نقيم فيها أفكارنا وسلوكنا. فلعلنا نستطيع من خلال ذلك معرفة أسباب داء التعقيد الذي غزا حياتنا ومؤسساتنا ونعرف السبيل الى البساطة التي تعيد التوازن الى انفسنا وعلاقاتنا، واخيرا ما زلت اتذكر كلمات صديقي العزيز فواز خالد الياسين حينما تواجهنا بعض الصعوبات، اذ يقول لي: «يا عمر سهلها تتسهل وصعبها تتصعب».

الأحد، 21 أكتوبر 2012

أبو الجودة في اليابان

 

                                      
اعتدنا في حياتنا اليومية على أن نصف منتجاً أو خدمة ما بالجودة العالية أو بالجودة الرديئة، ودلالة هذا الوصف تشير الى «النوعية الممتازة أو الأصلية».
إن الاهتمام بإدارة الجودة هو السمة الحضارية للمؤسسات الرائدة في العالم، وتوفر الموارد المالية والبشرية لا يكفي في تحقيق مفهوم الجودة. فالجودة عبارة عن ثقافة مؤسسة وسلوك عاملين واستراتيجية وقيادة تؤمن بأهمية الجودة، وأفضل مثال لذلك اليابان، فقد خرجت من الحرب العالمية الثانية كبلاد مهزومة ومدمرة، وأدركت أهمية المبادرة بكل جد واجتهاد في تحقيق معادلة النهضة، من خلال تبني العديد من نظريات النجاح، ومن تلك النظريات نظرية «إدارة الجودة» أو ما تسمى نظرية «ديمنج»، لقد قامت اليابان في بداية الخمسينات بتوجيه دعوة رسميه للعالم
W.Edwards Deming، ليساهم في مساعدتها في تحسين الإنتاجية والجودة، بل قامت بأكثر من ذلك، فقد أنشأت اليابان عام 1951 جائزة اسمتها باسمه «جائزة ديمنج»، تمنح سنوياً للشركة التي تتميز من حيث الابتكار في برامج إدارة الجودة، وقد عُرف ديمنج بلقب «أبو الجودة» في اليابان، وذلك للقيمة المضافة التي أحدثها في إدارة جودة الصناعة اليابانية.
إن نظرية ديمنج لإدارة الجودة ترتكز على أربع محاور (خطّط، نفّذ، افحص، باشر)، وتتكون نظريته من شقيين رئيسيين وهما «الجودة نفسها والمستهلك»، أي بمعنى الحصول على جودة عالية، وفي الوقت نفسه تحقيق رغبات المستهلك. لقد تطورت نظرية «ديمنج» في اليابان، وأصبحت تسمى نظرية رقابة الجودة الشاملةTotal Quality Control.
ولقد صاغ العالم ديمنج 14 مبدأ لتحقيق الجودة، ومن تلك المبادئ:
1ــ إزالة الحواجز والموانع التي تحرم العمال والإدارة من الشعور بالفخر مما أنجزوه.
2 ــ طرد الخوف لكي يستطيع الجميع العمل بكفاءة داخل المؤسسة.
3 ــ إعداد برامج فعالة للتثقيف والتطوير الذاتي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ديمنج، عندما قام بطرح نظريته في الولايات المتحدة في أواخر الأربعينات، تم تجاهله بشدة من قبل قادة الصناعة الاميركيين. ولعلنا نجد روح التجاهل هذه تسود العديد من مؤسساتنا، حتى أصبحت طاردة لكل من ينادي بالجودة والتميز والابتكار.
أخيراً، إذا أردنا أن ننهض بمؤسساتنا فلابد أن نسلك طريق الجودة والإتقان، وإلا سنكون في آخر الركب يلوم بعضنا بعضاً، ولن نقدم شيئا لأوطاننا.
يقول ابراهام لينكولين: «لا يضيع شيء ذو قيمة إذا صرفنا الوقت الكافي في اتقانه».

عمر سالم المطوع

السبت، 20 أكتوبر 2012

التركيز الإستراتيجى

في حياتنا العملية كثيراً ما نسمع عن التخطيط الاستراتيجي والخطة الاستراتيجية، بل اننا قد نكون مشاركين في أحد فرق العمل المسؤولة عن اعداد تلك الخطة.
إن مفهوم الخطة الاستراتيجية امسى في العديد من مؤسساتنا عبارة عن «استعراض عضلات» الادارة التنفيذية للمؤسسة، ولا يتجاوز ذلك الحد لانه عبارة فقط عن متطلب اداري يتم عرضه على اعضاء مجلس الادارة في المؤسسة من دون متابعة جادة لتحقيق تلك الاستراتيجية.
لذا فإنا لخطة الاستراتيجية التي تحددها المؤسسة لن تكون واقعاً إلا عندما تتقن الادارة التنفيذية مهارة «التركيز الاستراتيجي» وهي ما يسمى الادارة بالتركيز على الاهداف الاستراتيجية، وايجادها في نطاق العمل من خلال تقسيم الاستراتيجية على مستوى المنظمة الى مجموعة اهداف محددة ومركزة، يمكن متابعتها وتحقيق اعلى معدلات النجاح فيها.
ان الادارة بالتركيز الاستراتيجي عبارة عن تركيز الجهود وادارة الوقت بفاعلية لتحقيق افضل النتائج المرجوة للمؤسسة بعيداً عن القوالب التقليدية والروتينية.
إن من اهم متطلبات الادارة بالتركيز الاستراتيجي تحديد الاولويات بوضوح، وتحليل المهام المتعلقة بتلك الاولويات بدقة وتفصيل، ولقد ذكر المختصون ان من اهم مزايا هذا النوع من الادارة هو تبسيط اجراءات العمل والاستفادة من الوقت الفعلي لأداء الاعمال، والاهتمام بالجوانب الفنية من خلال التركيز على كيفية أداء الاعمال واصلاح القصور في الانظمة التشغيلية والتنفيذية للمؤسسة، ولقد طور الباحثون في علم الادارة عدة نماذج ووسائل لتفعيل الادارة بالتركيز الاستراتيجي ولعل نموذج Balanced Scorecard من النماذج الفاعلة في ذلك.
ولو انتقلنا إلى مستوى الفرد، فإن مهارة التركيز هي نقطة البداية في سبيل تحقيق التميز والإبداع، وهي مهارة تحتاج إلى تعليم وتدريب، ولعل من أهم العوائق التي تعيق الفرد عن إجادة تلك المهارة العمل في بيئة كثيرة الضجيج، وكذلك عدم وجود حافز للأعمال التي يقوم بها الفرد، بالإضافة إلى الاستسلام السريع للاحباطات وتزاحم الأولويات في العقل، علاوة إلى الإجهاد والتعب والمرض.
أخيراً يقول فليبيس بروكسل «إن حصر الاهتمام هو أول مقومات العبقرية». وقد ذكرتني تلك المقولة بقصة عن الإمام مالك، رضي الله عنه، عندما كان جالساً مع أصحابه فإذا بقائل يقول: لقد حضر الفيل، فخرج كل أصحاب مالك لينظروا إليه إلا واحدا يقال له يحيى ابن يحيى، وكان قد حضر من الأندلس إلى المدينة المنورة، ليسمع ويتعلم على يد الإمام مالك، رحمه الله. فتعجب الإمام مالك من صنيعه، فسأله لماذا لم تخرج لمشاهدة الفيل إذ انه غير موجود في الأندلس؟ فأجابه بكلمات تقطر بالحكمة: إنما جئت من الأندلس لأنظر إليك، وأتعلم من هديك وعلمك، لا لأنظر إلى الفيل، ومن يومها أعجب الإمام مالك به ولقبه بالعاقل، فأصبح يعرف «بعاقل أهل الأندلس».


عمر سالم المطوع

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

الملل الوظيفي

 

هل مللت من الذهاب للعمل كل يوم؟ هل ينتابك شعور الكره لوظيفتك ولكن لا تستطيع تركها؟ هل تتألم لأنك مقيد بسلاسل الوظيفة؟
أرجوك انتبه لنفسك، فأنت تقضي ثلث ساعات يومك في الوظيفة، فلا تجعل شعور الملل يتفاقم عندك لأن من طبيعة الملل انه يتسلل إلى النفس بهدوء حتى تفاجأ انك وقعت في شراكه ولا تستطيع أن تنفك منه حتى يصيبك الاكتئاب الذي يستنزف طاقتك البدنية والذهنية ويعرضك للمخاطر. فلقد أفادت منظمة الصحة العالمية بان الاكتئاب سيكون السبب الثاني للوفاة بحلول عام 2020.
إن الخطوة الأولى للتخلص من الملل الوظيفي الذي ينتابك هو أن تقف وقفة مراجعة مع نفسك تحدد فيها أولوياتك وأهدافك في الحياة وتبدأ ببرمجة يومياتك لتحقيق تلك الأهداف، فالحياة من غير هدف وطموح لا طعم لها. يقول الأديب توفيق الحكيم في احدى رواياته:
«إن أناساً كانوا يدعون الله أن يحقق لهم ما يتمنون، ولما استجاب الله دعاءهم أصبحوا يشعرون أنه لا هدف لهم ولا معنى لحياتهم، فأصبحوا يدعون الله أن يخلصهم من هذا الوضع الذي هم فيه».
وبعد ما حددت أولوياتك وأهدافك بادر بالتخلص من الروتين اليومي الذي عشش في رأسك من خلال التجديد بالأنشطة والوسائل التي تبعث الأمل والحيوية في نفسك، فالروتين اليومي يعميك عن اكتشاف القدرات والإمكانات التي بداخلك.
إن علاج الملل الوظيفي قد يكون من خلال علاج حاسم وهو ترك الوظيفة الحالية والالتحاق بوظيفة جديدة، ولكن كيف تحدد صحة قرارك في البقاء في الوظيفة أو تركها؟!..
إليك خمسة أسئلة ستساعدك إجابتك عنها في تحديد قرارك: -
1 - هل لدى مؤسستك التي تعمل بها ما يميزها من قيم وأساليب عمل وأهداف؟
2 - هل تشعر بالحماس لرؤية زملاء عملك بعد أيام العطلة؟
3 - هل يهتم أصحاب القرار بالمؤسسة بارائك؟
4 - هل تتعلم من مؤسستك ما يجعلك تتميز في المستقبل القريب؟
5 - هل تحصل على أجر كافٍ؟
أخيراً إن حياتك من صنع أفكارك والملل الذي ينتابك أنت الذي تجعله يتسلل إلى وجدانك... انهض الآن من إحباطك واصنع أمجادك فلن يقوم بذلك احدٌ غيرك. تقول الحكمة اليابانية «إذا سقطت سبع مرات، ستقوم في الثامنة».
 
 
 
 
 
عمر سالم المطوع
كاتب متخصص في الإدارة والموارد البشرية

الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

التفاحة الفاسدة والأسد الجائع


إن تبني السلوك السلبي من قبل العاملين في المؤسسة له اثر مباشر في تكريس الاجواء المحبطة فيها، والذي ينتج عنه تراكم روح الشكوى والسلبية في ذهنية الموظف، مما يقوده الى عدم الرغبة في اداء الواجب وضعف التنسيق والتعاون بين العاملين.
لذا فإن خطورة السلوك السلبي تكمن في سرعة انتشاره في المؤسسة في ظل قيادات مترهلة لا تستطيع ادراك وفهم سلوك العاملين بطريقة موضوعية، حتى تغدو المؤسسة بيئة مريضة منفرة لكل مبادرة جادة.
وقد سمعنا كثيرا في حياتنا مثل ان «التفاحة الفاسدة في الصندوق تتلف باقي التفاح». وهنا تشير احدى الدراسات
* الى ان اهم اسباب انتشار السلوك السلبي بين اعضاء الفريق، هو ان الفرد صاحب السلوك السلبي يتميز بشخصية قوية او صلاحية كبيرة تفوق باقي اعضاء الفريق، لذلك فهم يكونون فريسة سهلة لتفشي السلوك السلبي، والاجواء المحبطة بينهم، لانهم ضعفاء ولا يمتلكون قوة الشخصية والصلاحيات والخبرة الكافية التي تمكنهم من ايقاف هذا السلوك المنبثق من ذلك الفرد.
ومن المعلوم عند اهل الادارة ان كفاءة الافراد تعتمد على عنصرين اساسيين وهما: القدرة على اداء العمل، والرغبة فيه. ولا شك في ان السلوك السلبي (وآثاره على بيئة العمل) يقتل تلك الكفاءة الموجودة عند الافراد.
ان من اهم وسائل العلاج هو تبني ادارة المؤسسة لاستراتيجيات متنوعة في التحفيز، لان التحفيز يمنع اجواء الاحباط، ويدفع العاملين الى الانتاجية العالية والكفاءة. وكذلك من وسائل العلاج تشجيع السلوكيات الايجابية للعاملين، بدلا من إلقاء اللوم والتأنيب اتجاه السلوكيات السلبية لديهم، وكذلك اختيار العاملين الذين يتسمون بالايجابية للمناصب الاشرافية والقيادية، لان احد المهام الرئيسية لمن يتولى مسؤولية القيادة والاشراف، هو ان تبقى جذوة الامل حية في نفوس العاملين.
ختاما علينا ألا نقع فريسة لاصحاب السلوك السلبي، وان نكون متيقظين من خلال تعزيز الثقافة الايجابية في مؤسساتنا. ويقول المثل الكيني: اذا اتحد افراد القطيع نام الاسد جائعا!

 

عمر سالم المطوع 

 

 

مراجع

HOW, WHEN, AND WHY BAD APPLES SPOIL THE BARREL *

by Will Felps, Terence R. Mitchell and Eliza Byington

 

الأحد، 12 أغسطس 2012

خداع فى عالم المال


ان المعايشة اليومية لعالم الاستثمار والمال تجعل الكثير من العاملين في هذا القطاع، خصوصا القيادات العليا منهم، يستمرئون بعض الممارسات التي فيها نوع من الخداع والغش والتدليس، ويجمل لهم الشيطان تلك الممارسات الخاطئة تحت عناوين جميلة وبراقة مثل الشطارة والاحترافية الاستثمارية، وعندما تقرب المجهر الى واقع تلك الممارسات تجدها تشمل عدة مخالفات، مما جعل المساهمين والمستثمرين يفقدون الثقة بتلك المؤسسات المالية التقليدية منها، ومن يعمل وفق احكام الشريعة الاسلامية، وياليتهم التزموا باخلاق ومبادئ الشريعة الاسلامية السمحة.
ولتفادي تلك الممارسات التي سببت اضرارا جسيمة على المستويين الفردي والمجتمعي، فقد سارعت الدول المتقدمة لايجاد وسائل وقائية للحد من تلك الممارسات من خلال عدة جوانب منها تفعيل تطبيق مفهوم حوكمة الشركات التي من اهم مبادئها تأمين الاسس لاطار الحفاظ على حقوق المساهمين وتفعيل مبدأ العدالة بينهم، وابراز دور اصحاب المصالح من «عملاء وموردين، .. الخ» والحرص على الافصاح والشفافية، واخيرا وليس اخرا التأكيد على مسؤولية مجلس الادارة ودوره في حماية الشركة والمساهمين واصحاب المصالح، وكذلك تطبيق مفهوم «code of ethics» او اخلاق المهنة او قواعد السلوك المهني وهي مجموعة من الاخلاق والمعايير والقيم التي تحكم سلوك العاملين في المؤسسة، وكذلك النظر والمراجعة في القوانين واللوائح التي تنظم عمل هذا القطاع وكذلك في دور ومسؤوليات الجهات الاشرافية.
الخداع في اللغة مأخوذ من مادة (خ دع) وهي تدل على اخفاء الشيء ويقال خدع الريق في الفم وذلك انه يخفي في الحلق ويغيب. وعالم المال والاستثمار مليئ بممارسات خاطئة وخادعة على المستوى المحلي والعالمي. وعادة عندما تبدأ تلك الممارسات على شكل فردي ومن ثم ان لم يردع صاحبها بعقاب صارم فانها تبدأ بالتفشي حتى تصبح ظاهرة تنهش وتحطم اي قطاع.
لذا دعوني اسرد لكم مثالين من واقعنا المحلي وفي السوق امثلة كثيرة، وسردي لتلك الامثلة لا يعني ان النماذج المشرقة قد غابت عن هذا القطاع بل هي موجودة، واتمنى ان تكون هي النماذج السائدة التي يتربى عليها الاجيال ولكن هي امثلة احث فيها العاملين الصادقين في الثبات على المبادئ، ولتنبيه الغافلين الذين اعماهم جمع المال الى خطورة تلك الممارسات، واسوق في هذا المجال الامثلة التالية:
1 - شركة استثمارية حققت ارباحا تقارب 100 مليون دينار ويستحق فيها العضو المنتدب نسبة بونص او حافز من الارباح تتجاوز مليوني دينار. وفي اعتقادي ان من يحقق ربح مائة مليون يستحق ليس فقط 2 مليون بل يستحق 5 ملايين دينار بل اكثر. ولكن الصدمة تكون عندما نكتشف ان المائة مليون كلها ارباح غير محققة (ارباح دفترية) اي ليست ناتجة عن عمليات بيع فعلية، سؤالي هو كيف يقر مجلس الادارة هذا الحافز وهو يعلم ان الارباح غير محققة وكيف اقر فوق ذلك توزيعات نقدية بنسبة %50 وأسهم منحة بنسبة %30. لقد خدعوا المساهمين عندما أخفوا عليهم ان الشركة ولكي تسدد التوزيعات النقدية للمساهمين مضطرة للاقتراض من البنوك مبلغا يعادل اجمالي التوزيعات النقدية المقرر توزيعها لمدة سداد، قد تصل إلى 5 سنوات لفترات سداد قصيرة الأجل مقابل استثمار في أصول طويلة الاجل وغير قابلة للسيولة. كما ان خداع المساهمين قد يأخذ صورة أخرى تتمثل في توزيعات أسهم المنحة، عندما لا يتم تحديد الخطة التوسعية التي تتطلب أن تكون هناك زيادة في رأس المال. والغرض من كل تلك الممارسات القائمة على الخديعة والتدليس هو ضمان الإدارة التنفيذية نسبتها من البونص أو الحافز، ولتطبيق سياسة «خذ ما تخذ» من غير اهتمام ومراعاة لمصلحة المساهمين والهيكلة المالية المثلى لميزانية الشركة.
2ــ شركة تمويل وإجارة تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، قامت بتمويل تاجر لشراء معدات بمبلغ 5 ملايين دينار عن طريق المرابحة لمدة خمس سنوات. بعد السنة الأولى بدأ التاجر يتخلف عن السداد ونظرا لأن مبلغ التمويل كبير مقارنة برأسمال الشركة، أي ما يعادل ثلث رأسمال الشركة، أوصى المدقق الخارجي الإدارة التنفيذية بأخذ مخصص بمبلغ مليوني دينار لتخلف العميل عن السداد. حينها فوجئت الإدارة التنفيذية وعلمت أن ذلك المخصص سيظهر القوائم المالية للشركة بمظهر الخسارة، حينها فكرت الإدارة ودبرت وخططت في كيفية التخلص من هذا المخصص بصورة شرعية، تستطيع من خلالها اظهار ربح الشركة فقامت واستدعت العميل وقالت هل تستطيع الدفع؟ قال العميل: لا. قالت سنجعلك تدفع المبلغ المستحق عليك وهو ما يعادل 4.5 ملايين دينار عن طريق صفقة تورق لك، حيث انك ستشتري حديدا من طرفنا بمبلغ 4.6 ملايين وتبيعه لطرف ثالث عن طريقنا بمبلغ 4.6 ملايين دينار، وهذا المبلغ الاخير لن تتسلمه بل سنقوم بتسلمه نيابة عنك، ثم نقوم بتسديد كل المبالغ المستحقة عليك من الصفقة الأولى وتبدأ معنا في صفقة التورق هذه كعميل جديد. وبذلك نجحت الإدارة التنفيذية في التخلص من المخصص الذي سيفرضه المدقق الخارجي وظهرت الشركة في صورة مغايرة للحقيقة. ان الإدارة التنفيذية على يقين أن هذا العميل في صفقة التورق لا يمكنه السداد لأنه لم يتمكن من سداد صفقة المرابحة من قبل ولكن الشيطان سول لهم هذه الوسيلة من الخداع للاستفادة الشخصية.
بالله عليكم، وبعد تلك الأمثلة التي نعيشها يوميا في واقع قطاعنا المالي كيف لنا أن نخصص القطاعات العامة ونسلمها لشركات غير مؤهلة لكي تعبث وتفسد فيها. نعم قانون التخصيص ممتاز لكن مستوى بعض الشركات الموجود عندنا غير كفء للقيام بالمهمة، وذلك بناء على كثير من الممارسات والأمثلة. وهذا لا يعني عدم وجود نماذج وممارسات مشرقة في القطاع الخاص، لكن في الأونة الأخيرة ظهرت النماذج السيئة بكثرة ولعل هذه أحد فوائد الأزمة المالية الأخيرة التي ما زلنا نعيش تبعاتها. ومثل ما يقول المثل الكويتي «إذا اثبرت المايه طلع الفريال». لذا فلنخطط أولا كيف نجعل القطاع الخاص قطاعا منتجا وواعدا يتميز بالكفاءات الوطنية الجادة والنزيهة، مستفيدين من التجارب الرائدة في العالم ومن ثم ننطلق في التخصيص ونحن مطمئنون إلى نتائجه الباهرة.
إن مظاهر الخديعة والغش لا حصر لها فهي تتطور بتطور الإنسان، لكن يمكننا الحد منها بتفعيل القوانين الرادعة وإيجاد النماذج الصحيحة، وتعليم الجيل القادم الأخلاق والمعايير المهنية من خلال المناهج التعليمية ومؤسسات التنمية البشرية.
ختاما أعجبني ما قاله قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه، قال: «لولا أني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (المكر والخديعة في النار) لكنت من أمكر الناس». صححه الألباني.


عمر سالم المطوع
* باحث في إدارة الأعمال وتنمية الموارد البشرية.


الأحد، 5 أغسطس 2012

فن التقدير

إن مهارات وفنون التقدير لا يتقنها إلا القادة الأكفاء الذين يدركون القيمة الحقيقية للتقدير، ويعرفون آثاره الباهرة على العمل والعاملين.
إن فهمنا لقيمة التقدير وممارسته في حياتنا اليومية، يُضفي لذواتنا ولمن له علاقة بنا أجواء مملوءة بالأمل والتفاؤل، فالتقدير عصب رئيسي للحياة المشرقة بالانجاز، ولقد أثبت عدد من الدراسات في مجال السلوك الإداري الأثر الكبير للتقدير في مضاعفة أداء العاملين في المؤسسة بل أكثر من ذلك. فالتقدير يُفجر إبداعات العاملين ويجعلهم أكثر ولاء للمؤسسة.
تمكننا من ممارسة فنون ومهارات التقدير، يُرشدنا إلى الحكمة في استخدام نوع التقدير المناسب مع المواقف والأشخاص التي تواجهنا في حياتنا، لذا نجد أن أنواع التقدير متعددة، وتأخذ أشكالا متنوعة، فهي على سبيل المثال قد تكون كلمة شكر أو مكافأة مادية أو قد تأخذ شكلا آخر من خلال تطوير وتدريب الموظف المستحق للتقدير بأعلى المعايير المهنية، وكذلك قد تكون ترتيب لمفاجأة سارة، كاعتراف الإدارة التنفيذية بجهود أحد العاملين في نماء المؤسسة، لذلك فإن أساليب التقدير تتنوع وتتسع باتساع آفاق وإبداعات الشخص الذي سيقوم بالتقدير.
ولكي يؤتي التقدير ثماره في شخصية المتلقي (المُقَدر)، فلابد من الاهتمام بالأسلوب والطريقة التي سنوصل فيها رسالة التقدير، ولقد رأينا أثر كلمة الشكر المملوءة بالمشاعر الصادقة أكبر بكثير جدا من أثر المكافأة المادية التي يظهر فيها المسؤول امتنانه على الموظف بسبب هذه المكافأة.
يجد المتأمل في ممارسات معاني التقدير عددا من النماذج الرائعة التي أصبحت مثالا يحتذى به في عدد من المؤسسات، وكذلك في الجهة المقابلة نجد عددا من الممارسات السلبية في تحقيق معاني التقدير، فمثلا تجد المسؤول لا يبادر بتقدير جهود العاملين، لتوهمه بأن سطوع نجم هؤلاء العاملين سيهدد منصبه الوظيفي. ونرى مسؤولا آخر يقدر جهود العاملين شفويا بكلمات إطراء، ويحاربها فعليا بقرارات محبطة، ولاشك في أن مثل تلك الممارسات تنم عن «أمراض نفسية وعقدة نقص» عند كثير من المسؤولين وأصحاب القرار.
وتتجلى خطورة عدم إدراك قيمة التقدير وعدم ممارسته في حياتنا وتعاملاتنا في عدة جوانب، منها اضمحلال وتردي علاقاتنا، وانتشار الأجواء الطاردة للعاملين الأكفاء، وحينها يبدأ سلوك العاملين في المنحنى السلبي الذي يجعله يفقد ولاءه في المؤسسة، وهذا ما نراه اليوم في عدد من مؤسساتنا.
وتشمل إتقان مهارات وفنون التقدير جميع تعاملاتنا في جميع نواحي الحياة، سواء كانت عائلية أو وظيفية أو غيرها، فالتقدير لبنة رئيسية في بناء بيئات إيجابية ترتقي في أدائنا، وفي المجتمعات التي نعيش فيها.
وختاما أنصحكم في البحث في موقع YouTube عن مقطع بعنوان «التقدير عصب الحياة»، فهو يُغني عن كثير من الكلمات التي قد تكتب حول معنى التقدير.





عمر سالم المطوع
كاتب متخصص فى الإدارة والموارد البشرية
Twitter:@OmarSAlmutawa

الاثنين، 30 يوليو 2012

بومجبل -رحمه الله - والإلتزام بالمنهج






لست ممن يحسن كتابة الرثاء ولكن لما اتصلت بي زوجتي العزيزة ونحيب البكاء قد أخفي صوتها واخبرتني بوفاة جدها الشيخ أحمد بزيع الياسين . وما إن أغلقت الهاتف إلا وإنهالت علي أطياف الذكريات والكلمات والتوجيهات التي عشتها وسمعتها من الشيخ بومجبل رحمه الله . فلازلت أذكر نصيحته لي عندما بدأت العمل في بيت التمويل الكويتي فقال لي : ((يا إبني إن أقرب طريق بين النقطتين هو الخط المستقيم فإذا أردت النجاح فى حياتك وأخرتك فالزم طريق الإستقامة )). فلقد كان رحمه الله مستقيماً في شخصيته وتعاملاته ولقد كان يتضايق ويتألم كثيراً عندما يسمع بعض ممارسات المؤسسات المالية الاسلامية التي حادت عن المنهج القويم.

إن فجيعتنا فى الشيخ بومجبل رحمه الله تعظم لإننا فقدنا عالما بارعاً فى تخصصه ومتميزاً في منهجه وسلوكه. إن صدق العزيمة وإخلاص النية لله تعالي والعمل المتواصل للشيخ بومجبل رحمه الله كانت سبباً رئيسيا بعد توفيق الله تعالي للنجاح الباهر والإنتشار الواسع لبيت التمويل الكويتي على وجه الخصوص والإقتصاد الإسلامي بشكل عام . إن العمل المبارك الذي قام به أنقذ مئات الألاف من الناس من أثار الربا المدمرة فى الدنيا والاخرة. لقد كان االشيخ بومجبل رحمه الله كثيراً ماينصح البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بالإلتزام بالمنهج القويم ولعل من أسرار مداومته وإستمراره على هذا النصح هو رؤيته للنبي صلي الله عليه وسلم فى المنام والتي أخبرني بها فيقول رحمه الله : (( رأيت النبي صلي الله عليه وسلم وبجانبه أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقربني النبي صلي الله عليه وسلم بجانبه وقال لي :( الدين النصيحه ) وكررها علي ثلاثاً ))

وأخيرا نصيحتي الى كل البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية  وهي ترزح الأن تحت وطأة الأزمة المالية ما قاله الشيخ بومجبل رحمه الله من ضرورة الإلتزام بالمنهج القويم حتي يتفيأ الناس بظلال الإنجازات المتميزة فيقول رحمه الله : (( إن من أسباب نجاح العمل المالي الإسلامي الصدق مع الله وإتباع المنهج الشرعي السليم وحسن الإدارة ومنها الخبرة والمتابعة والحيطة والحذر والإحسان مع الناس )).



رحم الله الشيخ بومجبل رحمة الأبرار وأسكنه أعالي الجنان مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً





                                                                                                              عمر سالم المطوع
              Twitter:@omarSalmutawa                                                                                                                                        

بين الربحية والسيولة


  إن فهم وإستيعاب الإدارات التنفيذية لطبيعة عناصر القوائم المالية يساهم فى إتخاذ القرارات المناسبة التي تعظم قيمة المؤسسة وتجنبها الوقوع فى مخاطر رئيسية تكون سبباً فى إفلاسها وخسارة مساهميها ، لذا فإننا نجد إن تعظيم قيمة المؤسسة مرتبط بشكل رئيسي بالقرارت الإستثمارية والتمويلية التى تتخذها المؤسسة وكذلك بالمتابعات التنفيذية للتأكد من صحة تلك القرارت وأثرها وإيجاد الحلول البديلة والفعالة فى حال وجود إختلالات .

  إن من أهم أسباب الأزمة المالية الحالية هو تركيز العديد من الإدارات التنفيذية على جانب تحقيق الربحية للمؤسسة دون الإكثراث لجانب السيولة ، ولعل التنافس المحموم فى الأرباح بين المؤسسات من جهة وتحقيق المصالح والأرباح الشخصية للإدارات التنفيذية من جهة أخري قاد الكثير من المؤسسات على التركيز على جانب الربحية دون الإهتمام بطبيعة تلك الربحية وجودتها .  وكذلك من أسباب التركيز على جانب الربحية دون الجوانب الأخري المهمة هووجود نوعية من المساهمين الممثلين فى مجالس إدارات المؤسسة لايهمهم الا ربحية الشركة ك"رقم" ولايبالون بأي عناصر أخري تؤثر فى نمو وإستقرار الشركة  سواء كنت إدارية أو مالية لأن تطلعهم الوحيد هو صناعة القصص والحكايات حول ربحية المؤسسة  لخلق مضاربة على سهمها  فى سوق التداول تكون نتيجتها أرباح للمالك وبعض أقاربه ومعارفه .

  إن مؤشرات الربحية التى تحققها المؤسسة تتهاوى وتنعدم قيمتها فى ظل عدم وجود سيولة كافية للمؤسسة تمكنها من تسديد إلتزاماتها وتطوير أدائها ومواجهة الأزمات فى حال وقوعها . إن السبب الرئيسي فى مشكلة السيولة هو عدم قدرة الإدارات التنفيذية على الموازنة بين طبيعة مصادر الاموال وإستخداماتها حيث إن تعظيم قيمة المؤسسة يتطلب موازنة بين تحقيق الربحية وتوفر السيولة ، لان توفر السيولة الزائدة تعنى زيادة الأصول التى لاتحقق ربحا عالياً، وتحقيق الربحية العالية يعنى فى أحد جوانبه الإستثمار فى أصول قليلة السيولة هذا فيما لو إفترضنا أن دراسة الجدوي لتلك الإستثمارات كانت جيدة  .

  مماتقدم نخلص الى أهمية الموازنة بين الربحية والسيولة وإن فقدان ذلك التوازن له أثار سلبيه كبيرة  على المؤسسة لذا فعلى الادارت التنفيذية ان تعرف حجم المسئولية الملقاة على عاتقها وان تتعلم من مشاهدات الأزمة المالية  الحالية وان لاتعود الى ممارساتها الخاطئة التى قادتها الى فقدان توازنها بسبب الجشع والحرص على الربح السريع  .

                                                                                       عمر سالم المطوع

                                                                           كاتب متخصص فى الإدارة والموارد البشرية

الأفكار بين التسويق والتطبيق


فى حياتنا اليومية تتقد فى عقولنا الكثير من الأفكار ، فالبعض منا لا يأبه لها ويجعلها أفكار عابرة ،والبعض الأخر يمسك بأحداها ويحللها بعمق بهدف تطبيقها وإشباع حاجته فى التطوير والتنمية أو فى الإنجاز والإبداع أو لتكون له مرشداً فى طريق النجاح فهو كالملاح الذى يبحث عن النجوم فى وسط السماء ليهتدى بها فى الوصول الى هدفه. وكم رأينا من أفكار رائعة ظلت حبيسة فى العقول والأفهام لأن أصحابها لم يتمكنوا من عكسها فى الواقع بسبب ضعف التسويق او سوء التطبيق . لذلك نجد إن من أهم سمات القيادات الفذة هو قدرتها على تسويق الأفكار وتطبيقها بأفضل صورها فى واقع الحياة . لذا فتسويق وتطبيق الأفكار يتطلب توفرإمكانات فكرية و مهارات قيادية ومهنية عاليةفى التنظيم والإدارة ونضج فى طبيعة الفكرة المراد تطبيقها . إن تلك المهارات قد لا تجتمع بأكملها فى الشخص القيادى ولكنها ضرورة حتمية فى الفريق القيادي لأي مؤسسة أو مشروع يريد أن ينجح فكرته .

ولقد تطرق الباحثون* الى عدة طرق ووسائل فى تسويق الأفكار منها على سبيل المثال :

1-    عن طريق إقناع الطرف المقابل بالفائدة المرجوة من الفكرة المراد تسويقها

2-    تسويق الفكرة عن طريق التركيز على بعض الجوانب العاطفية المتعلقة بالفكرة دون الإهتمام بجوهرها

3-    إستخدام إسلوب التكتيكات واللوبيات فى تسويق الفكرة

وهنا تجدر الإشارة الى ذكر أهم الأخطاء التى يقع فيها مسوقي الأفكار وهى تسويقهم للأفكار من منظورهم الشخصي دون مراعاة لمنظور الطرف الأخر أو الجمهور وكذلك من الأخطاء هو إعتقاد بعض القيادات التى تمتلك صلاحيات كبيرة فى المؤسسة ،إن إمتلاكها لتلك صلاحيات يجعلها قادرة على تسويق الأفكار . فليس كل من يملك صلاحيات قادراً على تسويق الأفكار فى المؤسسة .

ولو إنتقلنا الى الجانب المتعلق بتطبيق الأفكار نرى إن الكثير من القياديين والمبدعين يمتلكون العديد من  الأفكار الرائعة ولكنهم يجدون صعوبة فى تطبيقها وتحديد منهج تنفيذها،لذلك نجد إن من اهم مايميز الأشخاص الذين ينفذون الأفكار هو تفاؤلهم بالمستقبل وإداركهم ووعيهم لأليات التطبيق وأداء المهام . وتشير الدراسات *إن منهج تطبيق الأفكار لابد أن يشمل ثلاث مجاميع مهمة وهى :

1-    ويشمل الخطوات التنفيذية المطلوبة لتنفيذ الفكرة

2-    يشمل المراجع والمستندات المتعلقة بالفكرة

3-    يشمل المقترحات والمعلومات الإضافية التى نحتاجها لتنفيذ الفكرة

ولعل من الأخطاء الشائعة التى يقع بها منفذوا الأفكار هو مواجهة أي ردة فعل ضد فكرتهم التى ينفذونهاوهومنزلق خطير يفقدهم الكثير من الطاقة التى يحتاجونها فى تنفيذ أفكارهم وكذلك عدم وجود خطوات تنفيذية بديلة فى حال فشل السيناريو الذي إختاروه فى تحقيق فكرتهم.

أخيراً إن إفكارنا ستكون أكثر تشويقاً لنا إن رأيناها واقع متمثلا أمامنا وذلك لن يكون إلا بحسن تسويقها  والنجاح فى تنفيذها .



                                                                                                                            عمر سالم المطوع
كاتب متخصص فى الإدارة والموارد البشرية
Twitter:@OmarSalmutawa


المراجع:1- the Art of Woo-by G.Richard

                  2- Making Ideas Happen- by Scott Belsky


مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...