الثلاثاء، 5 يوليو 2011

خطر داء القطيع فى القرار


تحدثنا فى المقالة السابقة عن القرار الناجح والمراحل التي يمر بها . وفي هذه المقالة السريعة نلفت انتباه القارئ الكريم الي أحد أنواع إتخاذ القرار وهو  القرار الجماعي. ومن المعلوم لديكم إن إدارة إجتماعات القرارت الجماعية فيها صعوبة ولكنها فى أغلب الأحوال أفضل من القرارات الفردية . ومع تعدد الإيجابيات للقرارات الجماعية فقد أشارات  الدراسات العلمية الى إن هناك عدة عوامل قد تفسد إجتماعات القرار الجماعي أو تجعل القرار الجماعي يحيد عن الصواب ،وقد ذكروا منها ( الغيرة، الحسد ، عدم الوضوح بين أعضاء الفريق ) أو وجود أعضاء فى الفريق يتسمون بالشخصية المسيطرة. ويوجد هناك سبب مهم ذكره المختصين فى علم (إتخاذ القرار) وهو داء (  نمط التفكير الجماعي-group thinking  -)  ولقد كان هذا النمط من التفكير من أحد أسباب أخفاق الولايات في غزوها ل "كوبا" ولقد قام  احد المختصين فى علم السياسة وهوIrving Janis  فى أواخر السبعينات بتأليف كتاب بعنوان  "ضحايا التفكير الجماعي أو Victims of Group Think " .

لمحات في  نمط التفكير الجماعي:
 وساستعرض معك ايها القارئ لمحة سريعة عن هذا النمط من التفكير الجماعي المنتشر بشكل كبير فى مؤسساتنا فى عالمنا العربي والإسلامي . ولوتفكرت فى بعض المواقف التي واجهتها فى حياتك المهنية فستجد إنك واجهت هذا النمط من التفكير الجماعي أكثر من مرة وأنه ساهم بدور كبير فى توجيه القرار الي الطريق الخطأ.
نمط التفكير الجماعي من الأمراض المستعصية التي أصابت مؤسساتنا  وهو ان يميل الفريق الي الحفاظ علي تماسك المجموعة ووحدتها بدلا من النظر الي الحقائق والبراهين المتعلقة بموضوع القرار. ويسميه بعض المختصين "تفكير القطيع ". وقد عَرفه اخرون بانه ((نوع من التفكير تحاول فيه جماعة ما تقريب وجهات النظر في محاولة منهم لتجنب الدخول في صراع والوصول لاتفاق بدون نقد آراء الآخرين أو تحليل وتقييم الأفكار مما يحافظ على روح الجماعة)).

ومن المشاهد التي يتسم فيها الفريق المصاب بهذا الداء بأنه دائما يمارس ضغط شديد علي احد الاعضاء الذي يطرح وجهة نظر  او رأي مخالف لوجهة النظر الجماعية مع العلم ان وجهة نظرة مبنية علي حقائق وأدلة واضحة . ونجد أغلبية الفريق تستشهد علي صحة فعل الضغط الذي قاموا  به انطلاقا من المحافظة علي وحدة الفريق وتماسكه والألتزام بالمبادئ التي قامت عليها المؤسسة او الفريق. ولعل من اهم الأسباب التي تقود الفريق او المؤسسة  الي هذا الداء هوالأتي :

1-قوة وحدة الفريق أوأعضاء المؤسسة  وتشابه الخلفيات الفكرية والإجتماعية لهم.
2-انعزال الفريق  وأعضاء المؤسسة عن البيئة الخارجية والأراء المخالفة له.
3-وجود قائد مسيطر للفريق أو المؤسسة  يشجع ويدعم الالتزام بالفكر الجماعي وعدم مخالفته بل يحث على معاقبة مخالفيه.
4-وجود ظروف خارجية للفريق أو لأعضاء المؤسسة  مثل :تهديدات شديدة  ،مخاطر عاليه، ومصاعب . تشجع ميولهم نحو التماسك والاندماج في فكر جماعي موحد.

وبعدما ذكرنا أهم الأسباب التي تقود الي ذلك النمط من التفكير  أري من المناسب ذكربعض الأعراض للفريق الذي يتسم بنمط التفكير الجماعي(القطيعي) وهي :

1-مناقشات الفريق المحدودة ولايمكن ان تتجاوز حدود معينة وذلك لعدة إعتبارات.
2-لديهم  ثقة زائدة بأفكارهم وتقاليدهم وأسلوب عملهم .
3-عادة مايقوم اعضاء الفريق او القائمين على المؤسسة  بإستبعاد الاشخاص الذين لديهم وجهات نظر  مخالفة للأغلبية. 
4-يغلب عليهم التأييد الوهمي للفكر السائد او للقائد المسيطر للفريق أو المؤسسة.


العلاج الفعال للداء العضال (داء القطيع)

يري الباحثون ان افضل الحلول التي تساهم فى تخفيف أثار ذلك الداء .هو ان تقوم المؤسسة بتشجيع أعضاء الفريق بتعبير عن أرائهم بٍحرية   وأن يكون هدفهم الأساسي فى ذلك الطرح او الإنتقاد هو تحقيق مصلحة المؤسسة وليس أرضاء لرؤساء أوالمدراء . وكذلك أن لاتقوم قيادة المؤسسة بإصدار إيحاءات وإشارات يفهم منها توجيه أعضاء الفريق الي قرارات محددة . و من اهم الأسباب التي تقلل أثر ذلك الداء هو ان تنزل قيادة المؤسسة الي الميدان الفعلي للعمل وأن تقوم بخلق اجواء نقاشات مفتوحة  وكذلك ان تشجع الإنفتاح على الأفكار والبيئات  الخارجية التي تساهم فى تطوير أداء العاملين فى المؤسسة .

فى الختام ماهي الا إضاءات سريعة و أري بأننا بحاجة الى ان نقف وقفة مراجعة ونقيم فيها أليات أتخاذ القرار الجماعي التي  تتم فى مؤسساتنا  حتي تكون قرارتنا قيمة مضافة فى تطوير الأداء وفى خلق البيئات الإيجابية التي ترقى بنا جميعا.

 
                                                                  عمر سالم المطوع
                                                                 كاتب متخصص فى
                                                              الأدارة والموارد البشرية

المراجع:
كتاب( wining decisions )
موسوعة (ويبكيديا)

بحث علمي عن نمط التفكير الجماعي




 

القرارالناجح

 إن القرار الناجح لايُكتب له النجاح حتي يدخل حيز التنفيذ ويتذوق صاحبه او أصحابه أثاره الإيجابية . القرار الناجح مساهم رئيسي فى صناعة الحياة ، فى تشجيع الطاقات ، فى إيقاف الظلم والتجاوزات ،فى إحياء الدول والمؤسسات .
إن النجاحات التي نتغني ونضرب بها  الأمثال في حياتنا اليومية ماهي إلاثمرة  للقرارات الصحيحة . إن القرار الناجح ليس وليد التخبط والعشوائية والتكتيكات والمصالح السياسية بل هو نتاج جُهد يبذل وعقل يُخطط ويُفكر . إن القرار الناجح  يمر بعدة مراحل* وهي على النحو التالي:
المرحلة الأولي: تحديد الإطار  الصحيح الذي سيتم من خلال تحديد محتويات ومكونات موضوع القرار ، إن مرحلة تحديد الإطار من أهم المراحل التي تقود الى القرار الناجح لذا فإننا ننصح متخذين القرار أن ينظروا لموضوع القرار من عدة زوايا (إطارات) وان لا يُعودوا أذهانهم النظر من إطار واحد فذلك يقودهم الي محدوية فى التحليل
المرحلة الثانية: جمع المعلومات بذكاء .وهي ان تعرف ماهي المعلومات التي انت بحاجة لها وماهو مستوي صحتها فلتلك المرحلة دور رئيسي فى الحصول على قرار صحيح ودقيق . وعلينا فى هذه المرحلة ان نحذرمن عدم الإعتماد على معلومة يتيمة لإصدار قرارات جريئة . وهنا نلاحظ ان الكثير من متخذين القرار يتأخرون فى إصدار القرار لإنتظار معلومات اكثر وهنا عليهم ان يتسائلوا هل المعلومات التي ينتظرونها مهمة ومؤثرة ام لا .
المرحلة الثالثة:  إتخاذ القرار وفق منهجيات وطرق واضحة  حتي يتمكن العاملين معك من تقييم ألية أتخاذ القرار . إن 90% من متخذي القرار يستخدمون طريقة البديهة والحدس وهي طريقة غير مرغوبة وقد تكون خطرة خاصة عندما يكون موضوع  القرار معقد ويؤثر علي شريحة كبيرة من الناس . وخطورة تلك الطريقة بأنه لايمكن تقييم وتطوير ألية القرار فهي معتمدة على انطباع وحدس صاحب القرار وعادة مايؤثر مزاجه الشخصي فى تحديد طبيعة القرار. هناك طرق ومنهجيات أخري للقرار الناجح  مثل ( أتخاذ القرار عن طريق تحديد أسس وقواعد- إتخاذ القرار عن طريق تقييم البدائل وتحديد الأوزان ) . وفي هذه المرحلة علينا دائما أن يكون أغلب تركيزنا في منهجية إتخاذ القرار الصحيح  لا علي مخرجات القرار. إن الدراسات العلمية أثبتت إن اتباع المنهجيات والطرق الصحيحة لاتخاذ القرار دائما ماتقود الا  القرار الصحيح أو الأقرب للصحة. فمخرجات القرار ماهي الا نتيجة منهجيات ومراحل مرت صناعة القرار من خلالها.
المرحلة الرابعة: التعلم من القرار الذي صدر وأصبح حيز التنفيذ ورصد أثره  فى الواقع. إن على متخذين القرار أن يُوجدوا البيئات التي تساعدهم من التعلم من القرارات السابقة فذلك يُعظم رصيد خبراتهم  فيكونوا أكثر قدرة على إصدار قرارات ناجحه فى المستقبل. وإنني أكاد اجزم إن المرحلة الرابعة  لايستخدمها الا الأشخاص والمؤسسات الذين لديهم نضج قيادي وإداري راقي جداً
أخيرا نقول ان القرار الناجح لن يأتي من سُحب الأمطار بل سياتي بتحريك العقول وسُحب الأفكار ، فأعمل اعقلك واشحذ همتك فنجاحك فى الحياة قرار.
                                                                                                    عمر سالم المطوع
                                                                                            كاتب متخصص فى الإدارة والموارد البشرية        
                                                                                                                                   Twitter @OmarSalmutawa
) Winning Decisions) مرجع كتاب*
j.Edwardللمؤلف

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...