السبت، 15 ديسمبر 2012

الروزنامة الشخصية والتوازن

التكنولوجيا الحديثة وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وفرت لنا تقنيات رائعة لإدارة أوقاتنا من خلال برامج الرزنامة الشخصية أو برامج إدارة المهام وغيرها. ولكن الكثير منا يستخدم تلك البرامج فقط لإدارة مهام العمل ومواعيده، ولا يستخدمها بفعالية لإدارة حياته بتوازن وانسجام. فلا تجد في روزنامته موعد ذهابه لممارسة الرياضة أو موعد ذهابه للمنزل والاجتماع العائلي أو موعد تجديد روحانياته، من خلال ساعة الذكر والفكر وغيرها من المعاني والقيم التي يجب علينا أن نعكسها في روزنامتنا الشخصية لكي نخلق نوعا من التوازن في حياتنا. لقد بدأت عبارة التوازن بين العمل والحياة في الظهور في أماكن العمل بكثرة في أواخر الثمانينات من القرن العشرين. واليوم هذه العبارة أصبحت من الموضوعات الرئيسية في كتب الأعمال، ولدى الخبراء الاستشاريين وذلك لما يسببه اختلال التوازن من آثار سلبية خطرة على مستوى الفرد والمؤسسة. إن التوازن بين العمل والحياة يعبّر عن العلاقة بين إنجازات الحياة المهنية والحياة الشخصية أو ما يسمى بـ«الإشباع الشخصي» كالأسرة، والأصدقاء، والهوايات، والإسهامات المجتمعية، وهكذا.
إننا في زحمة العمل والحياة نقوم ببعض الممارسات التي لو تفكرنا فيها لوجدنا أننا مخطئون في حق أنفسنا. فمثلا الكثير منا يزحم إجازته السنوية بالعديد من الأنشطة والبرامج، حتى إذا انتهت إجازته يكون لسان حاله «أريد إجازة أخرى لكي أستريح من تعب هذه الإجازة». والبعض منا لا يخطط لساعات نومه واسترخائه ثم يشتكي من الإرهاق والأرق.
إن العادات السيئة في إدارة أوقاتنا لا تظهر فجأة، ولكن تترسخ بتكرار السلوك السلبي حتى تكون العادة مسيطرة على طريقة عملنا ويصعب علينا تغييرها. لذا فان أوقاتنا وما تحمله من أنشطة وفعاليات لها اثر كبير في نجاحنا في تحقيق التوازن في الأدوار المنوطة بنا في الحياة، فمن يهمل إدارة وقته ونشاطه بتوازن بلا شك فانه يعرض نفسه لضغوط قد تكون سببا رئيسياً في إعاقته عن العديد من الطموحات والأهداف التي يرغب في إنجازها. ويتبقى هناك شيء رئيسي للوصول لتوازن في حياتنا، وهو مدى تحقيقنا لذواتنا في الأنشطة التي نقوم بها خلال أوقاتنا.
أخيرا يقول المفكر التركي فتح الله كولن «أطول الناس عمراً ليس أكثرهم عيشاً، بل هم الذين استفادوا من عمرهم واستثمروه. لذا يمكن أن يكون هناك شخص قصير العمر عاش مائة سنة. ويمكن أن يكون هناك شخص عمره خمس عشرة سنة ولكن قامته تطاول السماء بأعماله المملوءة بركة وفيضاً»

عمر سالم المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...