الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

رشاش الماء البارد

       
وضع مجموعة من العلماء 5 قرود في قفص واحد، وفي وسط القفص يوجد سلم، وفي أعلى السلم بعض الموز. في كل مرة يصعد أحد القرود لأخذ الموز ويرش العلماء باقي القرود بالماء البارد. بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد لأخذ الموز، يقوم الباقون بمنعه وضربه حتى لا يرَّشون بالماء البارد، بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب بالرش. بعدها قرر العلماء أن يوقفوا رش الماء البارد وان يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قردا جديدا، فأول شيء قام به القرد الجديد أنه صعد السلم ليأخذ الموز، ولكن فورا قام الأربعة الباقون بضربه وإجباره على النزول. بعد عدة مرات من الضرب فهم القرد الجديد أن عليه ألا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب. قام العلماء مرة أخرى أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد، وحل به ما حل بالقرد البديل الأول، حتى أن القرد البديل الأول شارك مع زملائه بالضرب وهو لايدري لماذا يضرب. وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة حيث صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا. ومع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم لأخذ الموز… من دون أن يعرفوا ما السبب.
إن القصة التي أوردتها يتداولها البعض لتعزيز قيمة إدارية او للحديث عن نظرية اجتماعية في مجتمع من المجتمعات. ومانستخلصه من فائدة من تلك التجربة هو انه علينا بين الفترة والأخرى أن نراجع سلوكياتنا ونتساءل عن الدوافع والمسببات وراء تلك السلوكيات والتصرفات، وان نكون صرحاء مع أنفسنا عندما نكتشف إننا مخطئون، وان نسارع في تعديل أخطائنا، خصوصا إذا كنا نتولى مسؤولية قيادية حتى لانكرس ثقافة خاطئة ينشأ عليها أجيال متعاقبة ليعتقدوا انها من المبادئ والمسلمات الرئيسية في المؤسسة. وكذلك علينا أن نفتح آفاق الإبداع والابتكار للعاملين، فليس كل ما يفعله الأوائل يجب علينا أن نفعله بحذافيره وبالطريقة نفسها. فالتقليد الأعمى من غير وعي وإدراك عائق رئيسي في اكتشاف المهارات وتقدم المؤسسات. وكذلك نجد ان اسلوب العقاب من خلال رش الماء البارد على القرود يستخدمه بعض القياديين لإرهاب وتخويف أي موظف يحاول السعي جاهدا في تحقيق طموحاته بطريقة مشروعة. فيتفاجأ بأن إدارة المؤسسة قد وضعت منطقة حظر لايمكن لأحد الاقتراب منها، ومن يقترب منها يناله العقابان المادي والمعنوي، وبهذه الطريقة من الإدارة تتكرس القيم والثقافات الخاطئة في المؤسسة.
أخيرا نجد الكثير من العاملين في مؤسساتنا جياعا للتشجيع والتحفيز والعدالة وغيرها من القيم التي تدفع المؤسسات الى التقدم والإزدهار، لذا على إدارة المؤسسة أن تفتح الآفاق لهؤلاء وأن تستوعب حاجياتهم، والا تضع العراقيل والعوائق المقصودة أمامهم.
يقول المثل الالماني «انتظر... أصعب كلمة تقولها لجائع»



عمر سالم المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...