الثلاثاء، 8 يناير 2013

الشركات غير الربحية من ميزات قانون الشركات الجديد

قبل عدة أيام طالعتنا جريدة القبس الموقرة بنشرة حول أهم مزايا قانون الشركات الجديد، ومما لفت انتباهي بشدة من تلك المزايا هو السماح بتأسيس شركات غير ربحية، لتقوم بدور اجتماعي إلى جانب الشركات التجارية بما يعزز الوظيفة الاجتماعية لرأس المال على نحو ما جاء بنص المادة 16 من الدستور. إن المؤسسات والشركات غير الربحية أو ما يسمى بالقطاع الثالث، وهي تشكل أساس وقلب المجتمع المدني المتحضّر، فوجودها وانتشارها وتنوع أعمالها وفاعلية أدائها في أي بلد، يعكس مدى التقدم والرقي لهذا المجتمع. وللأسف في العديد من مجتمعاتنا في العالم الثالث يقصرون عمل القطاع (غير الربحي) على الأنشطة الخيرية والإغاثية ويتجاهلون تحقيق التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية لمجتمعاتنا من خلال ذلك القطاع.
إن حقيقة الشركات (غير الربحية) تتمثل في جمعها بين خصائص الشركات الربحية من حيث الأهداف، وكذلك بين المؤسسات الحكومية العامة من حيث التنمية والتطور الاجتماعي. ويتركز نشاط مثل تلك المؤسسات والشركات على قطاعات المجتمع المتعددة، فمثلا تقوم تلك المؤسسات ببناء وتطوير المدارس والجامعات والمستشفيات، والمتاحف والمكتبات العامة، وتجهيز المتنزهات العامة والنوادي.
إن المادة 3 من قانون الشركات الجديد، الذي يتضمن قانون الشركات غير الربحية يعتبر نقلة نوعية في إتاحة الفرصة للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال في إنشاء كيانات غير ربحية تساهم في تقديم قيمة مضافة لبلدنا الكويت، إن قانون الشركات غير الربحية يعزز قيمة العطاء للمواطنين، ويمكنهم من تقديم مشاريعهم من خلال كيانات واضحة يتم الإشراف والرقابة عليها من قبل المساهمين والجهات الإشرافية في الدولة، وكم أتمنى أن أرى التنافس بين أصحاب رؤوس الأموال في الكويت في إنشاء شركات غير ربحية تتبنى المشاريع الصحية والتعليمية وغيرها، بحيث تدار بطريقة مهنية كالقطاع الخاص وتكون فائدتها للمجتمع ويكون الربح المحقق من هذا الكيان للإنفاق على تطوير مشاريع مشابهة في الكويت، وياحبذا أن تساهم الدولة في جزء من رأسمال تلك الكيانات، وأن تعطيها بعض التسهيلات لتحقق مشاريعها بنجاح في أرض الواقع. إن دعم الشركات غير الربحية القائمة على مشاريع حيوية يحقق تقدما مذهلا للدولة في عدة مجالات.
إن نماذج نجاح الشركات غير الربحية كثيرة، فمن تلك الأمثلة مستشفى مايوكلينك، وهو منظمة غير ربحية، وهو من أرقى المستشفيات في الولايات المتحدة الأميركية. إن الأثر الإيجابي للشركات غير الربحية لا يقتصر فقط على التنمية المجتمعية، بل يتعداه الى الدخل القومي للبلد، فمثلاً تشكل المؤسسات الاقتصادية غير الربحية %4 من الدخل القومي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يتواجد فيها ما يقارب تسع مائة ألف مؤسسة. أما في بريطانيا فيوجد فيها ما يقارب مائة وعشرين ألف مؤسسة غير ربحية.
أخيرا يقول د. بيتر دركر، المتخصص في علوم الإدارة «إن النجاح الذي حققته أميركا خلال الأعوام الأربعين الماضية يعود في الأساس إلى المؤسسات الاقتصادية غير الربحية».
عمر سالم المطوع
متخصص في الإدارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...