الأحد، 8 ديسمبر 2019

الحلول الحاضرة


في كثير من الأحيان عندما نلتقي مع مستشارين أو مختصين لبحث حل لمشكلة ما  ، عادة ما نجد أن عندهم حلول مفضلة يصفونها لأكبر عدد من الحالات ولربما كانت هناك حلول أفضل  ولكنها غير حاضرة في تفكيرهم ، أو ربما لا يرغبون في شحذ تفكيرهم  وبذل جهد أعلى لدراسة المشكلة أو الحالة بصورة مختلفة ، فهم يكررون الحلول التي اعتادوا على ترديدها  فهي سهلة الاستحضار بالنسبة لهم . إن الحلول التي نتلقاها بهذه الطريقة غالباً  ما تكون ممزوجة  بانحياز معرفي لأصحابها  .
إن انحيازاتنا المعرفية  لها تأثير مباشر على طريقة تفكيرنا وعلى الحلول التى نقدمها لأنفسنا وللآخرين ، ولقد عايشت ذلك من خلال عدة مواقف استشارية وإدارية ، فمثلا تجد لجان التدقيق المنبثقة من مجالسها الإدارات شغلها الشاغل مراجعة  الميزانيات الربع السنوية والإطلاع على تقرير المدقق الداخلي حول سياسات الشركة ومدي الالتزام بها وهذا هو  النمط السائد  في مثل تلك ،اللجان  ومن ثم أخذ القرارات والتوصيات، ولكن قلما تجد من يناقش بيئات العمل المحفزة  ومدي تأثيرها في  ربحية المؤسسة أوأن  يُقيم المبادرات التي حسنت من أداء المؤسسة ، أو أن يجتهد فى معرفة ماوراء هذه الأرقام والملاحظات من أسباب أخري غير التى ترد على الذهن مباشرة.

إن مُصطلح «الانحياز المعرفي » في علم النفس الاجتماعي  يشير إلى إظهار تفضيل لمنظور أو توجه  مُعيَّن عند إصدار الأحكام والأفعال، أو تحديدًا عندما تتدخَّل تلك التفضيلات الشخصية لتؤثِّرعلى النزاهة والموضوعية؛  بطريقة أخرى يمكننا القَول أن الإنحياز هو الحُكم من منظور واحد مما يؤدي إلى عدم الدقة في الحكم ووجود أخطاء 

 إن الإنحياز المعرفي قد يصل الى 100 نوع ويقع ضمن عدة تصنيفات  وتجد أدناه أربعة  أنواع منها كمثال : 

    • الارتساء أو وهم التركيز «Anchoring effect»:  
"تأثيرالارتساء" معناه أن يعتمد الشخص بشكل كبير جدًا في اتخاذ القرار أو تشكيل وجهة النظرعلى أول معلومة أو جزء بسيط من المعلومات تصل إلى مسامعه، وتسيطر تلك المعلومة على صناعة القرار دون النظر إلى الجوانب الأخرى، فبمجرَّد أن يرسَخ هذا التأثير يبدأ بتشكيل انحياز نحو تفسير- وأحيانًا تعديل- المعلومات الأخرى لكي تتماشى مع المعلومة الأولى وتؤكِّدها.

  • الانحياز لإيجابيات الاختيار :
«Choice supportive bias»
عندما يختار الناس شيئًا ما فإنهم يميلون إلى التفكير في إيجابيات اختيارهم ويغضون الطرف عن سلبياته،.

  • إنحياز البقاء «Survivorship bias»:
هو الميل إلى التركيز على النماذج الناجحة فقط، مما يؤدِّي إلى عدم الدقة في الحُكم على الأمور، فقد تظن أن القيام بعملٍ ما هو أمر سهل للغاية فقط لأنك لم تسمع بكل أولئك الذين فشلوا فيه.



  • إنحياز الابتكار «Pro- innovation bias»:
هو انحياز المؤيدين لابتكار أو اختراع ما، بحيثُ يبالغون في تقدير أهميته ويتجاهلون عيوبه أو محدوديته..

ختاما : 
إننا من طبيعي أن يكون لدينا إنحياز معرفي ولكن علينا أن نكون مدركين له ونحاول أن نبطل تأثيره السلبي على تفكيرنا من خلال التحاور مع أشخاص يختلفون بطريقة تفكيرهم  عنا والتواصل  مع أناس لديهم خبرات مختلفة و متنوعة  ،فمثل هذا التواصل ينمي مداركنا للاستيعاب بصورة أفضل ويفتح لنا أفاق لم يكن أن نصل لها لو ظللنا لوحدنا . 
                                                  
                                                                           د.عمر المطوع 
مراجع:
The Critical Thinker,The Path To Better Problem Solving, Accurate Decision Making, and Self-Disciplined ThinkingSteven Schuster 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...