الأحد، 21 أكتوبر 2012

أبو الجودة في اليابان

 

                                      
اعتدنا في حياتنا اليومية على أن نصف منتجاً أو خدمة ما بالجودة العالية أو بالجودة الرديئة، ودلالة هذا الوصف تشير الى «النوعية الممتازة أو الأصلية».
إن الاهتمام بإدارة الجودة هو السمة الحضارية للمؤسسات الرائدة في العالم، وتوفر الموارد المالية والبشرية لا يكفي في تحقيق مفهوم الجودة. فالجودة عبارة عن ثقافة مؤسسة وسلوك عاملين واستراتيجية وقيادة تؤمن بأهمية الجودة، وأفضل مثال لذلك اليابان، فقد خرجت من الحرب العالمية الثانية كبلاد مهزومة ومدمرة، وأدركت أهمية المبادرة بكل جد واجتهاد في تحقيق معادلة النهضة، من خلال تبني العديد من نظريات النجاح، ومن تلك النظريات نظرية «إدارة الجودة» أو ما تسمى نظرية «ديمنج»، لقد قامت اليابان في بداية الخمسينات بتوجيه دعوة رسميه للعالم
W.Edwards Deming، ليساهم في مساعدتها في تحسين الإنتاجية والجودة، بل قامت بأكثر من ذلك، فقد أنشأت اليابان عام 1951 جائزة اسمتها باسمه «جائزة ديمنج»، تمنح سنوياً للشركة التي تتميز من حيث الابتكار في برامج إدارة الجودة، وقد عُرف ديمنج بلقب «أبو الجودة» في اليابان، وذلك للقيمة المضافة التي أحدثها في إدارة جودة الصناعة اليابانية.
إن نظرية ديمنج لإدارة الجودة ترتكز على أربع محاور (خطّط، نفّذ، افحص، باشر)، وتتكون نظريته من شقيين رئيسيين وهما «الجودة نفسها والمستهلك»، أي بمعنى الحصول على جودة عالية، وفي الوقت نفسه تحقيق رغبات المستهلك. لقد تطورت نظرية «ديمنج» في اليابان، وأصبحت تسمى نظرية رقابة الجودة الشاملةTotal Quality Control.
ولقد صاغ العالم ديمنج 14 مبدأ لتحقيق الجودة، ومن تلك المبادئ:
1ــ إزالة الحواجز والموانع التي تحرم العمال والإدارة من الشعور بالفخر مما أنجزوه.
2 ــ طرد الخوف لكي يستطيع الجميع العمل بكفاءة داخل المؤسسة.
3 ــ إعداد برامج فعالة للتثقيف والتطوير الذاتي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ديمنج، عندما قام بطرح نظريته في الولايات المتحدة في أواخر الأربعينات، تم تجاهله بشدة من قبل قادة الصناعة الاميركيين. ولعلنا نجد روح التجاهل هذه تسود العديد من مؤسساتنا، حتى أصبحت طاردة لكل من ينادي بالجودة والتميز والابتكار.
أخيراً، إذا أردنا أن ننهض بمؤسساتنا فلابد أن نسلك طريق الجودة والإتقان، وإلا سنكون في آخر الركب يلوم بعضنا بعضاً، ولن نقدم شيئا لأوطاننا.
يقول ابراهام لينكولين: «لا يضيع شيء ذو قيمة إذا صرفنا الوقت الكافي في اتقانه».

عمر سالم المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...