الأحد، 4 نوفمبر 2012

ياحلو البساطة

قيمة بدأنا نفتقدها في حياتنا وفي اعمالنا. بل إن سلوكياتنا في ظل ذلك التقدم الإداري والتكنولوجي أصبحت أكثر تعقيدا، حتى إن الكثير منا يحكم على الأفكار من خلال درجة تعقيدها بدلا من فائدتها وجدواها. ولاشك ان التفكير بهذه الطريقة مضيعة للوقت والجهد والمال. البساطة ما إن نفقدها في حياتنا الا ونفقد معها أجمل ما في سلوكنا البشري، والوصول الى البساطة في عالم مليء بالتعقيدات يحتاج الى مران وتدريب. فالبساطة لا تعني رمي المشاكل وراء ظهرك ولكنها تعني التعامل معها بأسلوب فاعل وإيجابي لا يدخلك في شراك التعقيد المزعج. إن جمال البساطة يحتاج منا بعض القرارات الجريئة لنتحرر من بعض الأفكار والسلوكيات التي ترسخت في أذهاننا بطريقة خاطئة حتى أصبحنا نمارسها بشكل تلقائي من غير أن نعرف انها سبب رئيسي في فقدان البساطة في حياتنا.
إن قيمة البساطة غير مرتبطة بحياة الأفراد فقط، ولكنها تشمل أنظمة وإجراءات المؤسسات والدول، فالبساطة هنا لا أعني بها السطحية والسذاجة ولكن اعني بها القوة، لأن الأشياء القوية غالبا ما تستمد قوتها من بساطتها. فمن السهل تعقيد الإجراءات واللوائح والانظمة ولكن المهمة الصعبة في تبسيطها بحيث تحتفظ بجوهرها وتتقدم في جودتها. إن الإدارة الناجحة هي التي تبسط الإجراءات من غير إخلال وضعف بالمخرجات بحيث يكون لها مراجعة دورية للانظمة واللوائح بهدف تطويرها الى الأفضل من حيث التبسيط والإنتاجية.
إن أكبر تحد يواجه الأفراد والمؤسسات في تحقيق البساطة هو اننا نعيش في مجتمعات ترفض البساطة وتحب التعقيدات التي تظهرنا امام الاخرين بزركشتنا المبالغ فيها، ولعل من أمثلة ذلك ما تقوم به بعض المؤسسات الاستشارية حينما تقدم تقارير معقدة وضخمة للجهات المعنية من غير النظر بعمق لمحتويات الحلول والاقتراحات التي تتضمنها تلك التقارير، ولعل من جــــــميل الطرائف في ذلك قصة ذلك الموظف الذي تسلم تقريراً من جهة استشارية فما إن تسلمه ووزنه بيده إلا وأرجعه على الفور مكتفيا بقوله «إن هذا التقرير ليس ثقيلا بما فيه الكفاية».
نحن فعلا بحاجة الى وقفة مراجعة نقيم فيها أفكارنا وسلوكنا. فلعلنا نستطيع من خلال ذلك معرفة أسباب داء التعقيد الذي غزا حياتنا ومؤسساتنا ونعرف السبيل الى البساطة التي تعيد التوازن الى انفسنا وعلاقاتنا، واخيرا ما زلت اتذكر كلمات صديقي العزيز فواز خالد الياسين حينما تواجهنا بعض الصعوبات، اذ يقول لي: «يا عمر سهلها تتسهل وصعبها تتصعب».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...