السبت، 14 نوفمبر 2015

الدعاة ومعادلة الإنهيار

 
إن من أقبح أنواع العُجب التى تصيب الدعاة ذلك العجب الفردي أو الجماعي بالمنهج المتبع في السير إلى الله والعمل له ،فقد يهتم أحد الدعاة أو بعض الجماعات بجزء من الإسلام ويتخذونه منهجا ويتهمون غيرهم بالقصور في فهم الدين أو التقصير في أداء  واجبهم نحوه ، و صنف اخر من الدعاة يتفاخرون بغرور بسبقهم الدعوي وشمول منهجهم فى الدعوة الى الله ، وعلى هذا النحو ستجد تنوع فى نماذج العُجب الظاهرة فى مجتمع الدعاة والمنظمات الدعوية . وخطورة أفة العُجب إنها تتسلل بهدوء الى النفوس وخاصة الى القيادات والرموز الدعوية ، وما إن تستفتحل هذه الافة حتى يكون الصدود فى تقبل الحق وعادة ما يُغلف ذلك  الصدود بمبررات فكرية ودعوية وغيرها من المعانى المطروحة فى ثقافة مجتمع الدعاة والمنظمات الدعوية.
ابن عمر يُعلمنا صفاتهم.... فلاتنبهروا بهم
ذُكر عن عبدالله بن عمر رضى الله عنه أنه كان يمشي يوماً في المسجد الحرام فمر برجل يقص القصص ،فقال  رجل لإبن عمر: يا أبا عبدالرحمن أتدري ما يقول الرجل .؟(فقال: نعم . . يقول :انظروا إليّ ) ،
ولعل ابن عمر رضي الله عنه شعر من حال هذا الواعظ إتيانه بالغرائب يريد جمع الناس إليه فكان ما قال .
أقول وهناك صنف من الدعاة يظهر علينا بين فترة وأخرى ممارساً هذا النوع من الطرح المملوء بالعجب فينبهر به  من حوله من الدعاة والمدعوين . فلنحذر من هذا الصنف فهو حائل للبركة فى أعمالنا الدعوية ، ولنربي أنفسنا على الاستفادة من  غير إعجاب وإنبهار يحجب القلب عن رؤية الحق ،فكم انبهر بتلك الأطروحات  ممن كان معنا فى صفاء أخوى وتعاهد دعوي  فتركوا  صف  الدعاة وصحبتهم ، فكانت العاقبة نزعة طاغية فى تعظيم الذات والصدود عن الأعمال الدعوية الجماعية .
 
نتناصح فيما بيننا ... خوفا من معادلة الإنهيار
إننى برسالتى هذه أذكر نفسى وأذكركم بخطوره هذه الأفة ، .ومن يتدبر قول الله تعالى يجد ذلك جليا :  
 
" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ " .
فإذا كان هذا في شأن بعض صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهو معهم , فحق لنا جميعا – دعاة ومدعوين -   أن نخشى  ونعتبر ونبحث بصدق في قلوبنا ونهتم بما فيها .
ختاما،إن تفشي العُجب والإنبهار فى مجتمع الدعاة يُنذر بأولى معادلة الإنهيار ،فإن تجاهلنا ذلك ستظهر لنا معادلات  أكثر تعقيدا وأكثر خطراً .
 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...