الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

نجاح المنظمة الدعوية بين الوهم والحقيقة


النجاح طموح تصبو اليه المنظمات الدعوية من خلال استخدام وتفعيل كافة الموارد والكوادر المتاحة لديها وذلك لتحقيق رسالة واهداف المنظمة فى المجتمع.وهنا تظهر أهمية تحديد مؤشرات النجاح للمنظمة وان تكون واضحة لكافة وحدات العمل والعاملين فيها، لأن تلك المؤشرات تحدد موقف المنظمة من حيث التقدم او التأخر فى تحقيق الأهداف والغايات .

 

ان واقع بعض المنظمات الدعوية اليوم هو النقاش والحوار الذى قد يصل الى الجدل حول تحديد تلك المؤشرات فالبعض يرى ان مقاييس ومؤشرات النجاح يجب ان تتغير ويعاد النظر فيها فى كل مرحلة من مراحل المنظمة الدعوية والبعض يرى ان الكثير  من المشاريع الدعوية التى كان تتبناها المنظمة أصبحت تُتَبنى من قبل جهات عديدة فى المجتمع وعلى المنظمة ان تبحث عن مؤشرات ومشاريع جديدة تكون مُلهمة للعاملين بالمنظمة. والذى أراه فى مثل تلك الحوارات انها مجال خصب لصناعة الأفكار الجديدة  والجيدة ولكن الإكثار منها يُوقع المنظمة الدعوية فى شراك الوهم ويجعل البون شاسعا بينها وبين المجتمع ، لأن مثل تلك الحوارات قلما تقف على الوضع الحالى لأداء المنظمة فهى اما تقفز الى الامام بحلول ومؤشرات نجاح غير ممكنة التنفيذ او بالرجوع الى المؤشرات القديمة التى أصبحت غير مناسبة فى ظل التغييرات التى تجتاح ثقافة المجتمع ، ولعل الوقوف على الواقع ومراجعته بدقة  وعدم القفز للأمام أو التراجع للخلف  قد يكون مزعجاً لبعض قيادي العمل  فى المنظمة الدعوية .

 لذا فالخروج من تلك الدائرة المغلقة  المملة فى الحوار والنقاش يكون بالمراحل او الخطوات التالية :

 
1-التعرف على الحقائق الحالية:

 

وهنا أذكر على سبيل المثال  وليس الحصر إن على المنظمة ان تتعرف على حقائق التغييرات التى طرأت على ثقافة المجتمع الذى تريد ان تعمل فيه من خلال الإحصائيات المتوفرة وعمل بعض الإستبانات إذا تطلب الامر  ،وان تتعرف كذلك على حقائق الموارد و الكوادر المتاحة فى المنظمة والتى يمكن من خلالها تحقيق رسالة المنظمة. إن التعرف على الحقائق يشمل عدة جوانب يمكن تحديدها بناء على أهميتها بالنسبة للمنظمة  ،ومن غير هذه الخطوة تكون المنظمة قد أصلت الوهم فى تخطيطها الدعوي . 

 
2- تحديد ماذا تريد المنظمة؟

 

فى هذه المرحلة على المنظمة الدعوية وكوادرها بعد ان تعرفت على الحقائق الحالية وأطمأنت لدقتها وعكسها للواقع، ان تحدد ماذا تريد من أهداف وماهى مؤشرات النجاح لتحقيق تلك الأهداف ،وماهى أولويات المنظمة فى ذلك. وهنا قد تظهر قضية فكرية فى بعض المنظمات الدعوية التى تؤمن بالفكر الشمولى ، وهو هل يستلزم ان تعمل المنظمة فى كل المجالات ام تكتفى بمجالات محددة فقط .

 
3- وجود أليات  وتصورات تنفيذية واضحة والبدء بالعمل.

 

ان المرحلتين الاولى والثانية مهمتان ولكن يغلب عليهم الجانب النظرى التحليلى اما المرحلة الثالثة وهي الاهم بإعتقادي ، وهى ان تستوعب قيادة المنظمة الخطوات التنفيذية لتحقيق الأهداف وان يكون لديها القدرة على تحفيز العاملين والدعاة  وبناء الانسجام والمتابعة الحثيثة والدعم  بين وحدات عمل المنظمة حتى تصل المنظمة الى غاياتها.

 

ان النجاح فى هذه الخطوة وتنفيذها بجدارة ينقل المنظمة من اوهام التخطيط الى حقائق النجاح  ، وفى هذه المرحلة يجفل الكثير من الدعاة الذين لهم قدم  راسخة فى الخطوة الاولى والثانية ، لأن التنفيذ يحتاج جهد نفسي مضاعف للخروج من منطقة الأمان او الراحة التى اعتاد عليها الكثير من العاملين والدعاة بالمنظمة الدعوية ، والخروج من منطقة الأمان والراحة يستلزم تربية إيمانية مستمرة وتواصى عميق على مفاهيم الدعوة الى الله بين أعضاء المنظمة .

 

 
4- التقييم الدورى للأداء .



وهنا على المنظمة فى هذه المرحلة  ان تقيم أدائها بصورة تنعكس على فاعلية الدعاة والعاملين فى المستقبل، وان لا يكون تقييمنا للاداء سبيل لمزيد من الإحباطات والإخفاقات ولا تزييف للنتائج التى حققتها المنظمة و لاميدان للمجاملات .ان تقييم الأداء محفز رئيسي للمنظمات التى بين أعضائها انسجام وإخاء وصدق ووفاء ودافع لتحقيق المزيد من النجاح ، ومن التجارب الجميلة التى قامت بها احد المنظمات الدعوية فى موضوع تقييم العاملين لديها هو التقييم وفق نموذج 360 وهو أن يُقيم العامل من المستوى الذى اعلى منه كالمسئول عنه مثلا  وان يقيم من زملاء عمله بنفس الدرجة ، ويتم تقييمه كذلك من المستوى الذى أدنى منه. ان التقييم بهذه الطريقة له اثار تنموية على شخصيات العاملين  فى المنظمة الدعوية ويا حبذا أن يُطبق على تقييم المشاريع الدعوية مع بعض التعديلات المناسبة للنموذج.

 

 


ختاما 

ان خططنا وتحليلاتنا واستنتاجاتنا حول المنظمة الدعوية وأداؤها لن تكون اثاره حقيقة مالم نستوعب التنفيذ ونخرج من دائرة الأمان والراحة وإلا سيظل الوهم هو الغالب فى ثقافة المنظمة وسيتناقله اجيال الدعاة حتى يصبح عرفاً قائما يزيد تمحورنا حول ذواتنا ولن يزيدنا إلا تقهقرا وتراجع .

 

 

 

هناك 4 تعليقات:

  1. لا تعطه سمكة بل عمله كيف يصطاد ما لم نجعل النظري عمل ونمارسه كدعاة محترفين مطبيقين كافة المهارات والأدوات اللازمة في اعمالنا فنحن في فخ التنظير

    ردحذف
  2. كلام واقعي وصحيح بوركت اناملك
    واضيف عليه كايضاح وتفصيل بالنسبة لمعايير التقييم تحتاج الى دقة في القياس من ناحية مدى الاثر الحاصل ومدى مطابقة المعيار وتلازمه مع الهدف

    كذلك من الامور المهمه لمعرفة مدى تحقق النجاح في المؤسسة هو ما اسميه التقييم اللحظي وعدم الاعتماد على التقييم السنوي او النصف السنوي
    وفكرة التقييم اللحظي تقوم على ربط الوسائل والمؤشرات الواضحة المقاسه بنسب واضحه لاتعتمد على التخمين بل تعتمد على لغة الارقام والنسب
    حيث يقوم كل فرد عامل بتقييم لحظي لما هو متطلب منه تحقيقه من وسائل واخداف مرحليه ومدى نسبة انجازه فيها وهي بدورها تصب في الاهداف التي هي اكبر يستطيع المسؤول المباشر معرفة مدى التقدم في الانجاز لحظيا ودون الحاجة الى الانتظار سنوي او تصف سنوي
    فتربط كل تلك الاهداف ووسائلها مع بعضها البعض بنظام حاسبوي يعطي كل فرد صلاحيه بمتابعك ماتم انجازه لحظيا من ادنى الهرم الى اعلاه وكل في مجاله وكل شخص له صلاحيات معينه في الادخال والتغيير او الاطلاع

    ردحذف
  3. وللاستزاده حول هذا الموضوع عندي بعض الورقات كتبتها كمقارنه بين التقييم المعتاد في اغلب المؤسسات ( سواء سنوي او نصف سنوي) والتقييم اللحظي (الذي اقترحته كمفهوم جديد للتقييم). ومدى الفرق في اعطاء دقة للنتائج واختصار الوقت وسرعة المعلاجة الاحظية واختصار الوقت
    in_islam@hotmail.com

    ردحذف
    الردود
    1. السلام عليكم

      اخى الكريم

      شاكر لك مرورك على المدونة والتعليق ويسرنى الإطلاع على الورقات التى كتبتها
      إيميلي omar_mutawa@outlook.com

      حذف

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...