الأربعاء، 5 يناير 2022

حديث الإخاء

 الأخوة فى الله  … إخوة صادقةمملوءة بالحب النقي المبادر فيها يقول " إني أحبك فى الله" فيلتقطها أخوه بسرور وبشر  فيرد عليه " أحبك الله الذى أحببتني من أجله"، ما أجملها من إخوة وما أوثقها من رابطة قلبية. 

قال الله تعالى: " وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " 

 

 إن معنى الأخوة فى الله الذى طالما جعلنا نترنم بجميل شذاه لا يسلم من الكدمات التى تكدر صفاءه ونقاءه فإن لم ننتبه لتلك الكدمات ونتداركها سيعقبها صدمات وهزات تجعل بنيان الإخاء يتصدع ، وحينها ستجد  الخصومات متفشية والعلاقات الأخوية  مهلهلة وتجد الشيطان متربص يذكى شرارتها بكل ما أوتي من قوة، ففى مواطن الخلاف تتكالب الشرور والظنون من كل حدب وصوب فالشيطان من جهة وهوى النفس ونزعاتها من جهة أخري ويزيدها عمقا الجفاء فى العلاقات والأحاديث المتناقلة بين الأطراف من غيبة ونميمة وبهتان وحينها يبدأ كل طرف بشحذ ذاكرته فى حصر كل السلبيات التى  وقعت من أخيه ويتجاهل كل الذكريات الطيبة التى يرق لها القلب ويفرح لها الفؤاد، فتراه يفتش عما يُعينه ويقويه فى الانتصار على أخيه فى الله، فما إن ينتهي من معركة إلا وينزغ فيه الشيطان ليبدء معركة أخرى، وفى لحظة الصفاء يلتفت حوله فلايجد فى نفسه إلا مايضيق صدره ويكدر خاطره، فعلى الرغم من انتصار المواقف الذى حققه تجاه إخوانه إلا أنه قد أحدث تصدعاً فى النفوس يصعب علاجها، وفرقة فى العلاقات يصعب جمعها وإحياء المودة فيما بينهما .

 

ختاماً

علينا أن نعترف بأنه لا دواء لبلية الضغينة والجفاء والقطيعة التى تنخر فى بنيان إخوتنا إلا بتزكية نفوسنا من خلال  التربية الإيمانية الدائمة والعميقة  والتى من ثمارها الألفة والمحبة وسلامة الصدر وراحة البال والطمأنينة والهدوء فى الضمير. 

 

يقول ابن حزم الأندلسيرحمه الله - :

"ومن الأسباب المتمناة في الحب : أن يهب الله عز وجلَّ للإنسان صديقاً مخلصاً ، لطيف القول ، بسيط الطَّوْل ، حسَن المأخذ ، دقيق المنفذ ، متمكن البيان ، مرهف اللسان ، جليل الحِلم ، واسع العلم ، قليل المخالفة ، عظيم المساعفة ، شديد الاحتمال ، صابراً على الإدلال ، جم الموافقة ، جميل المخالفة ، محمود الخلائق ، مكفوف البوائق ، محتوم المساعدة ، كارهاً للمباعدة ، نبيل الشمائل ، مصروف الغوائل ، غامض المعاني ، عارفاً بالأماني ، طيب الأخلاق ، سري الأعراق ، مكتوم السر ، كثير البر ، صحيح الأمانة ، مأمون الخيانة ، كريم النفس ، صحيح الحدس ، مضمون العون ، كامل الصون ، مشهور الوفاء ، ظاهر الغناء ، ثابت القريحة ، مبذول النصيحة ، مستيقن الوداد ، سهل الانقياد، حسن الاعتقاد ، صادق اللهجة ، خفيف المهجة ، عفيف الطباع ، رحب الذراع ، واسع الصدر ، متخلقاً بالصبر ، يألف الإمحاض[أي : إخلاص الود] ، ولا يعرف الإعراض ، يستريح إليه ببلابله ، ويشاركه في خلوة فكره ، ويفاوضه في مكتوماته ، وإن فيه للمحب لأعظمَ الراحات .

وأين هذا ؟!

فإن ظَفِرَتْ به يداك : فشدهما عليه شد الضنين ، وأمسك بهما إمساك البخيل ، وصنه بطارفك وتالدك ، فمعه يكمل الأنس ، وتنجلي الأحزان ، ويقصر الزمان ، وتطيب النفس ، ولن يفقد الإنسان من صاحب هذه الصفة عوناً جميلا ، ورأياً حسناً ".

" طوق الحمامة "  ص 164.

 

 

كتبه/ عمر المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...