الأربعاء، 5 يناير 2022

مكياج العمل المؤسسي

 لم يعد العمل المؤسسي اختياراً بل أصبح ضرورة للازدهار والنمو  والاستدامة والمحافظة على الوجود،وإن ممارسة العمل المؤسسي بشكل منتظم ومبني على المبادئ والقيم والمعايير والإجراءات الواضحة يساهم بشكل رئيس في تطور عمل المنظمة من الفردية إلى الجماعية ومن العشوائية في الإدارة والتأثير إلى التخطيط والديناميكية في الإدارة وصناعة الأثر.

 

  إن المهنية في إدارة العمل المؤسسي أحد أدوات الضمان  التي تمتلكها المنظمة لاستمرار عملها في الاتجاه الصحيح  وبالسرعة المطلوبة التي تمكنها من تحقيق رؤيتها وأهدافها،وإن المتأمل فى واقع بعض المنظمات يجدها دائما ما تتغنى بأهمية العمل المؤسسي ، فتراها تعقد ورش العمل وتعد الهياكل والاستراتيجيات لتحقيق مفهوم العمل المؤسسي في أعمالها و لكنها سرعان ما تتخلى  عن ذلك عندما يتطلب الموضوع بعض القرارات الجريئة والواضحة، فتراها تتهافت وتعود الى النمطية التي تضرب كل مفاهيم العمل المؤسسي عرض الحائط ،وحينها يصبح مفهوم العمل المؤسسي بالنسبة لها كأحد أنواع مساحيق التجميل والمكياج التي يتم استخدامها لتزيين صورة المنظمة في بعض المناسبات.

 

   إن مكياج العمل المؤسسي هي ظاهرة  تعاني منها بعض المنظمات عند ممارستها للعمل المؤسسي بصورة شكلية ، فتراها تتصنع و تنادي بالمؤسسية وتُنظْر لها، وتقتلها في مهدها عندما تجد أن المؤسسية ستنزع زمام السيطرة من يد قياداتها.

 

ولعل من أهم الأسباب التي تكمن وراء هذه الظاهرة : 

1- الإدارة بالنموذج الفردي أو جماعة الضغط أو مايسمى اللوبيات ، فالإدارة من خلال تلك النماذج يساعد أصحاب القرار في استمرار سيطرتهم على مشاهد المنظمة وعادة ما يكون نتاج تلك النماذج غياب المنهجية في اتخاذ القرار والإدارة من خلال الصناديق المغلقة، وعلينا ألا نستغرب من تصنع بعض القيادات وتنظيرها للأعمال المؤسسية  للمنظمة وذلك من أجل الإثبات للآخرين بأن لديهم عقولا جماعية، وأفكاراً بعيدة عن الفردية والتسلط والسيطرة .

2- السطحية في تحليل أداء المنظمة وغياب القدرة على استشراف مستقبلها، فتجد جل اهتمام قيادات المنظمة التفكير الحالي والوقتي الذى يفتقد العمق الاستراتيجي، فيكون شغلهم الشاغل حل المشاكل الطارئة وإطفاء الحرائق التي تواجه المنظمة.

3- الاكتفاء بإيجاد مقدمات العمل المؤسسي من رؤية وأهداف واستراتيجيات، وعدم القدرة على تنفيذ الأعمال والسياسات والإجراءات التنفيذية  التي تحقق مفهوم العمل المؤسسي المنشود  .

4- عدم الاهتمام بالموارد البشرية في المنظمة من حيث الاختيار وتأهيل الكفاءات ، فكم من منظمة قد انهارت لعدم اهتمامها بهذا الجانب؟! وإذ بها تصدم بعدم وجود قيادات بديلة لتولى المهام والمسئوليات.

 

ختاماً.....

قال الله تعالى :(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) سورة الأحزاب -  72 .

 

  إن مفهوم الأمانة له عدة معان، ويبدو لى أن من الأمانة التي يجب أن يؤديها العاملون في المنظمة بكافة مستوياتهم تحقيق مفهوم البناء والعمل المؤسسي في المنظمة التي يعملون بها ،وذلك حسب المهام ونطاق العمل الذى يشرفون عليه ، فكم هو مؤلم أن يكون البناء والعمل المؤسسي أملًا منشوداً وحلمًا مفقودًا بالنسبة لبعض المنظمات على الرغم من  توفر كافة الإمكانات والقدرات .

                                                    كتبه

                                          د.عمر سالم المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...