الخميس، 16 يونيو 2011

نمــوذج النحــل

                          عمر سالم المطوع*
عادة ما يستشهد الناجحون والمختصون وغيرهم ببعض التجارب والنماذج الإيجابية والسلبية وذلك لتأكيد على فكرة أو نظرية ما سواء بالإيجاب أوالسلب . ومن العوالم المملؤه بالنماذج التي يمكن إستخدامها لتأكيد على بعض الأفكار والنظريات هو عالم النحل .و لقد أولعت خلال السنوات الأخيرة بتربية النحل وفهم أطوار حياة النحل ولقد حضرت مؤخرا دورة تدريبية حول هذا الموضوع والتي يقيمها المركز الكويتي لأبحاث النحل التابع للنادي العلمي الكويتي والتي يقدمها الأستاذ الخبير/ توفيق المشاري.
إن المتأمل في عالم النحل يجد الكثير من النماذج والمشاهد التي يمكن أن يقتبسها الإنسان لكي يرقى في حياته المهنية واليومية ومن تلك النماذج هو وضوح (المسار الوظيفي) لأعضاء خليه النحل فمثلاً نجد أن
"شغالات النحل"
* التي عادة ً ما يتراوح متوسط أعمارهن بين 45-60 يوماً  يقومون في كل مرحلة زمنية من اعمارهن بعمل محدد المهام ففي أول أيامهم الثلاثة يقومون بتدفئة الحضنه ومن ثم ينتقلون إلى تغذية اليرقات وهكذا يقومون في كل مرحلة بعمل محدد وواضح إلى أن ينتهي بهم المطاف إلى حراسة مدخل الخلية وتنظيفها. وهذه المهام المحددة لا تمنع الشغالات بالقيام بنفس الأعمال مرة أخرى إذا استدعت حاجة الخلية لذلك.
إن وضوح المسار الوظيفي (Career Path) والتخطيط له يلعب دور رئيسي في تحقيق أهداف المنظمة من جهة وتحقيق أهداف العاملين من جهة أخرى، يمر الفرد خلال حياته الوظيفية بمراحل متعددة ومتنوعة تبدأ منذ إلتحاقة بالوظيفة وتنتهي بسن التقاعد. لذا نجد أن المؤسسات الناضجة تهتم ببناء خطة الموارد البشرية والتي تحتوي عدة جوانب من أهمها التخطيط للمسار الوظيفي والذي هو عبارة عن ( مجموعة الوظائف المتتالية التي يشغلها الفرد على امتداد عمره الوظيفي والتي تتأثر باتجاهاته وطموحاته وآماله ومشاعره أو بمعنى أخر هو وضوح الطريق الذي يسلكه الفرد خلال فترة عمله)1. وللأسف تبين لي من خلال الدراسة 2 التي أجريتها على قطاع شركات التمويل والاستثمار في الكويت عام 2006 إن الغالبية العظمى من تلك الشركات لا تهتم بخطة الموارد البشرية ولا بالتخطيط للمسار الوظيفي ولاتعتني بربطه فى التدريب، ولعل ذلك من أهم أسباب تراجع مستوى الكوادر المهنية في ذلك القطاع. إن أهمية التخطيط للمسار الوظيفي تكمن فى عدة جوانب منها: (تحقيق الفرص الملائمة للعمل/تحفيز العاملين وتكثيف رغبتهم في العمل والتطور والتقدم/ إشباع الحاجات  النفسية والعقلية والاجتماعية لدي العاملين/ تقليل معدلات دوران العمل والغياب والتأخير/  تعميق خبرات الأفراد وتنويع مهاراتهم ومعلوماتهم..وغيرها).
ولو إنتقلنا من المسار الوظيفي الى مسار حياتنا اليومية نجد إننا بحاجة إلى تحديد الأهداف والانشطة لكل مرحلة عمرية في حياتنا وذلك حتي لا نكون ضحية للعشوائية ولسلوك المجتمع الذي قد يكون سلبيا وعائقا للتميز والريادة.
أخيراً نقول إن التأمل والتفكر  يُوجد العِبَرَ لمُريدها  وكما قيل (إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة).

*كاتب متخصص فى الإدارة والموارد البشرية
المراجع :-
1-  الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية ( د. جمال الدين مرسي)
2- Human resource planning- The case of Kuwaiti finance companies 
By Omar Almutawa    

(*) الشغالة :هي أنثى النحل وهي تقوم بجميع أعمال الخلية الداخلية والخارجية
ما عدا وضع البيض والتلقيح.
(*) الحضنه : هو بيض ملكة النحل حديثي الوضع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...