الأحد، 19 يونيو 2011

حياتي كلها لله

                                                                                                             عمر المطوع

جميلة تلك القناة الفضائيه التى إسمها ((طيور الجنة)) والتى تهتم بغرس القيم الإسلامية فى الصغار من خلال الأناشيد الإسلامية التصويرية (فيديو كيليب) وحيث إن إبنتى الصغيره نسيبة ذات الأربع سنوات مغرمة بتلك القناة الفضائية حتى أصبحت عائلتى الصغيرة كلها مغرمة بها وتردد أناشيد قناة طيور الجنة.  ذات يوم جلست نسيبة الصغيرة بجانبى وبيدها الدف الذى لاتعرف كيف تستخدمه تنشد وتقول ((حياتي كلها لله .. فلا مولى لنا الاه .. أحب الله جل علاه و من حبي له أخشاه .. حياتي كلها لله)) وهى تردد كلمة  حياتى كلها لله وأنا أتفكر فى هذه الكلمات إنتابتنى عاطفة صادقة تقول لى متى تجعل حياتك كلها لله حتى تسعد بالله جل علاه.  متى تجعل  يومك منذ الصباح الى المساء  لله الكبير العظيم فى علاه فأصبحت الادلة الشرعية تنهال الى قلبى لتؤكد اهمية ان تكون ( حياتى كلها لله) قال الله عزوجل (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) الذاريات وقوله تعالى ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)) الانعام، وقول النبي صلى الله عليه وسلم )):من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة)) رواه الترمذى.
عند ذلك توقفت وأخذت الورقة وامسكت بالقلم وبدأت أتساءل  ماهى الأدوات التى على المسلم أن يحملها معه فى حياته الدنيا حتى يوفق بعد رحمة الله الكريم بان تكون حياته كلها لله فكانت تلك الأدوات التى قد أساهم من خلالها فى تقديم النصح لنفسى ولمن أحب من إخوانى المسلمين :
الفهم الواضح وطلب العلم:
ان تصرفاتنا السلوكية مبنية غالباً على قناعتنا الفكرية التي من أهم أسس بناءها الفهم الواضح ، والمسلم أحوج ما يكون إلى فهم واضح فى دين الإسلام ومقاصده وكيف يسلك الطريق المستقيم فى هذه الحياة الدنيا لذا نجد الإمام ابن القيم - رحمه الله - يبين إن صحة الفهم ووضوحه من أفضل نعم الرب على العبد فيقول: ((صحة الفهم وحسن القصد من أعظم نعم الله التي انعم بها على عبده بل ما أعطى عبد عطاء بعد الإسلام أفضل ولا أجل منهما بل هما ساقا الإسلام وقيامه عليهما، وبهما يأمن العبد طريق المغضوب عليهم الذين فسد قصدهم، وطريق الضالين الذين فسدت فهومهم، ويصير من المنعم عليهم الذين حسنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم الذين أمرنا أن نسأل الله أن يهدينا صراطهم في كل صلاة، وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد، ويمده (أي صحة الفهم) حسن القصد، وتحرى الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع مادته اتباع الهوى، وإيثار الدنيا، وطلب محمدة الخلق، وترك التقوى)) وطلب العلم من اهم الأسباب التى تعين على تحقيق الفهم الواضح والأيات والاحاديث فى ذلك كثيرة ولنا فى سلفنا الصالح خير مثال فى حرصهم على طلب العلم فقد روى الإمامُ مسلمٌ رضى الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال (إنَّ الملآئكةَ لتضعُ أجنِحَتها لطالبِ العلمِ رضىً بما يصنع). وقد قال العلماءُ في تفسيرِ هذا الحديث أنَّ الملائكةَ يُحبونَ طالبَ العلمِ ويُحبونَ ما يفعلُهُ طالب العلمِ من طلبِ الخيرِ، لذلك اذا رأت الملائكةُ طالبَ العلمِ فإنهم يتواضعونَ لهُ. والحمد لله نحن فى زمن تيسرت فيه وسائل وأساليب طلب العلم ولعلها  تكون من النعم التى نساءل عنها يوم القيامه. فياليت تتبنى حكومات دولنا الاسلامية  برامج تشجع فيها العلم والثقافة حتى تكون سلوك عند عامة الناس ولقد اعجبنى المشروع الثقافى لحاكم الشارقة فى دولة الإمارات بعنوان (مكتبة فى كل بيت) فإلى المزيد من تلك المشاريع الإيجابية التى تهتم بالبناء الفكرى للإنسان.
التواصى على الدعوة الى الله وفعل الخيرات والتركيز على الجانب الإيمانى:
يقول سيد قطب رحمه الله : ((فالإيمان حقيقة إيجابية متحركة ما إن تستقر في الضمير حتى تسعى بذاتها إلى تحقيق ذاتها في الخارج بصورة عمل صالح((. ولا يفوح ريحان الإيمان والعــمل الصالح في  حياتنا اليومية إلا بالتواصي بالــحق وبالتواصي بالصبر لذا علينا أن نتواصى بالحق  وبالخير الذى نحمله وندعو إليه ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل لأن الحق لا يحق في أرض الواقع بمجرد قناعتنا وإيماننا به فكم من فكرة حقٍ ضاعت لأنها لم تجد من يضحى ويصبر من أجلها .يقول سيد قطب رحمه الله : (( والتواصي بالصبر يضاعف المقدرة ، بما يبعثه من إحساس بوحدة الهدف، ووحدة المتجه وتساند الجميع، وتزودهم بالحب والعزم والإصرار)).
فوضوح البرنامج الإيمانى  كالأذكار اليومية والورد القرآنى والسنن الرواتب وصيام الأثنين والخميس والأيام البيض  وزيارة الأرحام وقضاء حوائج الإخوان والصدقه وزيارة المقبرة وقيام الليل والدعاء فكل ذلك له دور كبير بعد توفيق الله أن تكون أيامنا كلها لله  لذا علينا ان نقوم بتلك العبادات ونستشعرها وتكون من اهدافنا اليومية أو الشهرية وكل حسب همته فقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم: ))مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت(( وقوله صلى الله عليه وسلم:((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) والسائر الى الله عزوجل لابد له من رصيد فى العبادات القلبية حتى تشرق أنوار قلبه ويكون عبدا ربانيا موفقا فى جعل جميع ساعات يومه  فى سبيل الله.
وضوح الأهداف:
ولاشك وضوح الهدف موضوع تطرق له الكثير من خلال الكتب والمحاضرات ولن آتى بجديد فى ذلك ولكن ما أحببت أن أقول إن على المسلم الذى يريد ان تكون حياته كلها لله ان يكون السبب الرئيسى لجميع اهدافه رضا الله عزوجل وياليت ان تكون هذه الاهداف ذات أثر متعدى  ينتفع فيه الكثير من المسلمين ويكتب له الأجر بعد وفاته لذا علينا ان تكون لنا اهداف نصبو إليها كل فى مجاله وتخصصه وطموحاته ولنبدأ بالأهداف الصغيرة وننجزها ثم ننتقل الى ماهو اكبر منها الى ان نوفق الى عمل مشاريع حياة تكون هى البصمة الواضحة فى حياتنا وبعد  مماتنا فالإنجاز يضاعف الإنجاز ومن علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها وكم واحد منا وضع اهداف كبيرة فوق قدراته فلم يحققها فاصابه الإحباط الذى  جعله يعجز عن تحقيق أى أهداف اخرى فى الحياة فأصبحت حياته روتينيه لا فى عمل الدنيا ولا الاخرة وبإعتقادى إن تعقيد موضوع تحديد الاهداف من قبل بعض الاخوة جعل الكثيرمنا لايفكر إلا ان يكون رقما صعبا وهذا شيء جيد ولكن ينافى طبيعة تفاوت القدرات لدى عموم الناس فأوجد عندنا طبقة مميزة وطبقة محبطة خاملة وصدق الشيخ الراشد حين قال: "التعقيد التخطيطي ينافي السكينة الإيمانية"، ولكن بإعتقادى أن الكل منا يستطيع ان ينجز ويؤثر كل حسب طاقته وقدرته وهذا الإنجاز ذا أثر إيجابى كبير بمجموعه فى  أمتنا الإسلاميه. 
حسن الخلق:
تلك الاداة التى يستخدمها المسلم فى تعامله مع الاخرين فيكون ذلك الشخص الذى يحبه الناس لجميل اخلاقه وصفاته فهو يخالط الناس ويصبر على اذاهم  يتبع  ويقتفى هدي النبى صلى الله عليه وسلم فى تعامله مع الاخرين  سائلا الله فى ذلك أن يوفقه الى حسن الخلق الذى قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم: ((أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق)) رواه الترمذي والحاكم. وحُسن الخُلق: هوطلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الناس، هذا مع ما يلازم المسلم من كلام حسن، ومدارة للغضب، واحتمال الأذى. ولقد أوصى النبي صلى اللّه عليه وسلم أبا هريرة بوصية عظيمة فقال)) يا أبا هريرة! عليك بحسن الخلق)) قال أبو هريرة رضي اللّه عنه: وما حسن الخلق يا رسول اللّه؟ قال: ((تصل مَنْ قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك)) رواه البيهقي. جعلنا اللّه وإياك أخى القارىء ممن قال فيهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم: ((إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقا)) رواه أحمد والترمذي وابن حبان.
فى الختام أسأل الله عزوجل أن يجعل حياتنا كلها لله وان يوفقنا للخير وحسن الختام
والحمدلله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...