الأحد، 4 نوفمبر 2012

الإيجابى الكويتى وسائق الباص

الإيجابية كلمة جميلة في معناها عميقة في أثرها، وهي سمة تحتاج الى اعتقاد وقناعة وممارسة مستمرة حتى تصبح صفة ملازمة للفرد والمؤسسة. إن الإيجابيين يملأون حياتنا بهجة وسعادة بعطائهم الدفاق الذي يجعلنا في بعض الأحيان نحتار من عطائهم ونتساءل كيف وصلوا الى تلك الروح المشرقة وهل خُلقوا كذلك ام لا؟ طبعاً لا.. ولكنهم اتخذوا قراراً في باطن عقولهم ووجدانهم بأن يكونوا إيجابيين ومارسوا ذلك، فتعمقت «الإيجابية» لديهم وخرجت بصورة سلوك يفيض على المحيط الذي يعيشون فيه.
لذا فعلينا أن ندرك أن الأفكار التى نؤمن بها هى التى تصنع طبيعة الحياة التى سنعيشها ،فعلينا دائماً أن نلاحظ طبيعة الأفكار التى تراودنا، وإن كانت طبيعتها سلبية بصورة مستمرة، فعلينا أن نقف وقفة جادة مع أنفسنا قبل أن نفاجأ بأننا في دائرة سلبية يصعب علينا الفكاك منها. إن تغيير أفكارنا وسلوكياتنا السلبية لن يتم بيوم وليلة بل يحتاج الى أن نوطد انفسنا على الصبر، ونتيقن إننا في نهاية الطريق سننعم بالإيجابية التى نحلم بها ونسمع عنها. إن الإيجابية تتطلب منا أن نعوّد عقولنا على التركيز على الجانب المملوء من الكوب، وأن نتعود كذلك على الرفض القاطع لكل فكرة سلبية تراودنا مهما كان حجم المعاناة التى حولنا.
إننا في مجتمعنا الكويتى بحاجة الى «الكويتى الإيجابي» الذي يؤمن بأن وراء كل شدة فرجا وإن مستقبل بلادنا سيكون مشرقاً حتماً، فيدفعه ذلك الايمان الى السلوك الإيجابي الراقى بعيدا عن لغة الإسفاف والسلبية. إننا في الكويت في هذا البلد الصغير نعانى أزمة لايحتمل السكوت عنها وهي «أزمة السلوك» يذكي نارها من لايريد الخير لهذا البلد. فلا تظنوا ان تغيير سلوك المجتمع وجعله إيجابياً سيتحقق بإعطاء الكوادر والهبات للمواطنيين او بالوقوف في ساحة الإرادة والصراخ. إن سلوك المجتمع يتغير عندما نحدد المكونات الرئيسية التى تؤثر في سلوك المواطن على سبيل المثال لا الحصر (الإعلام والتعليم وغيرها) ومن ثم نقوم بدراسة تلك المكونات وتحديد خطة استراتيجية لسلوك المجتمع الذي نطمح اليه واستخدام تلك المكونات في تغيير سلوك المجتمع للأفضل من خلال خطة تنفيذية واضحة المعالم يتعاون الجميع على تحقيقها.
ختاما إن الإيجابية تستلزم منا العطاء الذي يعزز تلك القيمة حتى تغدو حياتنا ومجتمعاتنا أكثر تفاؤلاً وإشراقاً.
ومما يروى أن أحد سائقي باص النقل العام في دينفر ـ أميركا نظر في وجوه الركاب، ثم أوقف الباص ونزل منه، ثم عاد بعد عدة دقائق ومعه علبة من الحلوى وأعطى كل راكب قطعة منها. ولما أجرت معه إحدى الجرائد مقابلة صحفية بخصوص هذا النوع من الكرم الذي كان يبدو غير عادي، قال «أنا لم أقم بعمل شيء كي أجذب انتباه الصحف، ولكني رأيت الكآبة على وجوه الركاب في ذلك اليوم، فقررت أن أقوم بعمل شيء يسعدهم، فأنا أشعر بالسعادة عند العطاء، وما قمت به ليس إلا شيئا بسيطا في هذا الجانب».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...