الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

الإمكانات والعلاقات

   
وجود المؤسسات والمنظمات هو نتاج طبيعي لجهود مجموعة من الأشخاص الحقيقيين أو الاعتباريين او هما معا. وذلك بهدف تحقيق هدف أو تقديم خدمة او منتج ما. ولتحقيق ذلك لابد من وجود عنصرين رئيسيين في كيان المؤسسة، وهما الامكانات والعلاقات. ولقد رأينا في العديد من المؤسسات إمكانات وقدرات رائعة، ولكنها لم تتمكن من تحقيق النجاح بسبب الضعف في العلاقات أو ما يسمى «إدارة الاتصالات». وعلى عكس ذلك هناك مؤسسات لديها علاقات قوية جدا حتى انها بقوة تلك العلاقات والاتصالات استطاعت غرس قناعات وتوقعات لدى العملاء خلاف الواقع وحقيقة إمكاناتها المحدودة، فكان الفشل الذريع المصحوب بفقد الثقة هو النتيجة الحتمية لذلك.
إن معرفة الإمكانات الحقيقية للمؤسسة من غير تضخيم او مبالغة تساهم في رسم خطة عمل واقعية يمكن تحقيقها بنجاح، لذلك نجد كثيرا من المؤسسات تبالغ في تقدير إمكاناتها وقدراتها فتقحم نفسها بمشاريع وتحديات عالية المخاطر من أجل الربح السريع وبناء الشهرة، وللأسف فان انتكاسة تلك المؤسسة لن تتضح بسرعة إلا بعد أن يحذو حذوها العديد من المؤسسات في القطاع نفسه، فيكون أثر الانتكاسة أعمق. ولعل تلك هي أحد الأسباب المهمة للواقع الذي يعيشه قطاع شركات الاستثمار بالكويت على سبيل المثال. ولو انتقلنا الى جانب العلاقات نجد ان المؤسسة بحاجة الى تقييم شبكة العلاقات التي تمتلكها وما هي أثرها في تحقيق أهداف المؤسسة، وذلك يحتاج الى مراجعة دورية للعلاقات الداخلية والخارجية للمؤسسة. ولعل من الممارسات الخاطئة المنتشرة في مؤسساتنا، استخدام قوة العلاقات للحصول على المناصب والمسميات على الرغم من الضعف الواضح في الإمكانات والقدرات، فيكون المسؤول عن المؤسسة شخصا ضعيفا، همه الاول والأخير هو المحافظة على مركزه من خلال بناء العلاقات المبنية على العطايا والرشى والهبات بعيدا عن مصلحة المؤسسة وتميزها، لذا فإن الاستخدام السيئ لقوة العلاقات من غير روح المسؤولية قد يؤدي الى انهيار كامل للمؤسسة.
وإذا أردنا النجاح للمؤسسة، فعلى قيادات المؤسسة ان تتعرف على إمكانات وعلاقات المؤسسة وما تحتويه من كوادر بشرية ومادية أثناء تحديد الخطة الاستراتيجية، وأن يكون لديهم تصور واضح للإمكانات والعلاقات التي يحتاجونها لتحقيق كل هدف من الأهداف الاستراتيجية، وان لا تكون الخطة الاستراتيجية مجرد عرف قائم بالمؤسسة من غير السعي الجاد لتحقيقه.
أخيرا عندما كان (هنري فورد) ينوي تعيين أحد المديرين الجدد، فإنه كان يأخذه معه لتناول الغذاء أولاً، لكي يعمل له اختبار، فإذا أضاف المدير المرتقب الملح إلى الطعام من دون أن يتذوقه أولاً، فإن فورد كان يرفض تعيينه، فقد كان فورد يعتبر هذا دلالة على أن المدير المرتقب سيقوم بتنفيذ الخطط الجديدة قبل أن يختبرها أولاً.
عمر سالم المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...