الخميس، 11 أبريل 2019

إطارك الفكري... أيها المبادر

تُلهمنا قصص المخترعين والمُبتكرين وأصحاب المبادرات ، ولعل الكثيرمنا يُشد إنتباهه للمحيط الذى نشأت فيه الفكرة أو الاختراع وكيف تفاعل  الأصدقاء و المقربين والمستفيدين مع مثل تلك الأفكار والابتكارات  فمن تلك القصص :

-       فرانك ماكنمارا

في عام 1949 وفى يوم من الأيام ذهب فرانك مع إثنين من أصدقائه  لتناول العشاء ، وعند دفع الفاتورة تذكر إنه نسى المال في بيته مما سبب له إحراج ،وهنا أتت اليه فكرة اختراع بطاقة تسمح للشخص حملها عوضاً عن المال فقام بعرض الفكرة على أصدقائه الذين كانوا معه بالمطعم وناقشها كذلك مع مالك المطعم الذى سبق وأن تعشى فيه  فشجعوه . وفى عام 1950 تأسست شركة “Diners Club” لتكون انطلاقة أول بطاقة ائتمانية مستقلة في العالم وفى نفس  العام  قام بزيارة نفس المطعم ولكنه هذه المرة قام بالدفع عن طريق البطاقة .

-       توماس أديسون

من أبرز الشخصيات العالمية التي أحدث ثورة في عالم الابتكارات والاختراعات  فهو من اخترع المصباح الكهربائي والمسجل الصوتى وغيرها من الاختراعات ، ومن القصص المُلهمة في حياته ما يرويه البرفسور (وليم باريت) حيث يقول :  عندما عرض  أديسون  مسجل الصوت الذى اخترعه في أكاديمية العلوم بباريس ، أعلن العلماء الحاضرون جميعاً استحالة تسجيل صوت الإنسان على إسطوانة من المعدن  وبعضهم إتهمه  بأنه يخفى رجلاً في الغرفة ينطق من حنجرته ليخدع الحاضرين .


إن المتأمل في قصص الناجحين والمبدعين يجد قصص أشد غرابة وإلهام مما ذكرت ، وحقيقة  جلست أتفكر في جزئية التعامل مع الأشخاص الذى يحملون أفكار خارج إطار مجتمعهم وكيف إن الإطار الفكري  الذى يحمله الأنسان هو الأداة الذى ينظر من خلالها لما حوله فبعض الأحداث التي تحصل للإنسان إذا رآها بطريقة مختلفة  قد تساعده في  خلق إبتكار جديد أو تكون حلاً لمــــشكلـة  أزلية  خاصة إذا حصل التشجيع ممن حوله ،كما حصل لمخترع  الCredit Card .

إن الإطار الفكري هو شيء كامن في اللا شعور أو مايسمى بالعقل الباطن وهو حصيلة  أجزاء كثيرة من الإعتقادات والفرضيات والعادات  وطرق التربية وغيرها من العوامل  ، وفى أغلب الأحيان الإنسان يرى الحدث الذى أمامه من خلال أطـــار ( ديني أو مجتمعي أو علمي أو سياسي أو حزبي أو اقتصادي  ) ، فتراه يقبل ما يتفق مع إطاره ويرفض كل ما يقع خارجه ، حتى تجد بعضهم يسعى لإقناع الأخرين بالإطار الذى يرى فيه الأشياء ويثور وينزعج إذا رآهم يسيرون على خلاف ما يعتقد ، ولعل من يتميز بالذكاء الوجداني يستطيع تفهُم الأطر الذى ينطلق منها الآخرون في تحليلاتهم ووجهات نظرهم فتراه يحرص أن لا يدخل معهم  في جدل  يؤذى به نفسه ولا يأبه كثيراً بمن قيد إطاره الفكرى في موافقته للجماعة أو المجتمع الذى ينتمى له ،خاصةً إذا كانت تلك الشخصيات عائق له للنجاح والتميز فلو سلم أديسون لأراء العلماء الذين  حوله لما حقق تلك الإختراعات .

ختاماً ...

علينا أن نُدرك إننا في كثير من الأحوال ليس لنا يد في صناعة الأطار الفكري الخاص بنا فهو يتشكل وفق ظروف يصعب علينا التحكم بها ،  والمُسدد من كان إطاره الفكري مستمداً من مشكاة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم . ومن وفقه الله بأن يكون موجهاً أو مربياً أومسئولاً إعلاميا  ، فليحسن  المساهمة في صياغة الأطار الفكرى  للأجيال الصاعدة ، فهذا البناء نواة النجاح ومن لا يدرك حجم المسئولية التي على عاتقه قد يكون سبباً في صناعة  شخصيات ذات أطر فكرية بشعة  معيقة لنهضتنا وتقدمنا .



كتبه / د.عمر المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...