الجمعة، 16 أكتوبر 2015

الدُعاة المُدراء


ظاهرة تجدُها بنسبٍ متفاوتة فى بعض المنظمات الدعوية ، وهى إن الدعاة الى الله القائمين على إدارة تلك المنظمات قد جَنحُوا فى طريقة إدارتهم وفى علاقتهم مع إخوانهم الدعاة الى الأسلوب الإدراي الروتينى المشابهه لماهو مستخدم فى الدوائر الحكومية والتجارية ،مما أدى إلى أن تتحوّل مشاعر الأخوة إلى علاقة جافة رسمية أشبه بعلاقة الموظفين داخل العمل، تغلب عليها السطحية وعدم الاهتمام بالآخر، وهو الأمر الذي يعيب  أجواء بعض المنظمات الدعوية ، ويجعلها غير قادرة على إيصال رسالتها.

ولعل من علامات هذه الظاهرة هو  إن اللقاءات الدورية لأعضاء المنظمة الدعوية أصبحت عديمة المشاعر الأخوية الصادقة لذا فقد تجد سيطرة مشاعر الفتور فى السلام والترحيب بين الأعضاء حتى  إن علاقتهم  ببعضهم  البعض لاتتجاوز تلك اللقاءات أو المتابعات الإدارية الدورية ولعل  من أسباب ذلك،ضعف التأصيل  الشَّرعي لجوانب الأخوة في الله وبيان أهميته فى الدعوة الى الله ،ومن الأسباب كذلك ضعف التربية الإيمانية حيث أصبح جُل إهتمام المنظمة  الجوانب السياسية والحركية والشهرة الإعلامية  بعيد عن تقوية معانى الأخوة  فى  الله  بين أعضائها.

إن  إزدياد ظاهرة" الدعاة المدراء " ذات علاقة طردية فى إزدياد ضعف روح العمل الجماعى بين أعضاء المنظمة ، لأن من طبيعة "الداعية المدير"  الإدارة عن طريق الإجتماعات فهو لا يُحسن النزول الى  الميدان وغير قادر على تحفيز الدعاة وتوظيف طاقاتهم فى سبيل إنجاح المشروع الدعوي للمنظمة ، لأن فهمه للواقع عادة مايكون من  خلال التقارير والنقاشات التى تتم حول الطاولة المستديرة ، ومن الملاحظ كذلك على  بعض  المنظمات الدعوية التى تفشت فيها ظاهرة "الدعاة المدراء" هو كثرة الإجتماعات وكثرة اللجان وكثرة المجاميع الضاغطة لعمل تعديلات هيكلية ولإعداد اللوائح  الخاصة بالصلاحيات الإداريه والتنظيمية ،لذا فإن  المشروع الدعوى  لمثل تلك المنظمات ظل يُراوح فى مكانه بإنتظار " الدعاة القادة " الذين ينتشلون المنظمة من عثرتها ويوجهوا قُدرات وإمكانات الأعضاء نحو رسالتها ويُعززوا  معانى الدعوة والاخوة فى الله وحسن الظن وسلامة الصدر  والإيثار  فى ثقافتها حتى يتوارثها الأجيال ويكون نتاجها السعى المستمر والدؤوب فى إصلاح المجتمع  وفتح أفاق جديدة للمشروع الدعوى للمنظمة .

 
والذى أراه إن كثيرا من إخفاقات المنظمات الدعوية التى تفشت فيها ظاهرة " الدعاة المدراء" ليس  له علاقة بالرؤية والاهداف والقيم  واللوائح التى تتبعها المنظمة ، بل سببه المباشر والصريح هو سلوكيات الادارة التى يمارسها الاعضاء المكلفين بمهام وحدات العمل المختلفة للمنظمة الدعوية ،حيث إن تلك السلوكيات  التى  يمارسها " الدعاة المدراء" كرست بعض المعانى السلبية  ،حيث جعلت أجواء العمل فى المنظمة طاردة وغير  قادرةعلى إستقطاب وتوظيف الطاقات ، لذا فحري بإدراة المنظمة الدعوية ان تُراجع وسائلها وأساليبها فى  إدارة الأعضاء العاملين حتى تتمكن من تحقيق  رسالتها فى المجتمع ، لأن أسلوب الادارة له دور فعال فى حيوية المنظمة الدعوية ، حيث تشير بعض  الدراسات التى أجريت على بعض المنظمات التطوعية إن من بين كل خمس  متطوعين  يغادر ثلاثة منهم العمل خلال فترة لاتتجاوز السنة  بسبب سوء الإدارة وضعف  إدارة جهودهم من قبل الجهة المشرفة .


ختاماً

على الأعضاء العاملين فى تلك المنظمات الدعوية التى تفشت فيها مظاهر الضعف أن لا يكونوا  معول للإحباط والانهزام بل عليهم أن يبادروا فى النصح وتقديم المبادرات التى تنهض بمستوى منظمتهم الدعوية  فليس كل مايحصل فى مثل تلك المنظمات يسير نحو الأسوأ، ففي غمرة كل الأحداث والمظاهر والسلوكيات،  والتقلبات السياسية، والتغيرات الاجتماعية، لازالت تلك المنظمات الدعوية شعاع نور فى مجتمعاتنا فعلينا  أن نُحي الأمل فى نفوسنا ونشحذ الهمم بعمل جاد نحو مستقبل مشرق بإذن الله .

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...