الأربعاء، 21 يوليو 2021

كن إيجابياً... بالحد الطبيعي

كوننا بشر، فمن الطبيعي أن تنتابنا مشاعر مختلفة، وفقاً لما نواجهه في هذه الحياة من مسرات ومكدرات، لذا من الطبيعي جداً أن نعبر عن تلك المشاعر ولا نكبتها، وهذا يتطلب منا التخلي عن فرضية الإيجابية المستمرة أو ما يسميه البعض بالإيجابية السامة، أي أن نكون إيجابيين في كل التجارب  التي تمر علينا،  فهذا الهوس بمفهوم الإيجابية المستمرة له تأثير سلبي على توازننا النفسي.

إن المبالغة في الإيجابية قد يوصلنا إلى الإيجابية السامة أو الضارة والتي نجدها في حياتنا تتشكل وتظهر بعدة صور، فمن تلك الصور على سبيل المثال  :

-       عندما تقع بمشكلة وظروف صعبة ،قد يأتي من هو مقرب عندك ويتجاهل مشاعرك ومعاناتك ،ويخبرك أن «تنظر إلى الجانب المشرق»، بدلاً من الاعتراف بأسباب انزعاجك ومساعدتك في إيجاد حلٍ لها .

-       عندما ترى بلدك تغرق في مستنقع الفساد وترى أثر ذلك بالفتك بالمجتمع وسلوكه ومستقبله، ثم تبدأ بالتعبير عن امتعاضك لما آلت إليه الأمور، إلا وتجد من يتهمك بوطنيتك وإنك ممن يشق صف الوحدة الوطنية.

-       عندما تعبر عن رأيك في بعض المظاهر والسلوكيات  الضارة في المؤسسة التي تعمل فيها، إلا وتجد من يصفك  بأنك صاحب  نظرة سوداوية ومتشائمة، وتجد المسئول في تلك المؤسسة يريدك أن تقفز  معه إلى المستقبل والأحلام ولا يريد منك أن تقف على حقيقة المشكلة لأن الوقوف على حقيقتها تكلفته باهظة بالنسبة له.

-       التظاهر بأنّ كلّ شيء على ما يرام في الوقت الذي لا يكون فيه كذلك .

-       المبالغة في استخدام الاقتباسات والعبارات التحفيزية الإيجابية في غير مكانها.

-       الإحساس بالسوء أو الخجل أو تأنيب الضمير تجاه مشاعرك الحالية (خاصّة إن كانت مشاعر سلبية كالحزن أو الألم أو الغضب...الخ).

إن الإيجابية السامة أو الضارة هي التي  تريدنا أن نتجاوز الألم والمعاناة التي نعيشها من خلال التفكير الإيجابي مما يجعلنا نضغط على أنفسنا بصورة مزعجة لنرى الجانب المشرق من الأمور ونحن غير مستعدين لذلك لا عاطفياً ولا ذهنياً ، لذا علينا أن ندرك إن إخفاء مشاعرنا الحقيقة بصورة مبالغ فيها يمكن أن يسبب لنا ضغوط نفسية كبيرة يكون أثرها النفسي والسلوكي علينا أعمق بكثير من الإيجابية التي نتغنى بها.

 

ختاماً...

إن الإيجابية مفهوم جميل مفعم بالحيوية ولكن ليس على إطلاقه، ولعلنا نحتاج في حياتنا لمفهوم أعمق وأبلغ أثراً منه وهو مفهوم "الرضا" وهو ارتفاع الجزع في أي حكم كان، ويعرّف بأنه سُكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد، بأنه اختار له الأفضل، فيرضى به، وهو باب الله الأعظم، ومستراح العابدين، وجنة الدنيا. قال الله تعالى: "رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ" (المائدة: آية 119).

 

 

كتبه

عمر المطوع

21-7-2021

الكويت

المباركية- السوق الداخلي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...