الأربعاء، 21 يوليو 2021

أثار الابتعاد عن معاني الاخوة فى الله



 

كثير من المؤسسات والجماعات والتيارات الإسلامية تنادى بإحياء معانى الأخوة فى الله التى حثنا عليها ديننا الحنيف، وهذا أمرمحمود ولكن المعايش لواقع بعض تلك المؤسسات والجماعات،  قد يجد بعض الممارسات الخطرة التى تتسلل بهدوء الى تلك المجاميع البشرية فتهدم صفاء وسمو معاني الأخوة فى الله، فتكون الأخوة شعار يرفع  لاحقيقة تمارس، وحينها تضيق دائرة الاخوة فى الله وتنحسر حدودها فى مدى الإنتماء الحزبي ثم يزداد انحسارها فى مدى التوافق مع المجاميع الصغيرة التى تقود المشهد فى تلك المؤسسات و الجماعات، وفى غفلة من الزمن تتحول الاخوة فى الله الى علاقة حزبية أرضية مرتبطة بالنفوذ والقوة والمصالح والمنفعة.

 



إن ابتعاد بعض تلك المؤسسات والجماعات الدعوية عن سمو معاني الأخوة فى الله هو أحد الثغرات التى يتسلل بها الشيطان لينزغ بين االاخوان فتكون تلك المؤسسات والجماعات أبعد مايكون عن القيام بواجب الدعوة الى الله تعالى، ويكون جل أوقات أعضائها فى حل المشكلات والخلافات،  بل ستكون السمة البارزة هو نفور الكثير من الأعضاء عن العمل الدعوى الجماعي والاكتفاء بحسن العهد والوفاء لصدق البدايات التى جمعتهم مع بعض إخوانهم فى الله فى تلك المؤسسة أو الجماعة.

 إن غياب المعانى الأخوية الصادقة ، تجعل العقول ضيقة لأي تنوع فكري ونفسي، ويكون سوء الظن والشخصنة والعناد والرعونه وعدم الوضوح هو الاسلوب السائد فى المواقف ولاعزاء لأي طرح موضوعي منطقي، فحينها ينسحب القدوات والحكماء من هذه المؤسسة أو الجماعة وتبقى خالية من رجالتها ويكون ديدنها التغني بالماضى التليد والتوهم بأنها تؤدي دورها الدعوي المطلوب فى المجتمع وواقع حالها بإنها تتقهقر وتتشرذم وتنحسر.

 

ختاماً:

أترككم مع القصة التى يرويها الداعية الى الله الشيخ عباس السيسى رحمه الله :

يقول رحمه الله :"دعيت لزيارة مجموعة من الشباب، واستغرق السفر إليهم ثلاث ساعات!، وحين وصلت إليهم، وجدتهم قد استقبلوني وهم جلوس! ووجوههم جامدة، ومشاعرهم خامدة، وعيونهم ميتة، قدمني إليهم كبيرهم، فتحدثت إليهم بلا قلب، ولا روح، حتى إذا انتهيت من حديثي، شكرني، وخرجت كأنني كنت أعزي في ميت!! وعدت من حيث أتيت حزينا ً لما شاهدت ورأيت!.

ومضت الأيام والأسابيع، وجاءني الأخ نفسه الذي دعاني أول مرة، جاء يدعوني لأكرر الزيارة مرة أخرى.


فقلت له: إلى أين؟

قال: إلى الإخوة.

قلت له: أهؤلاء إخوة؟ قال: نعم.

قلت: مستحيل أن يكون هؤلاء عندهم تذوق لمعنى الأخوة، كيف يكونون إخوة.. وقد جاءهم ضيف قطع إليهم مسافرا ً أكثر من ثلاث ساعات، جاء إليهم بأشواق متلهفة، وعواطف مشتعلة، ونفس منشرحة؟ فيتلقونه بمشاعر جامدة، وهم جلوس كأنهم تلاميذ في مدرسة، لا تربطني بهم سوى علاقة المدرس في الفصل، فإذا أنهى الدرس خرج لا يلوي على شيء، لا عواطف ولا مشاعر ولا دعوة تجمع بينهم!!

لقد تركتكم كاسف البال، أتحسر على جمود العواطف، وفقدان يقظة القلوب، وحياة المشاعر التي هي سر ّ وجودنا وحيويتنا وانتعاشنا.

أصاب أخي الخجل والحيرة، ثم بادرني يقول: إذا كان الإخوة قد فاتهم هذا المعنى في أول مرة، فسوف أقوم بالتنبيه عليهم، حتى يتداركوه المرة القادمة.فنظرت إليه وقلت: يا سيدي إن هذه المواهب الروحية، واللمسات العاطفية، والأريحية، واللطائف النفسية، والذوق، لا تنهض بها توجيهات أو أوامر، وإنما تنهض بها: موحيات قلوب معطرة بالحب، مشتاقة تواقة إلى توأمها في العقيدة التي تتأجج بها القلوب.

واعتذرت لأخي عن الزيارة، رغم أني مشتاق إليهم، ومشفق عليهم.

 

رحم الله الداعية عباس السيسي، واسأل الله أن يؤلف بين قلوب الدعاة الى الله ويوفقهم إلى إحياء معاني الأخوة فى الله

 


 

                                                                                                         أخوكم

     عمر المطوع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...