السبت، 31 يوليو 2021

إدارة التضاد بين عنفوان الشباب وفهم الشيوخ

 


    المتأمل في حياة الدول والمؤسسات يجد ذلك جلياً في المتصدرين لمشهد الحكم والإدارة، فتجد ذلك الشاب المغتر بقوته وطريقة تفكيره وذلك الشيخ المليء بالفهم والحكمة.

إن نجاح وفشل الدول والمؤسسات مرتبط بصورة أو أخري بمدى القدرة على إدارة هذا التضاد العجيب بين قوة الشباب وفهم الشيوخ، ولــقد بين لنــــــا عبد الملك بن مروان ذلك بوضوح وهو مؤسس الدولة الأموية الثانية حيث قال:" من لا يصبر على أنفاس الشيوخ البُخْر، لا يصلح للحكم"

 

ولقد توقفت عند هذه المقولة كثيراً وأعجبتني دلالتها، على الرغم مما أعرفه عن تاريخ عبدالملك بن مروان وما وقع من ظلم صريح في عهده، وما تحقق من إنجازات كذلك.

 

وإن من عوامل النجاح المهمة للدول المؤسسات ما قاله إسماعيل صبري

 " أواهُ لو عرف الشباب وآهٍ لو قدرَ المشيب"

أي يا ليت الشباب المتصدر للمشهد يفهم  ويا ليت لو قُدر رأي الشيوخ، أو ياليت الشباب لديهم عمق الفهم الذى لدى الشيوخ وياليت الشيوخ لديهم القدرة التى لدى الشباب.

 

 إن النجاح في إدارة هذا التضاد يتطلب وعيًا وحنكة، فما عرفت متطرفاً في فهمه ورأيه إلا وظهر عليه أثر من نقص الوعي باستيعاب المشهد وكيفية التعامل معه بحكمة ودراية، ولعل بعض من يعتقد أن اعتزال واقع الحياة اليومية  سيزيدهم قوة ومهابة مخطئين بفهمهم، فما علموا أن العزلة غالباً ما تكون سبباً  لضعفهم  وتكوين القناعات الخاطئة لديهم ، فمصنع الوعي  يكمن في الصبر على معاناة الاعتدال أي أن نشارك ونعتزل بالمقدار الذى يحقق لنا الوضوح بالفهم والحكمة بالممارسة. 

 

ختاماً

من سمات القيادات الناجحة قدرتها على إدارة هذا التضاد والتباين وتحويله إلى تكامل وانسجام تكون أحد نتائجه تأهيل القيادات الشابة وإدارة انتقال السلطة لها بسلاسة وهدوء من غير تشنجات وخلافات، وعلينا أن ندرك أن الكلام النظري في هذا الجانب يوافق عليه الكثير من القيادات، ولكن ما إن يبدأ التنفيذ الفعلي لهذا المفهوم وتجد التعارض والتأويل الذى يفضى إلى إبقاء الحالة على ماهي عليه تحت شعار:

 

     "ليس بالإمكان أفضل مما كان"


                                                 د.عمر سالم المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...