الأحد، 15 مايو 2011

البشارات

البشارات
                                     بقلم عمر سالم المطوع
                                                     Om4004@hotmail.com

عندما تكون فى زيارة للطبيب  لاعراض مرضية تشكو منها وعند الفحص السريرى بدأ الطبيب  يتلمس بعض الاعراض لمرض خطير جدا ً جداً. حينها طلب منك الطبيب  عينة من الدم للتأكد من خلوك من هذا المرض الفتاك وبينما انت تنتظر النتيجة وإذ بالطبيب يتصل عليك بعد أربعة أيام ويخبرك بضرورة عمل فحص من نوع للتأكد بشكل أدق فلازالت النتيجة الاولية غير واضحة والتحليل الجديد يستغرق  مدة إسبوعين  إضافيين حيث إن التحليل يرسل الى مختبر خارج البلد وبينما انت تنتظر تتنابك أفكار مزعجة فالاهل قلقون والحالة النفسية بين مدٍ وجزر فتأتى أوقات تحس فيها بالتفاؤل واوقات بالتشاؤم  الذى يجعل صدرك ضيقاً وكأنى أراك تكثر من الدعاء والإستغفار والرقية الشرعية   وهكذا الى أن إ نقضت المدة .وبعد وصول النتائج يتصل عليك الموظف الذى يعمل بعيادة الطبيب ويخبرك بضرورة حضورك للعيادة وذلك بناء على طلب الطبيب وبينما انت تستعد وتصلى ركعتين قبل الذهاب الى العيادة تدعوالله فيها بالفرج القريب   . الأن وصلت العيادة وها انت تدخل على الطبيب وإذ به يقوم من كرسيه ويصافحك ويقول : ألف ألف مبروك نتيجة التحاليل طلعت سليمة فالحمدلله ماتحتاجه علاج بسيط من المضاد الحيوى وبينما انت تسمع الخبر وإذ بوجهك ينبسط وتظهر عليك علامات الفرح وتقول للطبيب  لقد بشرتنى عسى الله يبشرك بالجنة. هل نظرت معى أخى القارىء الى هذا الشعور الجميل الذى يظهر أثره على النفس البشرية  عندما نسمع مثل تلك البشارات  . لذا رأيتك عرفت اثرها وجمالها فياليتنا نتحلى بها فى تعاملاتنا ونكون مبشرين لامنفرين فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم عندما بعث أبى موسى الأشعرى ومعاذ بن جبل رضى الله عنهما الى اليمن ((يسرا ولاتعسرا، وبشرا ولاتنفرا، وتطاوعا ولاتختلفا ))  رواه البخارى . وما اجمل ماقا له الشاعر :

إذا قلت كنت للقول فاعلا               وكان حيائى كافلي وضمينى
تبشرُعنى بالوفاء بشاشتي            وينطق نور الصدق فوق جبيني

البشارة و الربانيون
البشارة خلق كريم يتحلى به الدعاة الربانيون فيقومون ويبشرون الناس بعظمة وجمال شريعتنا الإسلامية الغراء.فالبشارة من من صفة الانبياء والمرسلين فقد قال الله تعالى :  ((كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ))البقرة  وقوله تعالى : ((ومانرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن أمن وأصلح فلاخوف عليهم ولاهم يحزنون)) النساء. فانظر ودقق فهمك كيف ان الله عزوجل قدم البشارة على الإنذار فماعلينا إلا أن نُقدم أسلوب البشارة والترغيب فى دعوة الى الله عزوجل  فالأصل فى الحق انه يبشر أصحاب النفوس الصحيحة ويحثها على فعل الخيرات لان تلك النفوس الصحيحة ماإن تسمع نداء الإيمان إلا وتتغير به نفوسهم فيصبحوا من اهل الإيمان فيظهر  البشروالإنبساط على وجوههم  لما تذوقوا من حلاوة الايمان . والبشارة يندرج تحتها معنى الجمال والحُسن فقد  قال إبن فارس قى تعريف البشارة لغة ً: "هوظهور الشيء مع حسن وجمال " 1 و يقول الرازي   " والبشارة المطلقة لاتكون إلا بالخير وإنما تكون بالشر إذا كانت مقيدة به كقوله :  ((فبشرهم بعذاب اليم)) "2.أما  أصحاب النفوس السقيمة التى تبعت هواها وسبل الشيطان  فهو إنذار لهم من عاقبة الشرك بالله والغواية  والإنغماس فى المعاصى والأثام .
مصادر البشارة
وسوف تجد أيها القارىء بأن القرأن الكريم مليء  بالأيات التى فيها بشارة للمؤمنين ولن أحصيها فى هذه المقالة   ولكن تفكر معي فى هذه الاية يقول الله تعالى: (( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين )) النحل  فالله الله فى قرأة القران الكريم وتدبر معانيه  فوالله ستجد فيه كل البشارة والسعادة.  و فى أحاديثه  صلى الله عليه وسلم  مايثلج الصدر ويشحذ الهمة فهو نبراس الهداية والبشارة  صلى الله عليه وسلم  فما إن تمتزج روحك بفهم أحاديثة صلى الله عليه وسلم إلا و تشمر عن ساعد الجد وتجتهد فى الاعمال الصالحة  التى يحبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مستبشرا بأثرها فى حياتك الدنيا  ورصيدها  الوفير فى الأخرة وسوف فى تجد احاديثه صلى الله عليه وسلم ما يحث على الزيادة فى شكر النعم والصبروالإحتساب فى البلاء لذا أضع بين يديك طائفة من أقواله صلى الله عليه وسلم املاً منك تدبرها وقرأتها بتمعن:
  قال النبى صلى الله عليه وسلم : ((بشر هذه الأمة بالسنا والدين والرفعة  والتمكين  فمن عمل منهم عمل  الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب)) رواه الإمام احمد
قال النبى صلى الله عليه صى الله عليه وسلم: ((انا أول الناس خروجا إذا بعثوا وانا خطيبهم إذا وفدوا ، وانا مبشرهم إذا أيسوا، لواء الحمد يومئذٍ بين يدي وانا أكرم ولد ادم على ربي ولافخر)) رواه الترمذى .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( بشر المشائين فى الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة))رواه أبو داود وصححه الألبانى

البشارة فى الدعوة الى الله

إن على الدعاة الى الله ان يشيعوا جو البشارة فيما بينهم وان يستخدموه فى وسائلهم الدعوية لما لذلك من أثر فى بث روح التفاءل فى مجتمع الدعاة  وتقريب المدعوين الى الإلتزام بتعاليم الدين القويم . فللبشارة  أثر كبير فى رفع الروح المعنوية للدعاة بل تساهم بشكل رئيسى فى مضاعفة الجهد والإنجاز فهاهو النبي صلى الله عليه  وسلم فى شدة الظروف التى أحاطت بالمسلمين فى غزوة الخندق يبشرهم ويقول : ((والذي نفسي بيده ليفرجن عنكم ما ترون من الشدة والبلاء وانى لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق أمناً وأن يدفع الله عز وجل مفاتيح الكعبة وليهلكن الله كسرى وقيصر ولتنفقن كنوز هما في سبيل الله)). سنن البيهقى الكبرى
والطريق الى تحقيق البشارة فى بين الدعاة الي الله يكمن فى ثقتنا بنصر الله وتمكينه للمؤمنين، وان نشيع الأجواء  الإيجابية التى تساعد على العمل الدؤوب والإنجاز، وان نكون على حذر من إشاعة الأجواء والاخبار السلبية فعادة مثل تلك الاجواء والاخبار  تؤثر على نفسيات الدعاة وكيان المؤسسات الدعوية .فهاهو الرسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل الصحابي   سعد بن معاذ وسعد بن عباده وعبد الله بن رواحه وخوات بن جبير رضى الله عنهم ليعرفوا موقف يهود بنى قريظة في غزوة  الخندق فقال لهم  صلى الله عليه وسلم : ((انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا فإن كان حقاً فألحنوا لى لحناً أعرفه ولا تفتوا في أعضاد الناس  وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس))3السيرة النبوية لابن هشام.ولقد رأينا كثيرامن الأثار السلبية لمثل تلك الاجواء التى جعلتنا نتكاسل فى سلوك الدعوة الى الله  .  نعم قد تصيبنا بعض الأحداث السلبية والمحزنة ولكن علينا ان ننظر لها بروح إيجابية فكثير من الأحداث عندما ننظر لها بروح سلبية لانجد لها حلاً ولكن  عندما ننظر إليها نظرة إيجابية نجد لها الكثير من الحلول والتصورات التى تجعلنا نحل المشكلة ونتقدم للامام .


باقى المراجع
1و2 نضرة النعيم فى أخلاق الرسول الكريم
فقه السيرة.. الغزالى.    
الرحيق المختوم.. المباركفورى.
الملتقى التربوى

هناك تعليق واحد:

  1. والله ليست مجاملة مقال فوق الرائع الي الامام يااباعبد الله حفظك الله ونفع بك وابشر بسعة رزقك في الدنيا وسلامتك في الدنيا والجنة في الاخرة باذن الله

    ردحذف

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...