الأحد، 15 مايو 2011

الإرث القيادي


 
تأسست في دولنا.. دول الخليج العربي العديد من الشركات والمؤسسات التي تعمل في مجالات متنوعة. وبعد مرور عقود من الزمن على تأسيس تلك الكيانات، دعونا نتساءل عن الارث القيادي الذي خلفه رؤساء مجالس الادارات والرؤساء التنفيذيين لتلك الشركات.
ان الارث القيادي هو مجموعة القيم والصفات الشخصية الايجابية والانجازات التي يصنعها ويوجدها القادة المتميزون والتي تحدث تغييرا جوهريا في المؤسسة، حيث تلحظ انعكاس ذلك في ثقافة المؤسسة وسلوك العاملين فيها وفي متانة وقوة المؤسسة. ان قيادات القطاعات العامة والخاصة عليهم ان يفكروا ويخططوا لطبيعة ونوعية الارث الذي سيتركونه بعد مفارقتهم تلك المؤسسة، يقول غاندي «سيبقى ما فعلته لا ما قلته او ما كتبته». ان من طبيعة الارث الثري الذي تتركه القيادات المتميزة ان ذلك الارث يكون مصدرا للحكمة والمعرفة لكل القيادات التي تتتابع على تلك المؤسسة. بل هو عامل رئيس في تقدم وتطور تلك المؤسسة لا سيما اذا تتابعت على ادارتها قيادات فذة.
ان الارث القيادي لا ينفك عن اي قائد فإذا كان الارث سيئا فسيساهم في انهيار المؤسسة وتكريس ثقافة خاطئة لكل من يتولى زمام المسؤولية بعده الى ان يأتي قائد فطن وهمام يكنس ذلك الارث السيىء ويبني ارثا جديدا يكون نبراسا لكل العاملين.
ان من امثلة الارث القيادي السيئ في بعض تلك المؤسسات مفهوم «الرجل الاوحد» الذي لا يؤمن ببناء نظام مؤسسي مبني على رؤية واضحة تتكامل فيه ادوار العاملين في الشركة لتحقيق تلك الرؤية بل همه الاول والاخير ان يتفرد ويتسلط في اتخاذ القرارات وان يصبح نجما لامعا مليء الجيب يشار له بالبنان في الصحف والمؤتمرات والمنتديات الاقتصادية بل لا يفرح حتى يكون امامه عشرات الصحافيين والاعلاميين.
ومن الارث الايجابي الذي نراه في بعض المؤسسات، ما رأيته خلال حضوري للبرنامج التدريبي المتميز لمشروع «ذخر» في الولايات المتحدة، حيث التقيت بأحد الشباب السعوديين الذي يكمل دراسته العليا في علم Nanotechnology في جامعة CORNELL وهي من الجامعات السبع الكبرى في الولايات المتحدة، وحينما سألته عمن يتحمل تكاليف الابتعاث، فقال لي بكل فخر واعتزاز: انها شركة ارامكو السعودية التي تتكفل بمصاريف الابتعاث لي وللمئات السعوديين. حينها بدأت اقرأ عن الشركة واكتشفت ان من اهم ما يميزها هو الاهتمام بتطوير وتنمية الكوادر البشرية، وذلك من الارث الايجابي الذي غرسه المؤسسون لشركة ارامكو منذ البدايات. لذا فلا عجب ان رأينا التميز الذي تحققه شركة ارامكو الآن. أخيرا لنبدأ بالتخطيط ومن ثم التنفيذ للأثر والارث الذي سنتركه بعد رحيلنا من المؤسسات التي نعمل فيها.

عمر سالم المطوع
كاتب متخصص في الادارة والموارد البشرية


هناك تعليق واحد:

  1. ابداع حقيقي و فكر جديد من كاتب متمرس عملا و قولا .. بوركت الأنامل و نأمل في المزيد

    ردحذف

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...