الأحد، 15 مايو 2011

أفات فى طريق الدعاة


                                                                              بقلم :عمر سالم المطوع
من توفيق الله للعبد ان يجعله داعية إليه ، قال الله تعالي : (( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)فصلت [33] قال الحسن البصري عند هذه الآية : "هذا حبيب الله هذا ولي الله هذا صفوة الله هذا خيرة الله هذا أحب أهل الأرض إلى الله أجاب الله في دعوته ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته وعمل صالحا في إجابته وقال إنني من المسلمين " . ولايخفي عليك اخي الداعية فضل الدعوة الي الله عزوجل وعظيم ثوابها  وكذلك أهميتها وضرورتها لبناء المجتمع المسلم فى ظل تلك الهجمات الشرسة التي تريدنا ان نسلخ من قيم ديننا  الحنيف . لذا إحذر أن توقف مسيرك فى الدعوة الي الله بحجة ان تكتفي بصلاح نفسك واهلك فو الله إن رضينا بذلك  ليتسلل الفساد الى منازلنا والى الأجيال القادمة . والحمد لله نحن فى  نعيش فى زمن وسائل الدعوة الى الله  فيه كثيرة جدا ، بدءاً من الدعوة الفردية الي الشبكة العنكبوتية الي القنوات الفضائية . ولقد أثمر تواجد الدعاة  والعلماء فى تلك الوسائل وخاصة القنوات الفضائية  أثرا طيبا مباركا. ولاشك إن الداعية أثناء ممارسته للعملية الدعوية بشكل خاص او بشكل عام  يتعرض لبعض الأفات والمنزلقات التي تؤدي به الي الهلاك والعطب .  لذا احببت ان أشارك أخواني الدعاة الى الله وأضع بين أيديهم تلك  بعض تلك الأفات  حتي يحذروا منها  وان لاتكون عائقا لهم فى مواصلة مسير الدعوة الى الله .
قال الشاعر :
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه *** ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه

الأفة الأولي: موت القلب
فأحذر أخي الداعية من هذا الداء العضال الذي بدأ يتفشي فى كثير من الدعاة فأصبحت كلماتهم جامدة لا حياة فيها وإنكبابهم على الدنيا أصبح منفرا للمخلصين والمحبين  لهم،  ومن أمثلة ذلك  إنهم قبل أن يلقوا المحاضرة يسألوا عن المكافاة المادية ويحزنون إن لم يتم حجز مقاعد لهم فى الدرجة الاولي وغيرها من الأمثلة المزعجة . يروى إن الإستاذ عمر التلمساني ألقي محاضرة فى أحد الدول العربية وبعد  إنتهاء المحاضرة أتي مسئول التنسيق على المحاضرات ليعطي الأستاذ مبلغا من المال  نظير محاضرته  فأبي الأستاذ ان يأخذ المبلغ وقال لو أعلم إنكم تعطون مال لمن يدعوا الي الله لما أتيت وألقيت المحاضرة فرد عليه مسئول التنسيق ولكن كل المحاضرين يأخذون تلك المكافأت فقال له الإستاذ عمر : ولكني لست من هؤلاء الكل  انما  أنا عبد علي باب الله . قال سيدنا  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه‏:‏ إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة المنافق العليم‏.‏قالوا‏:‏ وكيف يكون منافقاً عليماً قال‏:‏ عليم اللسان جاهل القلب والعمل‏.‏

الأفة الثانية :لاتترك ميدانك الدعوي
لقد إفقتقدنا فى الاونة الاخيرة الداعية الميداني  فلقد ركز الكثير من الدعاة على الظهور الإعلامي وتركوا الدعوة فى  الاحياء التي يعيشون فيها   فلاتجد لهم أثر حتي على أقاربهم . الداعية الهمام  الصادق الذى ما أن يحل فى مكان إلا وتجد نسمات الدعوة الى الله  تنطلق فى المحيط الذى هو فيه والمساجد تعمر بالمصلين ، وجموع الشباب  تعود الى الله . فهو أينما حل وأرتحل يترك أثرا طيبا . فو الأب المربي القدوة لإبنائه وهوالذي يخالط الناس ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم ويتحين الأوقات المناسبة ليدعوهم الى الله وهو الموظف المثابر الذي ينصح زملاؤه ويساعدهم  . فهو مؤثر بمن حوله بحاله ومقاله وكما قيل  " إن دعوة الحال أبلغ من دعوة المقال" . قال سفيان الثوري رحمه الله‏:‏ يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل‏.‏
ولنا في  النبي صلي الله عليه وسلم أسوة حسنة فكان يقول لسادة قريش :" خلوا بيني وبين الناس" . فعن أنس بن مالك قال:    " كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت" البخاري. ولقد سألت السيدة عائشة رضي الله عنها  :"ما كان رسول الله يعمل في بيته قالت: كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِم" حديث صحيح . وهاهو سيدنا أبو بكر الصديق يتولي خلافة الأمة ومع ذلك لم يبتعد عن ميدان الدعوة والتواصل مع الناس فتجده يسارع ليقم بيت المرأة العجوز ولنا فى سلفنا الصالح الكثير من العبر إرجع لها تجد فيها نفع عظيم ويكون زاد  لك فى مسيرك الدعوي  . وممن المواقف التي أثرت فيني  فى عصرنا الحالي هو موقف الشيخ سيد نوح رحمه الله بعد عودته من عملية زراعة الكبد وطلب منه  الإطباء ان لايجهد نفسه  ولكنه  لم يستطع لأن هم الدعوة فى قلبه فهو يجد اللذه والانس فى الدعوة الي الله فعاد وأرتقي المنبر داعيا الله  فرحمه  الله رحمة واسعة
الأفة الثالة : غيبة العلماء والدعاة :                                                                             
ومما يحزن في هذه الأيام مانراه من قدح الدعاة والعلماء بعضهم لبعض فى الجرائد والمجلات حتي إن طلبة العلم والدعاة تجرؤ فى ذلك وأصبحت مجالسهم مليئة بتجريح العلماء والدعاة و المؤسسات والجمعيات الخيرية . قال النبي صلى الله عليه وسلم  (أتدرون ما الغيبة  قالوا الله ورسوله اعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أرأيت إن كان في اخى ما أقول قال فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته ) رواه مسلم . قال النبي صلى الله عليه وسلم  (( إذا أصبح بن ادم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول اتق الله  فينا فإنما نحن بك  فإن استقمت  استقمنا  وان اعوججت اعوججنا ))  الترمذي . قال الحافظ إبن عساكر رحمه الله ((واعلم بأن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن وقع فيهم بالسلب، ابتلاه الله قبل موته بموت القلب)) . قال الشيخ بن عثمين رحمه الله : ((وغيبة العلماء ليست كغيبة عامة الناس لأنّ العلماء لهم من الفضل والتقدير والاحترام ما يليق بحالهم ولأن غيبة العلماء تؤدي إلى احتقارهم وسقوطهم من أعين الناس وبالتالي إلى احتقار ما يقولون من شريعة الله وعدم اعتبارها وحينئذ تضيع الشريعة بسبب غِيبة العلماء ويلجأ الناس إلى جهالٍ يفتون بغير علم)). ومن جميل ما قاله الأمام البنا  في ذلك وهويوصي الداعية فى الله  : ((تجنب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ولا تتكلم إلا بخير))


و فى الختام  لمن يريد ان يستزيد فى معرفة تلك الأفات على وجه التفصيل فليرجع لكتاب أفات على الطريق للشيخ د. سيد نوح  رحمه الله وكذلك إحياء علوم الدين- للامام أبوحامد الغزالي رحمه الله
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم

المراجع :
إحياء علوم الدين – الغزالي

أفات على الطريق – سيد نوح

هناك تعليق واحد:

  1. حياك الله اسال الله ان يطهر قلوبنا ويحفظنا من هذه الافات جزيت الجنة يا استاذنا الفاضل

    ردحذف

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...