الأحد، 15 مايو 2011

دعوة الى ترك الجفاء

                                                                                          
   يتعرض الكثير منا فى حياته اليوميه الى بعض أجواء الحوار والنقاش ذات الشحنة الكهربائية العاليه  التى تسبب أصابات خطيرة على:( سلامة الصدر – صفاء العلاقات الاخوية-حسن الظن- حسن الخلق...)وغيرها من الأخلاق الكريمة والصفات الفاضلة التى يجب ان يتحلى بها الدعاة الى الله .وكذلك  نجد من يجفو ويهجرمن له الفضل في هدايته وتربيته وصلاح أمره وتجد الأخر يجفو إخوانه وأقرانه فى الدعوة إلي الله الذين طالما جلس معهم فأفادوه وأفادهم . وإذا سألته ما هذا الجفاء رد عليك قائلاً{ الاخوة لا يقدرون _أمضيت سنين في الدعوة ولا أحد يبادر معي، …… } إلى غيرها من الردود التي قد تصدر منا ويغلب عليها فى كثير من الأحيان انتصاراً لأنفسنا وموافقةً لطبائعنا.
  فمن الجميل أن يبدى الواحد منا وجهة نظره ورأيه فى جلسات الحوار والمناقشه ولكن الاجمل من ذلك ان تكون له القدرة على ضبط إنفعالاته فى حالة النقاش وأن  يتحلى بحسن الخلق وحسن الظن بإخوانه فى الله وان لا يتجاوز حوارنا الى حد الخصومة والجفاء الذى نهينا عنه شرعا. فالألفة والتالف والتآخي في الله من ثمرة حسن الخلق فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: { المؤمن إلفٌٌ مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف } رواه أحمد والطبرانى.
وإليك أخى الكريم وإختى الكريمة بعض الوسائل التى تعينك فى التغلب على الجفاء الذى قد يصيب علاقتنا الاخوية:

المناصحة والمصارحة:
 مصارحة إخوانك الذين تجفو عليهم بالتصرفات  التي تصدر منهم وتضايقك واحرص أن تكون تلك المصارحة والمناصحة خالصة لوجه الله تعالى وبإطار أدب النصيحة وأن تكون بإسلوب لطيف وفى وقت مناسب وأعلم ان ماتقوم من النصيحة هو الطريق الصحيح الذى يجنبنا اجواء البغض والشحناء فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : ((بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم)) . متفقٌ عليه . قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سرًا".
العفو .. العفو:
ياليتنا نقرأ السيرة العطرة ونرى كم لاقى النبى صلى الله عليه وسلم من إيذاء فى نفسه وأهله وإصحابه من قبل قريش وبعد هذا يصفح عنهم وهو فى قمة إنتصاره -فأسأل الله أن يجملنا باخلاق النبوة-: فلما فتح النبي – صلى الله عليه وسلم  - مكة سنة ثمان من الهجرة قال لقريش:«ماترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن اخ كريم، فقال ((اذهبوا فأنتم الطلقاء)). فالعفو عن الزلات والهفوات من صفات إخوان الصدق وماأجمل ماقاله الامام أبو حامد الغزالى رحــــــــمه الله: (( وهفوة الصديق لا تخلو إما  أن تكون في دينه بارتكاب معصية أو في حقك بتقصيره في الاخوة أما ما يكون فى الدين من ارتكاب معصية والإصرار عليها فعليك التلطف في نصحه بما يقوم عوده ويجمع شمله ويعيده إلى الصلاح والورع أما تقصيره فى حقك الأولى العفو   والاحتمال فقد قيل ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذراً فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك فتقول: لقلبك ما أقساك يعتذر إليك أخوك سبـعين عذراً فلا تقبله فأنت المعيـب لا أخوك )). يقول الإمام الشافعى رحمه الله:
                 
               ولما عفوت ولم احقد على أحدٍ * * * أرحت نفسي من هم العداوات
إختلاف الطبائع:
يجب أن نعلم إن الناس أجناس وطبائع واخلاق فتجد بعضهم طبيعته الشده في التعامل والأخر كثير الكلام قليل العمل وغيرها من أصناف الناس التي قد نتعامل معهم فلقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الناس معادن كمعادن الفضة والذهب, خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا, والأرواح جنودٌ مجندةٌ, فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك, والسهل والحزن والخبيث والطيب" سلسلة الأحاديث الصحيحة لذا يجب عليك أن تكون حذقاً فطناً تعرف التعامل معهم جميعاً وتكون محبوباً بينهم حتى تؤثر فيهم بما تحمله من خير وإياك والمداهنة وإن لم تصبر فى تعاملك معهم فلا تقصر في حقوق الأخوة ولا تنسى طلاقة الوجه وما أجمل ماتمثل به الشعراء فى ذلك:
                        الناس شتى إذا ما أنت أذقتهم * * * لا يستوون كما لا يستوي الشجر
                           هذا لـه ثمر حـلو م
ـذاقه * * * وذاك ليـس له طـعم ولا ثمـر
                                            *******************
                        الناس كالأرض ومنها هُُمُ *** فمن خَشنِ الطبع ومن ليِّنِ
                           فجنـدلٌ تدمـى بـه أرجـلٌ *** وإثـمدٌ يـُوضـع في الأعـينِ
التربية الإيمانية ورقيُ الإحساس :
علينا أن نربى أنفسنا التربية الإيمانية التي تجعلنا ذات إحساس راقي  نستشعر أثره  في التعامل مع ما قال الله عز وجل وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم . فلقد قال الله تعالى : { إنما المؤمنون أخوة  } سورة الحجرات وقال الله عز وجل فى الحديث القدسي.(( المتحابون في جلالى لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء)) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (( مثل المؤمنين في توادهم وترحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) رواه مسلم.والحديث الآخر الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم(( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) متفق عليه. والآيات والأحاديث واقوال الصالحين في ذلك كثيره ولكن تريد من يتلقى للتنفيذ.
الدعاء بظهر الغيب :
أن ندعوا لإخواننا بظهر الغيب ندعوا لهم بالتوفيق والصلاح .ندعو لهم بدوام نعمة التآخي فى الله ندعوا لهم بما نحبه لأنفسنا. ودعائك أخى الحبيب لأخيك بظهر الغيب يؤكد محبتك الصادقة لأخيك وأعلم إن الدعاء بظهر الغيب  من أسرع الدعوات إجابة قال صلى الله عليه وسلم: (( أسرع الدعاء إجابةً دعاء غائب لغائب)) رواه البخاري.
وفى الختام هي دعوه إلى ترك الجفاء  و الشحناء مع إخواننا وأحبابنا  وما اجمل ما قاله الشافعي رحمه الله:
إذا لم يكن صفوِ الودادِ طــبيعةً * * * فلا خـير في خـلٍ يجيء تكلفا
ولا خــــــير في خلٍ يخون خـليلـه
* * * ويلقـاه من بعدالمـودة بالجفـاسلامُُ على الدنيـا إذا لم يكن بها * * * صديقُُ صدوقٌٌ صادق الوعدِ منصفا

والحمدلله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...