الثلاثاء، 10 مايو 2011

الشيخ السيد محمد نوح رحمه الله


                                          
                                                                              

   تأثرت به  وأحببته من قبل أ ن أراه  حيث كنت استمتع بقرأة كتابه حتى إنى قمت بتلخيص ما فيه  وذات يوم أخبرنى أحد الأخوة بوجود محاضرة   لأحد   العلماء الدعاة  حول موضوع ((الثبات وحفظ الله للدعاة )) وذلك على حسب ذاكرتى  حيث مضى على تلك الحادثة قرابة ستة عشر عاما  فما إن تواجدنا فى مكان المحاضرة وكانت فى بيت احد الاخوة الكرام  وإذ بالشيخ المحاضر يدخل علينا وعليه سمات المؤمنين الصادقين   حيث قام احد الاخوة بالتعريف به وبعنوان المحاضرة وما إن سمعت إسم الشيخ المحاضر إلا وإنتابنى فرحة عجيبه فسألت أحد الأخوة الحاضرين لكى اتاكد أهو صاحب كتــــــــاب   (( افات على الطريق)) فقال: لى نعم  . فبدا الشيخ بالمحاضرة  وبدأت علامات التأثر تنتاب الحضور  فمنهم من دمعت عينه ووصحح فهمه ومنهم من شحذت همته لسلوك طريق الدعوة الى الله  حتى إنتهت المحاضرة فقلت فى نفسى الله اكبر الله اكبر لقد اكرمنى الله عزوجل برؤية العالم والداعية الربانى الشيخ السيد محمد نوح  رحمه الله والحمدلله فقد اكرم الله بلادنا بإقامته فيها  .ولقد إلتقيت بعد ذلك بالشيخ السيد محمد نوح مرات عديدة  فكم إستمتعنا  بتلاوته للقرأن  فى صلاة العشاء فى مسجد الجامعة بالشويخ  حيث كنا نحضر درس(( فيض القدير)) للشيخ د. محمد فوزى فيض الله  أطال بعمره  وألبسه لباس الصحة والعافيه.
   وحيث إنى تأثرت كثيرا فى قرأتى لكتاب (أفات على الطريق) وهو ذو اربعة اجزاء فاقول ان من الواجب علينا كدعاة الى الله أن تعرف على معالم طريق الدعوة كي نعد العدة وناخذ اهبتنا  ولعل من اهم تلك المعالم الافات التى تصيب الدعاة الى الله فتجعلهم يتخلفون عن القيام بواجبهم الدعوى  فيقعدون على حافة الطريق فياتى الشيطان وجنده فيخذلهم عن مواصلة السير الى الله والدعوة إليه فعن أبي إدريس الخولاني- رضى الله عنه- أنه سمع حذيفة بن اليمان -رضى الله عنه-  يقول: ((كان الناس يسألون رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني)) سلسلة الاحاديث الصحيحة . لذا اجد من الضروى فى زخم الثورة الإدارية التى تجتاح العالم  وتركز على فنون الإدارة والنجاح وغيرها من المواضيع التخصصية التى إستفاد منها بحمد الله الكثير من إخواننا  والتى  ساهمت فى ترتيب بعض ممارساتنا الدعوية   ان  لانغفل عن الافات التى تصيب الدعاة الى الله  وتصدهم عن الطريق  كالفتور و الإعجاب بالنفس والراي الى أفة  العزلة والتفرد   وغيرها الكثير التى ساهم الشيخ السيد محمد نوح رحمه الله  فى توضيحها للدعاة العاملين. 
  وياليت ان يكون للمؤسسات الدعوية مراكز للبحث والتطوير  تعتنى بنشر البحوث والتقارير التى تساعد الدعاة فى  تطوير ممارستهم الدعوية  فتقوم برصد  الظواهر الإيجابية فى المجتمع  وكيفية الإستفاده منها لنشر الخير  وتقليل حجم الشر وكذلك تقوم وتعتنى بتهيئة الدعاة ليمارسوا دورهم الدعوى على بصيرة وفهم فتعلمهم فنون الدعوة ووسائلها وتنبههم من الافات التى قد  يصابون بها  بل أكثر من ذلك فتقوم بدراسة الظواهر الدخيلة على المجتمع الإسلامى وكيف يتعامل معها الدعاة ان المساهمة فى إنشاء مثل تلك المراكز يساهم فى نهضة الامة وتجميع الجهود والطاقات فوالله إن لدى إخواننا الدعاة رصيد وافر من الخبرات التى تحتاج الى تجميع وتنقيح وطريقة عرض مميزة  حتى تعم فائدتها لامة محمد صلى الله عليه وسلم
إن رصد ممارستنا الدعوية وقياسها ودراسة أثرها له دور فى جمع الصف ووحدته  إن مما يحزننى من تلك الصور والممارسات  التى قد يكون من نتائجها الإصابة ب "أفات الطريق" عندما ارى صنف من  الأخوة الدعاة يقدسون نظام المؤسسة الدعوية  ولهم فضل كبير ولاننكره ومتواجدين طوال الوقت لخدمة المؤسسة الدعوية ولكن يضيق صدرهم بالمراجعات التى تصحح المسار بل قد يحاربونها بحجة وحدة الصف الدعوي و الصنف الاخر همه وشغله الشاغل نقد عمل المؤسسة الدعوية  والتنظير الممل الممزوج بالإثارة والضوضاء الذى لايصحبه عمل وإذا طلب منه أداء عمل دعوي ما  تلكأ فى ادائه واعتذر . والصورة الاخرى التى أستغرب منها عندما أرى بعض إخواننا الدعاة منهمكين فى العمل الإدارى التنظيمى للمؤسسة الدعوية  وعاجزين عن أداء دورهم الدعوى البسيط فى الحي الذى يسكنون فيه  او فى الوظيفة التى يعملون بها.
ومن جميل ماكتب الشيخ سيد نوح رحمه الله (( شخصية المسلم بين الفردية والجماعية)) وهو مطلب ضرورى للدعاة حتى يتحقق التوازن بين (أنا) (ونحن) حيت كثير ما أشير الى ذلك فى مقالاتى لإعتقادى بأهمية ذلك للأجيال الدعوية  وبالاخص للجيل الجديد فيقول رحمه الله :((وتعد الفردية أي الإعتداد بالنفس ،والحفاظ على ذاتيتها وإستقلالها وكذلك الجماعية أي الميل الى العيش فى جماعة  والتعايش معاها من الغرائز الأساسية المزدوجة فى الكيان الإنسانى ...وهذا التوازى مع التقابل او التضاد إذا احسن توجيهه ووضع فى مساره  الصحيح فإن له دوره الإيجابى وأثره الفعال فى النفس البشرية وفى واقع الحياة )) وللإستاذ  محمد قطب حفظه الله كلام جميل فى ذلك فيقول: ((الفردية والجماعية من الخطوط المزدوجة فى كيان الإنسان ،هذا الخطان المتناقضان :إحساس الإنسان بفرديته وإحساسه بالميل الى الإجتماع بالأخرين ، والحياة معهم  كواحد منهم ، وهذه الظاهرة  ذات أثر بالغ فى الحياة البشرية ... فكيان المجتمع كله قائم على محاولة التوفيق بين هذين الخطين ،كل منهماحقيقة ، وكل منهما أصيل  والتناقض يحدث فى باطن النفس ،كما يحدث الإضطراب فى واقع الحياة ، حين تزيد النسبة المقررة لكل واحد ، فينحرف عن مساره ويعتدى على مسار الأخر  ويشده إليه ، أما حين يأخذ كل منهما مداره الصحيح ، فلن يحدث التنافر بين الفرد والجماعة او يحدث الشقاق)) .كما إن للشيخ نوح رحمه الله بحوث علمية  متخصصة  فى الدعوة الى الله وعلوم الحديث النبوى  الشريف وغيرها من الاعمال العلمية والعملية الكثير التى كان لها دور مبارك ومؤثر فى  العمل الدعوى على صعيد العالم الإسلامى.ولله در القائل حين قال:
 خذ لك زادين من سيرةٍ *** ومن عملٍ صالح يدّخر
وكن في الطريق عفيف الخُطى *** شريف السماع كريم النظر
                                           وكن رجلاً إن أتوا بعده *** يقولون مرّ وهذا الأثر

  وكان اخر لقاء لى بالشيخ السيد محمد نوح رحمه الله فى صيف عام 2007 وذلك قبل وفاته بايام قليلة  فلقد دخلت عليه غرفة العناية المركزة وإذ بالمرض قد انهكه بسبب داء الكبد  ولقد أخبرنى احد القريبين منه بانه فى  شدة المرض وقبل ان يدخل المستشفى كان  يتحامل على نفسه ويمارس دوره الدعوى ويشارك فى المؤتمرات العلمية والمناشط الدعوية، اعود فأقول إنى دخلت عليه غرفة العنايه وإذ به يشخص إلي ببصره مع عدم قدرته على الكلام وكان دائما يحرك إصبع السبابه على هيئة التشهد فى الصلاة  جلست برهة قصيرة ولم أتحمل رؤية الشيخ على هذه الحال فخرجت متأثرا باكيا ومتدبرا كيف يعيش العلماء الربانيون  حينها تذكرت قول سيدنا عيسى عليه السلام عندما سألوه فقالوا له: من نجالس؟ فقال: عليه السلام: ((جالسوا من تذكركم الله رؤيته ومن يزيد فى عملكم كلامه ومن يرغبكم فى الآخرة عمله)) فوالله إن جميع تلك الصفات وجدتها فى الشيخ السيد محمد نوح رحمه الله فأسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته .



د.عمر المطوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...