الأحد، 15 مايو 2011

سراجك يزهر

                                  سراجُك يُزهر
                                                                              عمر سالم المطوع
إن سراجك لايزال ينير لك الظلمة ولكن ربما قل شعاعه فى ساعة ضعف وفتور ولكن سرعان ما تراه يزهر مرةً أخرى لأن أصل الإيمان ومحبة الله ورسوله أرسخ فيه من أصول الشهوات والاهواء. وذلك ما قرره الصحابي الجليل حذيفه بن اليمان رضي الله عنه حينما قال: (( إن في قلب المؤمن سراج يزهر)) أي: يتألق ويسطع سناه . فالله الله فى إصلاح القلوب وتجديد التوبة مع علام الغيوب فهو سبحانه يُحب التائبين فقد قال تعالى: {إن الله يحب التوابين ويحــب     المتطهرين} البقرة . ففى التوبة النصوح الفلاح والنجاح والسعادة والإنشراح فقد قال الله تعالى : ((وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) سورة النور. وتامل ما قاله حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم وهويبشرك  بفرحة الرب جل علاه بتوبة عبده : (( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها أي بحبلها ثم قال من شدة الفرح ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك )) رواه مسلم
بتجديد التوبة نبدأ طريق الدعوة
يقول الإستاد محمد أحمد الراشد: (( فدعوة الإسلام اليوم لاتعتلى حتى يذكى دعاتها شعلهم بالليل ولا تشرق أنوارها ويتحقق نصرها مالم تلهج ألسنة دعاتها من قادتها وجنودها بقول {لاإله إلا أنت سبحانك  إني كنت من الظالمين} )).كم نحن بحاجة الى توبة نصوح تشرق انوارها على قلوبنا فتُشحذ نفوسنا وتصفى قلوبنا فننطلق فى مسير الدعوة الى الله  . ولا يكون  ذلك إلا بالمداومة على الطاعات وتصفية القلوب من  المعاصي والسيئات ،وتحليتها بالفضائل والصفات الحسنة حتى يزهر سراجك بإذن الله. يقول الإمـــــام البنا رحمه الله: ((دقائق الليل غالية فلا ترخصوها بالغفلة)).فالحذر الحذرمن تلك الغفلة المتواصلة التى جعلتنا نتخبط السير فنُقدم ماحقه التاخير ونؤخر ماحقه التقديم حتى إختلت عندنا الموازين وضعفت نفوسنا  فكثر من بيننا أصحاب المصالح والمطامع . الغفلة التى قد يصورها البعض بغير حقيقتها  بل قد يؤصلها شرعيا  فتزداد الإنتكاسة  ويزداد الضعف  يقول احد الصالحين :" توبة العوام تكون من الذنوب وتوبة الخواص تكون من الغفلة "



يقول الشاعر :
فكم أنت تنهى ولا تنتهي وتسمع وعظاً ولا تسمع
فيا حـــــجر الـــــــــــــــسن حتى متــــــــــــى تســــــــنُ الــــــــــــــحديد ولا تـقــــــــطع

إحذر الإصرار وكثرة الاعذار
والافة القاصمة التى توقعك فى الهلاك هى الإصرار على الذنب والرضا النفسى بذلك . والإصرار هو عزم القلب على فعل الشيء وترك الإقلاع عنه ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة ذلك فقال: ((إياكم ومحقرات الذنوب ،فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وذا بعود حتى حملوا ما أنضج خبزتهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه )) . وهاهوإبن عطاء الله رحمه الله: يصف لك مكمن الخطورة فيقول : ((أصل كل معصية وغفله وشهوة الرضا عن النفس واصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا منك عنها ولإن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خيرُُ لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه فأي علم لعالم يرضى عن نفسه وأي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه))  . أما سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقد  أعطاك المؤشر التى تعرف فيه ذلك  وهو كثرة إعذارك لنفسك : ))إياكم والمعاذير فأن أكثرها كذب  ((فهى   بلاشك كذب العزيمة والإرادة والهمة قال الله تعالى:(( فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم)).وكم وجدنا فى انفسنا قبل الإقدام على الطاعة من تثاقل وكسل وحديث نفسى يبرر ذلك التقاعس ولكن ماإن نتعوذ من الشيطان الرجيم ونبادر بالطاعة إلا و يزول ذلك التثاقل  وتلك النظرة التصعيبية للأمور المراد فعلها فالطاعة معانٌ عليها  بفضل الله .
تيقن وتذوق حلاوة الطاعة
فى بداية طريق التوبة قد لاتستشعر حلاوتها فلازلت قريب عهد بذنب ولكن باليقين والإستغفار والمداومة على الطاعات  ستجد ذلك فكما إن  للمعصية عقوبة فإن للطاعة لذة لا يدركها إلا أصحاب الطاعات الصابرين عن الشهوات والسيئات فالله يورثهم سعادة في القلب ومحبة في نفوس الخلق  فتجد المؤمن يأنس بالجلسة البسيطة مع إخوانه في الله مما لا يأنس به أصحاب الملايين في لهوهم وحفلاتهم
وختاما لنرفع شعار التوبة  عمليا ونواظب على الطاعات ونبكر للصلوات حتى تزهر سُرجنا ونُلحق بالصالحين فاللهم أمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم



 المراجع :
  1. إحياء علوم الدين
  2. الحكم العطائيه
  3. العوائق+ الرقائق  الراشد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...