الثلاثاء، 10 مايو 2011

ظاهرة الرجل الواحد

                                                                 ظاهرة  الرجل الواحد
                                                                                                   بقلم : عمر سالم المطوع*
                                                                                                                                
 ولقد قامت تلك المؤسسات المالية بطرح المنتجات والصناديق  والمشاريع الإستثمارية المتنوعة من خلال فرق توظيف الإستثمار  وحملات الدعاية والتسويق التي تجمل تلك الفرص الإستثمارية بخلاف حقيقتها  ، فما إن تجتمع مع ممثلي تلك الشركات وتقرأ الملخص التنفيذي الجميل لتلك الفرصة الإستثمارية الممهور بإسماء مؤسسات إستشارية معروفة إلا وتقول تلك هي الإحترافية الإستثمارية التي طالما سمعنا عنها من قبل وتلك هي العوائد المجزية المبنية على المشاريع الحيويه. وهكذا بدء المستثمرون يتداعون ويخبرون اصحابهم وأقاربهم بتميز تلك الفرص الإستثمارية حتي إن تغطية رأس مال  الصناديق والشركات التي تحت التأسيس قد لا يستغرق اكثر من إسبوعين مع العلم إن راس المال عادة  ما يفوق  100 مليون دولار بل الأمر تعدي ذلك واصبح هناك قوائم إنتظار لتلك الفرص الإستثمارية  وبدء المساهمون يتداولون أسهم تلك الصناديق والشركات من قبل ان تبدا أي نشاط تجاري  بمعني إن راس مال الشركة  لازال نقدا موجود فى البنوك وهذا التداول  لايجوز عند طائفة كبيرة من علماء الشريعة  فهو نقد مقابل نقد .حتي إن احد المستثمرين  أخبرني بانه إشتري  أسهم شركة عقارية ب 110 فلس للسهم الواحد وقام ببيعه خلال شهر واحد بسعر 170 فلس من خلال سوق "الجت" أي  إن الربح يقارب 60%  حتي إن أصحابه  قاموا يلومونه علي إستعجاله ببيع الأسهم  حيث أخبروه إن سعر السهم سيصل 250 فلس خلال ثلاث شهور من الان وذلك بناء على معلومات صادرة من الرئيس التنفيذي  للشركة . وهكذا إنفلت العقد وبدء تفريخ الشركات يؤتي ثماره العاجلة القاتلة  علي مرأي ومسمع  من مجالس إدارات الشركات  و الإدارات التنفيذية والجهات الرقابية فى الدوله . فما إن تقوم بزيارة تلك الفروخ من الشركات لمعرفة اداءها الا وتصدم بان عدد الموظفين لايتجاوز أصابع اليد الواحده وليس لديهم أي  خطة ولا أي صلاحيات إستثمارية بل إن جميع قرارتهم تصدر من خلال توجيه مباشر من قبل المدير العام  لشركة الام او الشركة الراعية لذلك الفرخ الإستثماري مع إن نسبة مساهمتها  لا تتجاوز 10% فى ذلك الفرخ الإستثماري ولكنها تتحكم فيه كما لوأنها تملك اغلبيه الأسهم .
إن الظاهرة  الإدارية الاوضح التي تزامنت  مع تلك الفترة وهي ليست بجديدة على امتنا العربية وكانت سببا رئيسيا فى تخلف العديد  الشركات فى القطاع الخاص وتأخر التنمية البشرية للعاملين ،هي ظاهرة الرجل الواحد الذي لايؤمن ببناء نظام مؤسسي مبنيٌ على رؤية واضحة تتكامل فيه ادوار العاملين في الشركة  لتحقيق تلك الرؤية  بل همه الأول  والأخير ان يتفرد ويتسلط في إتخاذ القرارت وأن يصبح نجما لامعا يشار له فى البنان فى  الصحف والمؤتمرات والمنتديات الإقتصادية . والناظر لتلك المؤسسات المالية من الخارج يعتقد إنها  نموذج الأمثل للمهنية الصحيحة فهي تؤمن بمبدأ فريق العمل الجماعي وتفويض السلطات والإختصاصات وتدريب الكوادر البشرية و تأهيل القيادات الإدارية المتميزة  ولكن للاسف من يتفحص وضعها من الداخل يجدها قائمة على مبدأ منقوش بأحرف الطمع والجشع وهو "  انا انا ولا أحد غيري أنا الأمر الناهي ومن لايعجبه ذلك فليضرب رأسه بالحائط " فتجد ذلك المدير العام او العضو المنتدب يعشعش فى منصبه عشرات السنين ويُعين مساعدين  له من النوع " البصام " كما فى اللهجة الكويتية ،ويتفنن  كذلك فى إزهاق طموحات الشباب الكويتي الواعد وتسفيه أرائهم المبنية على الدراية والعلم مما يضطرُهُم  الى مجاراته  ومداهنته  للحصول على الترقية والمسمي الوظيفي الذي يجعلهم يواكبون متطلبات الحياة المادية اليومية .
 وبعد  تلك الإخفاقات التي رأيناها من الإدارات التنفيذية للشركات التي كرست الصورة السلبية فى أذاهننا   .  أما آن  لهم بعدما جعلونا نجتر مرارة ونتائج تلك الممارسات  الإدارية السيئة التي  تجلت بوضوح فى الأزمة المالية العالمية  ان يقفوا  وقفة تجرد ومحاسبة  يعيدوا النظر فيها  بممارساتهم الإدارية   التي خسرت المساهمين الكثير و أفسدت سلوك الكثير من العاملين فى تلك المؤسسات حتي إن الأغلبيه منهم أصبح فى حيرة من أمره وبدأ يعتقد ويتبني  ذلك المنهج الإداري  الفاسد ،أما آن لهم ان يعيدوا سمت اهل الكويت الاوائل الذين تميزوا بالصدق والامانه والتواضع ، أما آن لهم  ان يلتزموا بأخلاق  المهنة فى المعاملات المالية ويطبقوا مقاصد الشريعة الإسلامية  فى الشركات التي رفعت شعار "وفق أحكام الشريعة الإسلامية " ، أما آن  أن يكون للجمعيات العمومية للشركات دور فعال وحيوي فى محاسبة الإدارت التنفيذية وأن لاتكون جمعيات شكلية يردد  فيها كالبغبغاء  كلمة "موافق..موافق "  علي بنود جدول أعمال الجمعية  ، أما آن لهم أن  يفتحوا العقول والأبواب لتشجيع  الشباب الكويتي للإنجاز  والتميز..... وأخيرا أيها القارئ الكريم هناك امنيات كثيرة وطموحات مشرقة قد تجول فى خاطرك  دونها الأن وإبدأ بتطبيقها وفق خطة مدروسة   وستجد ثمارها  النافعة ونتائجها الباهرة  أمامك ولوبعد حين.


هناك تعليق واحد:

  1. الله يوفقك في طرح مثل هذه الآراء المميزة
    شكرا على المدونه
    وفي انتظار المزيد

    ردحذف

مأسسة الفوضى

  عندما نتأمل  حال بعض المؤسسات، ونرى الفوضى والتحول الذى يجرى على بعضٍ منها ، قد يتسائل البعض  منا ؛ هل  من الممكن أن تكون تلك الفوضي مقصود...